أردوغان و"أخونة" تركيا.. 17 عاما من الفشل
أردوغان فتح الأبواب أمام الفارين من جماعة الإخوان الإرهابية ومنح اللجوء لتجار الدين وعقد معهم صفقة اللجوء مقابل مساعدته في أدلجة شعبه
رغم ما بذله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من جهود من أجل "أخونة" المجتمع التركي عبر بث الأفكار المتطرفة ونشر المدارس فإن مساعيه باءت بالفشل عقب انكشاف مخططاته الخبيثة وفضح مساعيه المريبة.
- خبراء: تحذيرات ألمانيا من الإخوان تعري دعم تركيا للإرهاب بأوروبا
- ثلاثي الشر "الإخوان-إيران-تركيا" بدعم تنظيم الحمدين
فأردوغان فتح الأبواب أمام الفارين من تنظيم الإخوان الإرهابي والمتطرفين ممن تطردهم بلدانهم، ومنح اللجوء لكل لصوص العالم وتجار الدين، وعقد معهم صفقة اللجوء مقابل مساعدته في تفعيل مخططته لأدلجة شعبه.
زوبعة وغضب حقوقي وجدل واسع أثاره أردوغان مؤخرا، إثر تصريحاته حول الفصل بين الإناث والذكور في الجامعات التركية، متجاهلا بذلك الإشكالات الجوهرية التي يعاني منها التعليم في بلاده والتدهور الاقتصادي؛ ليحصر اهتمامه في زاوية ضيقة أثارت سخرية عارمة بقدر ما فجرته من انتقادات.
ففي خطاب ألقاه خلال قمة مجموعة العشرين بمدينة أوساكا اليابانية، أشاد أردوغان بشكل مبالغ فيه بنظام التعليم المحلي لفصله بين الجنسين في بعض الجامعات.
كما أشاد بالجامعات النسائية البالغ عددها 80 جامعة في اليابان، مضيفا: "شيء مهم للغاية، ونتمنى تطبيق تجربة مماثلة لهذه في تركيا".
ولم يكتفِ أردوغان بذلك إنما انتهز الفرصة للمضي لأكثر من ذلك، ليؤكد بعد عودته من القمة وأثناء حضوره مراسم تخرج دفعة جديدة من الطلاب الدوليين في مركز المؤتمرات بالعاصمة أنقرة، مزايا النظام التعليمي الذي يتضمن الفصل بين الجنسين.
وتابع: "يمكن وضع تصور للفصل بين الجنسين في الجامعات التركية أيضا، ولقد طلبت من مجلس التعليم العالي اتخاذ الخطوات اللازمة".
تخلف وتمييز
ردود الفعل الغاضبة والمستاءة لم تتأخر كثيرا، لتتفجر الانتقادات للأفكار المتشددة والمتطرفة لأردوغان، حيث اعتبر البعض أن الرئيس يحاول انتهاز أي فرصة لجس النبض وتمرير أيديولوجيته المسمومة.
وتساءل البعض الآخر كيف لتركيا أن تقتدي في هذا المجال باليابان التي تعد أبعد ما تكون عن المثالية حين يتعلق الأمر بقضايا المساواة بين الجنسين خاصة أن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2018 والمتعلق بهذا الموضوع أدرج اليابان في المرتبة الـ110 من بين 149 دولة؛ ما يعني أن تركيا متقدمة عليها بنحو 20 مركزا.
المعارضة التركية استهجنت ما قالت إنه "تنامٍ للخطاب الديني والسياسات المرتبطة بالهوية الدينية من قبل أردوغان"، محذرة من تدخل الأخير في التعليم بهدف غرس القيم المتشددة في الأجيال الشابة بالبلاد.
من جانبها، رأت زلال أيمن الناشطة التركية في مجال حقوق المرأة في تصريحات أردوغان جزءا من خطة طويلة الأمد يرنو إلى تفعيلها على مراحل، حيث يهدف حاليا إلى إقحام مفهوم الجامعات النسائية معولا على نشره تدريجيا بين أنصاره ومختلف فئات الشعب.
وأضافت الناشطة الحقوقي في حديث نقله إعلام تركي أن «الجامعات النسائية خطوة نحو تلقيح السكان بجرعة أكبر من التدين، لكنها ستكون خطوة في الاتجاه الخاطئ، وستدفعنا إلى الوراء وليس إلى الأمام».
مراقبون يخشون أن يمضي أردوغان بمبادرته إلى حد تهديد العلمانية (فصل الدين عن الدولة) التي تعد من المبادئ الأساسية في تركيا منذ تأسيس الجمهورية عام 1923 على يد مصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة.
أما أكسو بورا الناشطة النسوية التركية فاعتبرت أن تصريحات أردوغان تدل على أنه يعيش في الماضي لأنه لا توجد امرأة في القرن الحادي والعشرين حتى المحافظات منهن ممن تقبل بالدراسة في جامعة غير مختلطة.
واعتبرت بورا، في تصريحات إعلامية، أنه من العبث الحديث عن الجامعات النسائية في هذا الوقت الذي يطرد فيه أكاديميون من وظائفهم، ويسجن فيه آخرون بتعلة قانون الطوارئ الذي أعلنه أردوغان منذ مسرحية الانقلاب في 2016.
مدارس إمام خطيب
منذ وصوله الحكم، لم يخفِ أردوغان رغبته في تربية ما يصفه بـ"الجيل المتدين" بالمعنى المتطرف للمصطلح أي جيل متشبع بأدبيات الإخوان السامة وأيديولوجيتهم المناهضة للتقدم والحياة، وهذا ما يفسر محاولاته المستميتة لنشر الأفكار الدينية المتطرفة.
وفي الأعوام الـ17 التي قضاها في السلطة، حرص على تحضير "البنية التحتية" اللازمة لتفعيل مخططه بأخونة البلاد، حيث أشرف على بناء الآلاف من المساجد الجديدة والمدارس المهنية ذات التعليم الديني والمعروفة باسم مدارس "إمام خطيب".
وبالتوازي مع ذلك، حرص على رفع ميزانية الوكالة المسؤولة عن تسيير الخطب في المساجد التي تسمى المديرية الدينية لتدخل الأخيرة في مشاريع مشبوهة مرتبطة في معظمها بتنظيم الإخوان الذي غدت إسطنبول وتركيا عموما حاضنة له.
مجلة إيكونوميست البريطانية، ذكرت مؤخرا أنه رغم جهود أردوغان لأخونة تركيا فإنه لم يحقق النتائج المرجوة، إذ لا يبدو أن الأتراك أكثر تدينا مما كانوا عليه قبل 10 سنوات مثلا، كما لا تزال عشرات المدارس التي شيدها بتكلفة باهظة خالية تماما، في رد بدا لاذعا من مجتمع معتدل يميل إلى نبذ التطرف بمختلف أشكاله، واستنكر محاولات رئيسه الزج به في بوتقة أيديولوجية ضيقة.
المجلة البريطانية أكدت أنه رغم الأموال الضخمة التي ضختها حكومة أردوغان في مدارس إمام خطيب التي تجمع بين التعليم العادي والديني لا يزال العرض أكبر بكثير من الطلب.
ولفتت المجلة إلى أن مدارس إمام خطيب أقل نجاحا بكثير من غيرها، حيث ينخفض فيها احتمال التحاق طلابها بالجامعة مرتين على الأقل مقارنة بالطلاب من المدارس العادية أو الخاصة.
aXA6IDE4LjE5MS42Mi42OCA= جزيرة ام اند امز