أصبحت البلاد بؤرة ومأوى للإرهابيين والتنظيمات المتطرفة، وأودع العشرات من الصحفيين السجون
يعد منصب رئيس الدولة في تركيا منصباً فخرياً وكان حلم أردوغان الشخصية المهيمنة على المشهد السياسي منذ أمد بعيد التحرك سياسياً وتكريس كل جهوده لتوطيد سلطته عن طريق تعديل الدستور بحيث تتحول تركيا من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، بهدف إلغاء دور رئيس الحكومة والسماح له بترسيخ قبضته على البلاد، وجاءت نتائج الانتخابات خلال استفتاء أجري في البلاد على طرح أردوغان إصلاحاته المقترحة، وكان الاستفتاء بطبيعته استفتاءً لصالح ومزاجية أردوغان وعلى هواه وأهوائه وشاكلته.
ويدعي أردوغان بأن تركيا تعد من أكثر دول العالم حرية في الصحافة، ويزعم أن القابعين في السجون ليسوا صحفيين بل إرهابيين ولصوصاً ويسيطر أردوغان بشكل مباشر أو غير مباشر على معظم مؤسسات الإعلام التركية، وفي عهده شهدت تركيا تقلصاً كبيراً للحريات الفردية وحرية التعبير، واعتقال صحفيين وأكاديميين وموظفين في معظم مؤسسات البلاد، وأيضاً الانقلاب على رفيقه السياسي أحمد داوود أوغلو، ونشوب خلاف سياسي بينهما، على خلفية تحويل تركيا من دولة برلمانية إلى رئاسية، وزيادة صلاحيات الرئاسة التي يتولاها، وهو ما لم يتحمس إليه أوغلو فقوبل بالاتهام من قبل أنصار الرئيس.
أصبحت البلاد بؤرة ومأوى للإرهابيين والتنظيمات المتطرفة، وأودع العشرات من الصحفيين السجون وأغلقت السلطات التركية العشرات من المؤسسات الإعلامية، واتهمت على حد زعمها العديد من الصحفيين بنشر دعاية إرهابية أو إهانة الرئيس.
وابتلي الواقع التركي بتفاقم حدة المشكلات الداخلية والخارجية، ما أدى إلى تردي الأوضاع العامة وتأثر النمو الاقتصادي، عدا عن ذلك فقد أصبحت البلاد بؤرة ومأوى للإرهابيين والتنظيمات المتطرفة، وأودع العشرات من الصحفيين السجون وأغلقت السلطات التركية العشرات من المؤسسات الإعلامية، واتهمت على حد زعمها العديد من الصحفيين بنشر دعاية إرهابية أو إهانة الرئيس، وتعرضت عدة صحف إلى مداهمات واعتقال محرريها، وحجب المواقع التي تفصح عن تصرفات أردوغان المخالفة للدستور التركي وقانون حرية النقابات، وهذه الممارسات تنتهك حقوق الإنسان وتتعارض ومقتضيات المجتمعات الديمقراطية، وجرت احتجاجات شعبية اعتقل خلالها صحفيون بما في ذلك مغادرة العديد من الصحفيين المعارضين للحكومة البلاد.
وقاد أردوغان بلاده إلى عزلة لم تشهد مثلها منذ عقود، من حظر تصدير السلاح وعقوبات أمريكية، وإلى مخاطر بدخول تركيا عسكرياً إلى الأراضي السورية، وبسبب القمع الذي مارسته السلطات التركية، فإن أنقرة بعيدة كل البعد عن الانضمام للاتحاد الأوروبي ولا يمكنها أن تصبح عضواً خاصة إذا كان البعض يطالب بإعادة العمل بعقوبة الإعدام وسيكون من نتائج ذلك التوقف الفوري للمفاوضات مع أنقرة معتبرة الدول الأوروبية أن المعايير الديمقراطية التركية غير كافية على الإطلاق لتبرير انضمامها التي تعد ضرباً من الخيال.
وتطرقت صحيفة بيرجون ذات التوجه اليساري، في تقرير لها، إلى ضخ وزارة الدفاع 36 مليون دولار لشركة مملوكة لصهر الرئيس رجب طيب أردوغان ورأت أن الحرب تجعل الفقراء شهداء وتصنع من آخرين أثرياء، وطالبت وسائل إعلام مقربة من الحكومة التركية النيابة العامة في البلاد بإغلاق الصحيفة لنشرها الموضوع المثير للجدل.
وانتقدت بوندستاغ كلاوديا، نائب رئيس البرلمان الألماني، سياسة رئيس النظام التركي القمعية بقولها إن ما ينتهجه أردوغان وحزبه يعد نموذجاً مدمراً بانتهاكه مبادئ القانون في البلاد ومعاقبة وملاحقة المنظمات المدنية وانتهاكه حقوق الإنسان بشكل منهجي، مشيرة إلى أنها اطلعت على معاناة الأتراك جرّاء هذه الممارسات ومحاكمات القضاء التركي، وبذلك انتقلت تركيا من تصنيف الدول الحرة جزئياً إلى الدول غير الحرة، وآخر ضحايا نظام أردوغان كانت مجموعة الصحفيين من موقع أودا تي في، وصحيفتي يني تشاغ ويني ياشام، بتهمة الكشف عن هوية ضابط استخباراتي قتل في ليبيا خلال الأخبار التي نشروها.
الصحافة التركية تعيش واحدة من أسوأ عصورها، في ظل حكم أردوغان، ومن الصعب على الصحفيين ورجال الإعلام في تركيا الإبلاغ عن قضايا مثل الفساد أو حروب الحكومة داخل البلاد وخارجها، وتركيا من أكثر الدول اعتقالاً للصحفيين، ويواجه الخطر ذاته كل من هو معارض سواء كان فناناً أو أكاديمياً أو حتى مواطناً عادياً، وكل من يعارض أردوغان أو حكومته يكون مصيره الاتهام بتهم مجهزة مسبقاً مثل الانتماء لتنظيم إرهابي، لتكون هذه أكثر فترات تركيا اسوداداً وانهياراً.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة