لعل المشهد الأخير في تركيا،لن يقتصر على زيادة معاناة الأفراد،بل سيتجاوزه نحو ظروف أسوأ مثلما حذر ويحذر منها بعض قادة الاتحاد الأوروبي.
يستنسخ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تجربة نظام الحكم الإيراني داخل بلاده في تركيا، سيما وأن العلاقة بين النظامين التركي والإيراني في عهد أردوغان وخامنئي تتجاوز الإطار الرسمي وحدود العلاقات الدبلوماسية، لتصل إلى مفردات الصداقة الشخصية والتماهي التام في المصالح والأجندات.
ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية والسياسية للدولة التركية، شرع أردوغان مؤخراً بتطبيق نموذج حكم ملالي طهران من خلال قرارات غير دستورية بحسب معارضيه، وآخرها إنشاء جهاز أمني يسمى بقوات الإمداد، وهذه القوة الأمنية الغامضة متعددة الجنسيات لن تكون خاضعة أبداً لسلطة القانون التركي المعمول به.
ولايُستبعد أن تضم تلك القوة الجديدة في صفوفها عدداً من المرتزقة من مختلف دول العالم، الذين منحهم أردوغان الجنسية التركية على مدار السنوات الماضية، وليس من المستغرب كذلك أن يتم إرسال عناصر هذا الجهاز لاحقاً إلى ليبيا أو سوريا وحتى قطر، وتلك دول كما هو معروف يتدخل فيها أردوغان، وتعيث فيها مخابراته فساداً وخراباً كل يوم.
وتشبه هذه الفرقة المسلحة العتيدة إلى حد كبير ميلشيا الباسيج الإيرانية، وربما تكون نواة لحرس ثوري تركي على غرار ما يوجد في إيران، تمهيداً لإعلان الرئيس أردوغان نفسه مرشداً عاماً للجمهورية التركية، فهو المهووس بالسلطة والحالم بالبقاء في الحكم كما تقول وسائل إعلام محلية تركية.
وإذا كان الإيرانيون يتضورون جوعاً، ويعانون من الفقر والبطالة وانعدام سبل العيش المستقر نتيجة تصرفات حكامهم، فإن جيرانهم الأتراك ليسوا بأفضل حال منهم، في ظل مغامرات أردوغان التي لاتنتهي، فالاقتصاد التركي منهارٌ بشكل كامل، والعملة الوطنية فقدت وتفقد كل صباح الكثير من قيمتها، ومعدلات الجريمة المنظمة في تزايد بسبب الفساد والممارسات الحكومية الفاشلة.
ومحاكاة النموذج القمعي في إيران داخل أقبية السجون التركية، أفرزت العديد من التجاوزات الخاصة بحقوق الإنسان، فالمحامية التركية إبرو تيمتيك التي فارقت الحياة قبل أيام داخل أقبية سجون أردوغان، لم تُزهق روحها فقط بسبب الإضراب الطويل زمنياً عن الطعام، بل هناك روايات لزملائها تفيد بتعرضها للتعذيب على يد رجال الرئيس.
ولعل المشهد الأخير في تركيا، لن يقتصر على زيادة معاناة الأفراد، بل سيتجاوزه نحو ظروف أسوأ مثلما حذر ويحذر منها بعض قادة الاتحاد الأوروبي، وهم يتحدثون عن مستقبل مظلم يتربص بالشعب التركي المنكوب، فأردوغان الذي يدعم لتنظيم الإخوان المسلمين، لن يتوانى عن إراقة دماء الأتراك في سبيل الإمساك بزمام الحكم، ورفض أي استحقاق انتخابي مفترض أو مبكر، فهو قد فعل الأمر نفسه في شمال سوريا والعراق وغرب ليبيا.
ومسألة تقييم تركيا كدولة فاشلة في ظل وجود أردوغان داخل القصر الرئاسي في أنقرة، أصبحت من الماضي كون تركيا اليوم دولة مارقة، تتبنى الإرهاب وتعمل على تصديره لدول الجوار الأوربي أو العربي، ويحفل سجلها الآن بنقاط سوداء ظاهرة ومرتبطة بغسيل الأموال، وتغطية أنشطة الجماعات المتطرفة .
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة