قيادية كردية لـ"العين الإخبارية": أردوغان يهدف لفصل عفرين عن محيطها
الأطماع التركية في سوريا لم تنتهِ، فعقب 4 أشهر من تهديدات أردوغان بشن عملية عسكرية شمال شرق حلب بدأ الجيش التركي ببناء جدار بمحيط عفرين
يبدو أن الأطماع التركية في سوريا لم تنتهِ بعد، فبعد نحو 4 أشهر من تهديدات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشن عملية عسكرية ضد مدينة منبج شمال شرق حلب السورية، بدأ الجيش التركي ببناء جدار أسمنتي في محيط عفرين بريف حلب، كبداية لعزلها عن محيطها الجغرافي والأراضي السورية.
وبطول 711 كم بدءا من قرى "مريمين" شمالا إلى كيمار جنوبا في بلدة جليل جنوب غرب عفرين، انتهت القوات التركية من بناء 70% من الجدار الأسمنتي، بعد عملية هدم وجرف لمنازل وأملاك مدنيين في قرية جلبل نفذها الجيش التركي على مدار الأسابيع الماضية، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء السورية "سانا" عن مصادر أهلية وتقارير إعلامية.
وتقول بيريفان خالد، الرئيسة المشتركة للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، إن "هدف تركيا من بناء جدار لفصل عفرين عن محيطها الجغرافي، هو إعادة كابوس الدولة العثمانية التي قامت فوق جماجم وجثث الأبرياء واستمرت لعدة قرون متتالية، مؤكدة أن أطماع أردوغان لن تقف عند عفرين فحسب بل تمتد للشمال السوري وحتى منابع الطاقة لحدود دير الزور.
وأوضحت بيريفان، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن هذا التصرف من قبل نظام أردوغان ليس بجديد على الدولة التركية التي احتلت عفرين وفرضت سياستها العنجهية على أهالي المدينة السورية، مشيرة إلى أطماع أنقرة في احتلال الأراضي السورية واقتطاع بعضها لضمها إلى تركيا، إضافة إلى فرض سياسة التغير الديموجرافي والثقافي على السوريين بداية من احتلال جرابلس وصولا إلى احتلال عفرين وبناء جدار للفصل بينها وبين سوريا.
- منتهكا القوانين الدولية.. أردوغان يبني جدارا لفصل عفرين عن سوريا
- قيادي كردي لـ"بوابة العين": فلول داعش يد تركيا الخفية في عفرين
مخاوف تركية
ووصفت القيادية الكردية ممارسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضد الشمال السوري بـ"الأطماع العثمانية القديمة" التي تسعى تركيا لتنفيذها في ظل نظام أردوغان الديكتاتوري، مؤكدة أن الجيش التركي بدأ بالفعل تشييد جدار بعفرين لعزلها عن محيطها الجغرافي.
وأرجعت القيادية الكردية أسباب بناء الجدار لفصل عفرين عن باقي الشمال السوري في التوقيت الحالي إلى مخاوف تركيا من انطلاق عملية من قبل وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية، لتحرير الجزء الشمالي المحتل وفي القلب منه عفرين، ما يجعل هذا الجدار وسيلة لسد الطريق أمام أي محاولات لقوات سوريا الديمقراطية لمجابهة هجمات الجيش التركي ضد سوريا.
واستكملت تفسيرها للأسباب قائلة: "تركيا معروفة لدى الجميع بسياساتها الاحتلالية التوسعية، وفي ظل حكومة العدالة والتنمية وديكتاتورية أردوغان، تسعى لإعادة الخلافة العثمانية من جديد، وعقب غزو الجيش التركي لعفرين، عمدت تركيا إلى تكريس احتلال المدينة وتقوية سلطتها على المنطقة، والآن تستهدف ضم عفرين لتركيا بشكل نهائي، خاصة مع شن قوات تحرير عفرين المزيد من الضربات ضد مرتزقة المحتل التركي في المرحلة الثانية من مقاومة العصر (حملة عسكرية أعلنت قوات حماية الشعب عنها في مارس/آذار 2017)".
وأكدت بيريفيان خالد استمرار المقاومة ضد الجيش التركي في عفرين ومناطق الشهباء، مع تزايد العمليات النوعية في ظل التصعيد التركي ببناء الجدار العازل بين عفرين والشمال السوري.
شبح التغير الديموغرافي
ومنذ إطلاق تركيا العملية العسكرية "درع الفرات" في أغسطس/آب 2016، بدأ شبح التغير الديموغرافي يلقي بظلاله على المدن السورية، وعملت تركيا بمعاونة الفصائل السورية المسلحة على تتريك الثقافة واللغة والمشروعات الاستثمارية في الشمال السوري.
ومنذ 2017، بسطت تركيا نفوذها على جزء من الحدود السورية–التركية، بين جرابلس شرقا وأعزاز غربا ومدينة الباب جنوبا، وامتدت الأطماع التركية نحو عفرين بشن عملية عسكرية في 19 يناير/كانون الثاني 2018، وتهجير أكثر من 130 ألف سوري، وتسكين نازحين من الغوطة الشرقية ودوما وحماة وحمص بدلا منهم في عفرين.
وأوضحت القيادية الكردية أن التغير الديموغرافي ممنهج من قبل أردوغان، وظهرت ملامحه في تهجير سكان عفرين وتوطين نازحي الغوطة الشرقية والمناطق التي كانت تقع تحت سيطرة فصائل المعارضة المسلحة المدعومة من الدولة التركية، كبداية لطمس ملامح الهوية السورية واستبدالها بالثقافة التركية.
ولم يكن جدار عفرين هو الأول الذي تشيده تركيا، ففي الـ10 من يونيو/حزيران 2018، أعلنت تركيا الانتهاء من بناء جدار عازل على طول الحدود التركية–السورية بمسافة 911 كم، بمنطقة أطمة الحدودية شمال إدلب، وبلدة كسب بريف اللاذقية وصولا لريف إدلب ومدينة القامشلي شرق سوريا.
عوائل داعش وتهديدات تركية
وعن أحوال النازحين في شمال وشرق سوريا، أكدت بيريفان خالد، أن وضع النازحين يمثل إشكالية كبرى، نظرا لتراجع دور عدد كبير من المنظمات الدولية والجهات المعنية بالأمر لإنقاذ الموقف، خاصة مع سوء الأحوال الجوية، وبقاء عائلات الدواعش، موضحة أن هناك 11 مخيما في شمال وشرق سوريا يخضعون لإشراف الإدارة الذاتية للإقليم.
وتؤوي مخيمات الشمال السوري أعدادا كبيرة من عوائل مسلحي داعش وتحديدا ممن تم إخراجهم مؤخرا من الباغوز بدير الزور شرق سوريا، تقدر أعدادهم بنحو 11 ألف شخص من نساء وأطفال الدواعش ينتمون لأكثر من 54 جنسية، بحسب القيادية الكردية.
وأشارت إلى أن مخيم الهول جنوب الحسكة، يضم نحو أكثر من 75 ألف نازح، من بينهم عوائل داعش، يعيشون في ظل نقص المواد الغذائية والرعاية الصحية، ما يشكل خطورة ليس فقط على سوريا بل العالم ككل، نظرا لأن عددا كبيرا منهم مقتنع بالفكر المتطرف لداعش.
وشددت بيريفان على أهمية استعادة الدول لمواطنيها من عوائل داعش، وإعادة تأهيلهم مجددا نفسيا وفكريا، نظرا لضعف قدرات المدن بالشمال السوري على استيعابهم في ظل استمرار التهديدات التركية المكررة لشن هجمة على الشمال السوري.
aXA6IDMuMTM1LjE4OS4yNSA=
جزيرة ام اند امز