أسبوع تركيع أردوغان.. انتفاضة حزبية و"ضربة سواكن" ونزيف اقتصادي
تداولت أنباء مؤخرا عن اتفاق بين قيادات سابقة في حزب "العدالة والتنمية" لتأسيس حزب جديد وعلى رأسهم أحمد داوود أوغلو
"انقلاب" سياسي في عقر الحزب الحاكم في تركيا "العدالة والتنمية" الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان، وانتفاضة حزبية في الأفق، ونزيف الاقتصاد يستمر، و"انقلاب" سوداني على اتفاقيات سواكن وميناء بورتسودان.
مشهد قاتم ينبض على إيقاع أسبوع صعب مغلف بضبابية مفتوحة على جميع السيناريوهات بالنسبة للرئيس التركي الذي يحبس أنفاسه خشية تجرع كأس الخيانة التي شرب منها معلمه نجم الدين أربكان، وخوفا من انهيار السقف على رأسه محليا وإقليميا.
حزب جديد
في فبراير/شباط الماضي، تواردت أنباء عن اتفاق بين قيادات سابقة في حزب "العدالة والتنمية" لتأسيس حزب جديد، وعلى رأس تلك القيادات الرئيس التركي السابق عبدالله جول ورئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو.
قائمة المنشقين عن أردوغان، ضمت سلجوق أوزداغ، النائب السابق عن حزب العدالة والتنمية، وغيرهم من القيادات البارزة التي فضلت الانسحاب والابتعاد عن السلطة بعد أن اتهمها الرئيس التركي كذبا بالخيانة.
ويمثل ظهور كيان حزبي جديد تهديدا لحزب أردوغان الذي بات مترهلا، ومقبلا على موجة انشقاقات عنيفة، عقب انتكاسة خسارته أهم البلديات خاصة أنقرة وإسطنبول.
وبظهور داوود أوغلو مؤخرا عقب صمت طويل، تتأكد توقعات المحللين بأن رصاصة الرحمة التي ستغتال أردوغان سياسيا، لن تكون إلا من أحد رموز حزبه ممن تركوه اعتراضا على سياساته الداخلية والخارجية، ليعيد التاريخ نفسه من جديد، وكما خان أردوغان رفاق دربه سابقا، يأتي اليوم من يجرعه مرارة الكأس نفسه.
والثلاثاء، خرج داوود أوغلو عن صمت لازمه لفترة طويلة، وهاجم سياسات حزب العدالة والتنمية وزعيمه أردوغان محملاً إياهم مسؤولية انقسام المجتمع، وحالة الاستقطاب الحادة التي تشهدها تركيا.
وفي سلسة تغريدات عبر "تويتر"، قال داوود أوغلو: "لا يمكن أن يظل حزبنا في يد مجموعة ضيقة تبحث عن مصالحها.. إن الرئاسة تعيش حالة من الانفصال النفسي مع ما لا يقل عن نصف المجتمع".
واعتبر أن "انحياز أردوغان إلى طرف دون الآخر في الانتخابات، ودخوله في مشادات سياسية حادة من أجل طرف بعينه، أضر بمؤسسة رئاسة الجمهورية التي لا بد أن تكون على الحياد".
ودعا قادة الرأي والمفكرين والمواطنين من جميع الأوساط السياسية إلى التكاتف لتحديد مستقبلنا المشترك على أساس ضميرنا المشترك والعقل المشترك والإرادة المشتركة.
ولفت إلى أن الدعم الاجتماعي لحزبنا قد تضاءل بسبب نتائج بلديات إسطنبول وأنقرة، ولا ينبغي التضحية بمجهود الأجيال الماضية والحركة التطلعية التي ترتفع، ولغرور يتنامى على نحو متزايد؛ ما يؤدي إلى النزاعات الشريرة، في إشارة على ما يبدو إلى وجود تحرك بالفعل يقوده مؤسسو الحزب لتشكيل كيان سياسي جديد.
أزمة الاقتصاد
داوود أوغلو الذي تم تكريمه سابقا لجهوده في قيادة تركيا نحو تحقيق نمو اقتصادي كبير، فضح في تغريداته المغالطات التي يسوق لها أردوغان فيما يتعلق بالمؤشرات المالية والاقتصادية، في وقت يستمر فيه نزيف انهيار الليرة التركية.
ووفق أحدث البيانات الصادرة الخميس، خسرت الليرة التركية 1.5% من قيمتها، ليصل سعر صرف الدولار إلى 5.96 ليرة، وذلك فور إعلان البنك المركزي التركي إبقاء سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير.
وقال داوود أوغلو إن: "البنك المركزي التركي حاول خداع المستثمرين، عبر إعلانه زيادة رصيده الاحتياطي من العملات الأجنبية إلى 28.1 مليار دولار، رغم أن الاحتياطي النقدي الحقيقي بعد استبعاد القروض قصيرة المدى بلغ 16 مليار دولار فقط، وفق صحيفة فانشيال تايمز".
كما رأى أن محاولة إخفاء العجز في الميزانية بإيرادات وقتية تشوه الثقة، داعيا إلى ضرورة تحقيق الشفافية والمساءلة في النفقات العامة بأقوى الطرق.
وعزا سبب التراجع الاقتصادي في تركيا بسياسات أردوغان الخارجية التوسعية، قائلا إن: "الكارثة الاقتصادية التي نعيشها سببها أزمة الإدارة.. ينتظر مواطنينا من الحكومة إدارة الاقتصاد، وليس القتال والاضطرابات، وحماية وظائفهم واللقاحات ورفاهيتهم".
سواكن وميناء بورتسودان
ضربة موجعة تلقاها أيضاً مشروع أردوغان التوسعي في أفريقيا، تأتيه هذه المرة من المجلس العسكري الانتقالي السوداني عقب إعلان الأخير أنّه لن يفرّط في جزيرة سواكن للأتراك.
إعلان السودان يعني غرق مخطط الرئيس التركي في البحر الأحمر عقب عزل حليفه عمر البشير من السلطة.
رئيس المجلس العسكري عبدالفتاح البرهان، قال حينذاك عبر حسابه الشخصي بموقع «تويتر»: "سواكن جزء لا يتجزأ من السودان، قيمتها لا تقدر بثمن وتاريخها لا يمكن أن يباع".
وتابع قائلا: "نؤكد أننا نحرص على سيادة أراضينا، ولن نرضى بالحضور الأجنبي العسكري في السودان"، في إشارة إلى أنقرة التي وضعت الجزيرة تحت إدارتها لفترة لم يتم تحديدها بتعلة إعادة ترميمها بموافقة البشير.
صحيفة "العرب" اللندنية رأت أن تصريحات البرهان تتسق مع معلومات تداولتها دوائر سياسية سودانية، أكدت أن المجلس الانتقالي منح مهلة لأنقرة حتى نهاية مايو/أيار المقبل لإخلاء سواكن، ورفض أي محاولات لإقامة قاعدة عسكرية تركية في الجزيرة الواقعة بالبحر الأحمر.
ولم يتوقف الأمر عند سواكن، وإنما قرر المجلس العسكري الانتقالي في السودان أيضا إلغاء جميع التعاقدات التي أبرمها نظام البشير مع أنقرة، وفي مقدمتها الاتفاقيات المتعلقة بميناء بورتسودان.
السقف ينهار
علاوة على الضغوطات الداخلية، تؤشر التحولات الجارية في المشهد السياسي السوداني، وما تبعها من قرارات حيال أنقرة، على أن الأخيرة باتت محشورة في زاوية ضيقة، عقب انحسار الأضواء عن حلفائها بالمنطقة الواحد تلو الآخر.
فخسائر أردوغان لم تقتصر على إسقاط رأس التنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية في مصر، بل فاقمها تحرك الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر لسحق المليشيات الإخوانية في العاصمة طرابلس.
واكتمل المشهد بإجهاض مخططات أردوغان لنهب ثروات السودان، وغزو هذا البلد ثقافيا، معولا في ذلك على رجله الوفي الرئيس المعزول.
فلقد بنى الرئيس التركي أوهاما كبيرة استنادا على علاقاته بالنظام السوداني السابق، فاستحوذ على جزيرة سواكن الاستراتيجية، وبسط نفوذه عبر شركات بلاده لسرقة ثروات السودان، عبر الاستيلاء على مناجم تنتج مئات الأطنان من المعادن الثمينة مثل الذهب والنحاس.
aXA6IDMuMTQ0LjMxLjE3IA== جزيرة ام اند امز