وكالة "تيكا" التركية.. مخلب أردوغان المسموم لاختراق جيبوتي
المساعدات الإنسانية غطاء الرئيس التركي لمحاولته المسمومة نحو أفريقيا خاصة جيبوتي
تحت غطاء المساعدات الإنسانية، يمد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان محاولته المسمومة نحو أفريقيا خاصة جيبوتي؛ بحثا عن اختراق لهذا البلد الصغير عبر بوابة وكالة التعاون والتنسيق، أو ما يعرف اختصارا باسم "تيكا".
ورم سرطاني ومخلب مسموم يحقق من خلاله أردوغان أطماعه شرق أفريقيا في جيبوتي، البلد المتميز بموقع جغرافي استراتيجي، يطل على مضيق باب المندب من جهة الغرب، ما يفتح أمام الرئيس التركي بوابة لتحقيق مآربه التجارية والعسكرية وحتى السياسية.
وعلى غرار ما فعله في بلدان عربية وأفريقية أخرى، غاب الابتكار عن أسلوب الرئيس التركي للتغلغل في جيبوتي، مستخدما الغطاء الذي بات مكررا ومفضوح الأهداف هو كسب ولاء الحكومات والشعوب عبر المساعدات، قبل القفز لتنفيذ مشروعات اقتصادية تمهد له الطريق نحو أهداف أخرى.
ورصدت حكومة أردوغان لوكالة "تيكا" التي تتبع مباشرة الرئاسة التركية موازنة بنحو 4 مليارات دولار في 2015، وفق البيانات المدرجة بموقعها الرسمي عبر الإنترنت، بعد أن كان 85 مليون دولار فقط في 2002، أي العام الذي تولى فيه حزب العدالة والتنمية السلطة.
اللعب على وتر المساعدات
الزيارة التي أجراها أردوغان إلى جيبوتي في يناير/كانون الثاني 2015، أعطت الضوء الأخضر لـ"تيكا" لتكثيف أنشطتها في البلد الأفريقي بناءً على تعليمات من الرئيس التركي.
وفي أغسطس/آب من العام نفسه، أعلنت الوكالة التركية أن أردوغان شارك في حفل وضع حجر الأساس لمشروع ترميم أشرفت عليه لشارع "برهان باي" الأثري في جيبوتي.
ومن جيبوتي، أعلن أردوغان توقيع 8 اتفاقيات، قبل أن يلقي خطابا مشحونا بمشاعر زائفة، قائلا: "نتمنى أن تكون هذه الاتفاقيات وسيلة لرفع مستوى رفاهية شعب الدولة الأفريقية الشقيقة".
ويومها، أمطر الحاضرين بوابل من العبارات المنمقة، مشددا على أهمية المساعدات التعليمية والإنسانية، متعهدا بإنشاء مسجد وكلية في جيبوتي.
ولم يغفل وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو في الزيارة نفسها التأكيد أمام نظيره الجيبوتي محمود علي يوسف على ضرورة إقامة بلاده مشروعات في مجالات الطاقة والمياه والصحة والبنية التحتية والتربية.
معول اختراق
عقب زيارة أردوغان، واصلت "تيكا" نشاطها في جيبوتي، قبل أن تعلن في يونيو/حزيران 2018 تقديم تبرعات غذائية لمن سمتهم "فقراء جيبوتي".
وإثر ذلك، أعلنت الوكالة في أكثر من مرة تنظيم مآدب إفطار، حضر البعض منها السفير التركي في جيبوتي سعدي ألتنوك، سعيا نحو فرش السجاد أمام تحويل ذلك الدعم تحت غطائه الإنساني إلى أرضية قبول ينتهزها رجال الأعمال من حاشية أردوغان لإقامة مشاريعهم.
ولم تتوقف أعمال "تيكا"، في جيبوتي، ففي مارس/آذار الماضي، حاولت التحكم في القطاع الطبي بالبلاد، ونظمت دورة تدريبية في مجال رفع القدرات الطبية في حالات الطوارئ لموظفين من 12 دولة بينها جيبوتي.
قطاع الطيران في جيبوتي لم يسلم أيضا من أطماع أردوغان، حيث أعلنت الوكالة في يونيو/حزيران 2016، تنظيم ورشة تدريبية لموظفي الطيران المدني الجيبوتي في أنقرة بزعم توسيع وبناء قدراتهم في هذا المجال.
في الظاهر، بدأ أن الورشة هبة من الأتراك، لكن فحواها كشف عن هدفها الحقيقي، بتأكيد أهمية جيبوتي باعتبارها واحدة من أهم الموانئ في شرق أفريقيا، كما أنها تخدم خطط أردوغان التجارية بالقارة السمراء.
واكتملت خطة التحكم في الطيران والمطارات في جيبوتي، بإعلان الوكالة في 16 مارس/آذار 2018، تطوير قسم كاميرات المراقبة بمطار جيبوتي "أمبولي" الدولي، وانتهت من أعمال تحديث وتطوير قسم كاميرات المراقبة التابع لقيادة الدرك في المطار.
دور زوجة أردوغان
أمينة زوجة أردوغان كان لها دور مرسوم في خطة زوجها للحصول على موطئ قدم في جيبوتي، فهي مكلفة بجانب آخر من الملف الذي يهم الأنشطة النسائية.
فخلال زيارة زوجها إلى البلد الأفريقي، حرصت على الاجتماع بممثلات المجتمع المدني فيه، دون أن تغفل تكرار ذات المزاعم من أن أنقرة تقدم الدعم بدون مقابل، ولا تسعى لتحقيق أي مصلحة من ورائه.
وأشادت أمينة بالدور الذي تقوم به "تيكا" في جيبوتي، وقالت حينها: "أتمنى أن تساهم الأماكن التي افتتحت ووضع حجر أساسها من قبل وكالة التعاون في دعم اقتصاد جيبوتي".
وحرصا على إتقان الدور، زارت أمينة دار أيتام ترعاها زوجة الرئيس الجيبوتي كادرا محمود خليل، ولم تغفل بالمناسبة نفسها استعراض إنجازات "تيكا".
تصدير مسرحية الانقلاب
الانقلاب المزعوم الذي قالت أنقرة إنه استهدف نظامها منتصف يوليو/تموز 2106، بات ورقة يستخدمها أردوغان للترويج لسياساته ومحاولة شرعنتها حتى في أعين شعوب لا يعنيها أبدا ما يحدث في تركيا.
وخلال الأعمال التي نفذتها في جيبوتي، لم تنسَ "تيكا" الترويج لأفكار أردوغان، حيث أطلقت على مركز تعليمي وتدريبي أنشأته في يوليو/تموز 2017 في جيبوتي اسم "الشهيدة زينب ساغر"، واحدة من القتلى الذين قضوا خلال المحاولة الانقلابية المزعومة.
وكالعادة، استغل السفير التركي مناسبة افتتاح المركز، وحولها إلى اجتماع جماهيري لانتقاد الداعية فتح الله غولن، عدو أردوغان اللدود، مثمنا إطلاق اسم إحدى ضحايا محاولة الانقلاب على المركز.
لماذا جيبوتي؟
مخطط أردوغان الكبير هو إعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية المتوهمة، وفرض النفوذ على المنطقة العربية والأفريقية، ما يمكنه من استنزاف ثرواتها وطاقاتها، في مخطط استعماري بغيض عانت منه بلدان القارة السمراء على وجه الخصوص، وهي التي عانت لعقود من الاستعمار الفرنسي.
ومن هنا، يقوم مخطط الرئيس التركي على استهداف البلدان العربية والأفريقية التي تمتلك ميزة نسبية مثل جيبوتي والصومال والسودان التي تقع على خليج عدن ومضيق باب المندب.
والمعلوم أن باب المندب يعد من أهم شرايين التجارة العالمية، نظرا لمرور خمس التجارة العالمية من هذا المكان الحيوي، وهو ما يخطط أردوغان لاستثماره من خلال الاستفادة من منطقة مضيق باب المندب في إنشاء قاعدة خدمات لوجيستية، ومنطقة اقتصادية لتكون قاعدة انطلاق بالنسبة له نحو الأسواق الأفريقية في حوض نهر النيل وشرق أفريقيا.
ولتحقيق أهدافها، قامت أنقرة بتمهيد طريق تاجورة الذي يربط بين جيبوتي وإثيوبيا، ورفعت من وتيرة استثماراتها بالبلد الأخير إلى 3 مليارات دولار، لتضم بذلك هذا النمر الأفريقي إلى قائمة أطماعها في شرق القارة السمراء، تمهيدا للاستفادة منه كسوق لمنتجاتها، قبل المرور إلى المرحلة الأخيرة من مخططها الكبير بالمنطقة.
aXA6IDE4LjE4OC4xNzUuNjYg جزيرة ام اند امز