أردوغان تراجع رغم أنفه والرضوخ للضغط الأمريكي ووقف العدوان على شمال سوريا يُعَد انتصارا للأكراد.
أثبتت الأيام أن العدو التركي (أردوغان) لا يقل خطرا عن النظام الإيراني (الملالي) وأن كلاهما أسوأ من الآخر في عداوة العرب وإضعاف المسلمين وتقويض قوتهم والإساءة لهم وتشويه سمعتهم، وأنهما لم يكونا في أي وقت (الماضي والحاضر) وربما في المستقبل من أصحاب النوايا الحسنة لدول وشعوب المنطقة، والتي ظهرت في الكثير من المواقف والملفات وثق التاريخ بعضها بالدم وأنها مليئة بالخبث والتآمر والخيانة، وأن ما يحدث حاليا إنما هو امتداد للسجلات الإجرامية القاصي والداني أصبح يعلم أنهم يملكون حقدا دفينا على كل ما هو عربي.
لهذا نجد أن العدوان التركي ضد سوريا أماط اللثام عن المشروع التوسعي لدى أردوغان، وعزز القناعة لدى المجتمع الدولي بأن الهجوم على الأراضي السورية يندرج ضمن أهدافه التي عمل على تحقيقها، وهو ما يفسر حملة الإدانات والشجب والاستنكار العربية والدولية لهذا العدوان الذي اتضح جليا حين لوح ببعض أوراق الابتزاز التي يملكها، والمتمثلة باللاجئين السوريين وفتح أبواب هجرتهم نحو أوروبا إن هي وقفت في وجه نزعته التوسعية، واستخدام ورقة (داعش) كخطر داهم يمكن أن يهدد أمن واستقرار العالم من جديد، دون إدراك للثمن الباهظ الذي سيدفعه إقليميا وعالميا، رغم خطورة المغامرة غير محسوبة النتائج، بذل ورمى كل أوراقه من أجل إنجاحها ليجعل من العدوان والقتل والتهجير تحت بند مسمى (نبع السلام) بدلا من (نبع الشر والدم والعداوة) التي أكدت حماقة أردوغان، المريض بأوهام القوة عبر غزو دولة عربية ليعالج أوضاعه الداخلية بالهروب إلى الأمام، وربما لتحرير داعش من سجون وقبضة قوات سوريا الديمقراطية، بمعاداة العرب وإبادة الكرد، دون إدراك منه لقراره المتعجل، وأنّ هذه الحرب ستؤدي إلى كارثة اقتصادية كبرى في تركيا في ظل الانهيار الاقتصادي الذي تشهده بلاده عمليا.
تراجع أردوغان رغم أنفه والرضوخ للضغط الأمريكي ووقف العدوان على شمال سوريا يُعَد انتصارا للأكراد الذين هدد وتوعد بالقضاء عليهم، وهزيمة وإهانة لتركيا رغم محاولات قنوات الإخوان المكثفة تلميع وتمييع الفضيحة، لأن ما حدث أثبت هشاشة القرار السياسي وعدم القدرة على تقدير المخاطر لبعض القرارات.
هذه الحماقة أكدها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برسالة مخاطبا أردوغان وتم تسريبها ونشرتها القنوات الأمريكية وعلق عليها مسؤولون ونواب في الكونجرس وبلغة ليست لغة يخاطب بها رئيس دولة إلى رئيس دولة أخرى، بل لا يمكن لرئيس دولة أن يخاطب بها حتى أحد الموظفين الصغار لديه؛ فلم يشهد التاريخ الحديث أن رئيس دولة وصف رئيس دولة أخرى بـ"الأحمق" و"الشيطان" و"الطفل" ثم يجبره على استقبال نائبه ووزير خارجيته رغما عنه، ليجبره بعد ذلك للرضوخ للإملاءات والتوجيهات الأمريكية، وهي إهانة غير مسبوقة تتعرض لها تركيا بفعل سلوكيات رئيسها الطائشة والعدوانية لم يدرك أي مكانة وضع بلاده فيها، وجعلها محل تندر وشماتة حتى من المحبين والمقربين منها، فقد ذكر زعيم المعارضة "أن فترة حكم أردوغان، تشبه بالفترة التي صوتت فيها تركيا لصالح فرنسا ضد استقلال الجزائر" في إشارة إلى العزلة التي عاشتها تركيا وقتها، وأضاف أن العالم أصبح يعادي تركيا، بسبب سياسات أردوغان وتدخله في الشؤون الداخلية للدول العربية وانتهاكه السيادة الإقليمية".
تراجع أردوغان رغم أنفه والرضوخ للضغط الأمريكي ووقف العدوان على شمال سوريا يُعَد انتصارا للأكراد الذين هدد وتوعد بالقضاء عليهم، وهزيمة وإهانة لتركيا رغم محاولات قنوات الإخوان المكثفة تلميع وتمييع الفضيحة؛ لأن ما حدث أثبت هشاشة القرار السياسي وعدم القدرة على تقدير المخاطر لبعض القرارات، كما حدث في قضية القس الأمريكي (برانسون) وإطلاق سراحه وبراءته بعد الضغط الأمريكي المباشر، وهو ما يدل ويوضح لنا أن أغلب الخطابات التي تصدر من أردوغان ليست إلا لعبا على بعض الشعوب والموالين بشعارات جوفاء خالية من الحكمة والحنكة ومليئة بالحماقة والعناد والمكابرة غالبا ما يتراجع عنها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة