100 عام على تأسيس دولة العراق.. ماض عريق يرسم آمال المستقبل
يصادف اليوم الإثنين، الذكرى المئوية لتأسيس الدولة العراقية على يد الملك الراحل فيصل الأول بعد طي صفحة الاحتلال العثماني والبريطاني.
ويعد الـ23 من أغسطس/ آب 1921، يوما تاريخيا في ذاكرة العراقيين، خاصة في ظل الأحداث التاريحية التي استبقت هذا اليوم، ومنها الثورة ضد الاحتلال البريطاني والانقسامات حول شكل الدولة الوليدة آنذاك وطبيعة نظامها.
وفي هذا الصدد قال الرئيس العراقي برهم صالح، الإثنين، إن الشعب العراقي يتطلع إلى دولة آمنة ومعبرة عن إرادته المستقلة.
وكتب في تغريدة عبر "تويتر" بمناسبة تلك الذكرى، وقال:" يبلغُ عمر العراق المعاصر قرناً كاملاً. بذكرى تنصيب الملك فيصل الأول.. مئة عام من المنعطفات التاريخية، حملت إنجازات، وانتكاسات من حروب ومآسي واستبداد".
وأضاف: "في هذه الذكرى نؤكد تطلع العراقيين إلى دولة آمنة، خادمة لشعبها من خلال حكم رشيد، ومعبّرة عن إرادتهم المستقلة".
وترجع بدايات تأسيس الدولة العراقية إلى مؤتمر عقد في العاصمة المصرية، القاهرة، في مارس /آذار 1921، وكانت أهم نتائجه إنشاء دولة ملكية في العراق.
وبموجب المؤتمر الذي عقد برعاية هيئة المستعمرات البريطانية، جرى تشكيل مجلس تأسيسي من مهامه تنصيب ملك على عرش العراق، ليتم بعدها اختيار فيصل بن الحسين ملكاً على العراق.
ويرى الخبير القانوني المهتم بالتاريخ المعاصر، طارق حرب، إن "تاريخ 23 أغسطس/ آب، يسمى لدى العراقيين بيوم التتويج، إذ يوثق وصول الأمير فيصل الأول لعرش العراق".
ويوضح حرب في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "فيصل الأول اختير من بين 11 مرشحاً لتولي أمور العراق".
وأسهم قيام الدولة العراقية في توحيد الجماعات الموجودة في البلاد في ذلك الوقت، تحت راية دولة واحدة/ في مهمة عُدت من أصعب مهام الملك فيصل الأول، إذ للمرة الأولى اجتمعت مختلف الجماعات المكونة للشعب العراقي في عام 1921 لتؤسس لقيام دولة جديدة.
ولم يسبق للعراقيين أن تجمعت كلمتهم مثلما حدث وقت تتويج الملك فيصل الأول الذي تمتع بتأييد شعبي واسع لتولي العرش، وإعلان المملكة العراقية، كما يقول الباحث والأكاديمي محمد كريم الخاقاني.
ووفق الباحثين، فإن مرحلة تولي الملك فيصل الأول حكم العراق، هي بداية بناء الدولة العراقية، إذ يرجع الفضل إليه في وضع اللبنة الأولى لمؤسسات الدولة، والتي لا تزال تعمل بقوانين وأنظمة تعود للعهد الملكي، وهذا ما يجعل أغلبية المهتمين بتاريخ الدولة العراقية، يطلقون على الملك فيصل الأول لقب "مؤسس الدولة العراقية".
واستمرت فترة الحكم الملكي قرابة 37 عاما، وتعاقب على حكم العراق خلالها 3 ملوك، وشهدت إنجازات كبيرة، لكنها أخفقت في مجالات أخرى.
ويقول الأكاديمي، سراج محمد،إنه: "من يتطلع إلى تاريخ العراق الحديث وكيف كان له السبق في بناء المؤسسات وإرساء النظم السياسية، يصاب بالدهشة والغرابة على ما وصل إليه الحال الآن من فوضى وانعدام ملامح الدولة".
ويضيف محمد في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "الفترة الملكية وهي مرحلة التأسيس الحقيقي للدولة، شهدت إنجازات كبيرة على مستوى سن القوانين ونظم العمل المؤسساتية وطبيعة البناء الوطني في توجه البلاد نحو الفضاء الإقليمي والدولي".
وبمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الدولة العراقية، بارك رئيس الجمهورية برهم صالح الذكرى، مؤكدا التطلع إلى "بناء مستقبل آمن من خلال حكم رشيد".
وقال صالح، في تغريدة على "تويتر" إن "عمر العراق المعاصر بلغ قرنا كاملا بذكرى تنصيب المغفور له الملك فيصل الأول".
وأضاف: "مئة عام من المنعطفات التاريخية، حملت إنجازات، وانتكاسات من حروب ومآس واستبداد".
العراق الملكي.. إنجازات واخفاقات
وخلال الفترة الملكية، تركز اهتمام الدولة العراقية الوليدة في عشرينيات القرن الماضي، على كيفية الخلاص من الانتداب البريطاني وتوحيد التراب العراقي، بينما كان الجانب الاقتصادي شبه غائب، على الرغم من وجود مشاريع وبرامج اقتصادية في الحكومات المتعاقبة، كما يقول الباحث والأكاديمي حميد حسون.
ويبين حسون أنه "مع ارتفاع مردودات العراق من عائدات النفط أصبحت الحاجة ملحة إلى إنشاء مجلس الإعمار والذي حقق إنجازات مهمة آنذاك"، مضيفا: "إذا كانت هناك إشراقة في العهد الملكي فإن مجلس الإعمار هو هذه الإشراقة".
ويضيف حسون أن مجلس الإعمار نجح في إنشاء مشاريع كبيرة من البنى التحتية ومجالات التعليم والإسكان والمستشفيات والطرق والسدود والمصانع وسكك الحديد وغيرها، حيث جرى إنجاز بعض المشاريع في العهد الملكي وبعضها استمر حتى بعد انتهاء الملكية.
ويقترب هذا الرأي مع ما ذهب إليه طارق حرب، إذ أكد الأخير أن "عصر الملكية في العراق كان من أفضل الحقب التاريخية التي شهدها البلد في تاريخه المعاصر لما تميز به من حريات ومنجزات وحركة بناء واسعة ترتبت بموجبها بغداد على شكلها الحضاري الحالي".
فيما يؤشر حسون إلى إخفاقات عديدة خلال الحكم الملكي أيضا، منها أن النخب السياسية تصاهرت فيما بينها، فتولد نظام الأقارب والأصهار.
ويضيف أن تدهور الأوضاع الداخلية بسبب الأحكام العرفية التي استمرت طيلة العهد الملكي، وارتفاع نسبة الفقر إلى 56% عام 1950 بسبب وجود النظام الاقطاعي، فاقم الغضب الشعبي.
وتعاقب على العراق ثلاثة ملوك بدءاً من عام 1921 أغسطس/آب، وهم فيصل الأول والملك غازي وفيصل الثاني الذي قتل في انقلاب يوليو/ تموز 1958، والذي كتب نهاية عصر الملكية والانتقال إلى الحكم الجمهوري.
aXA6IDE4LjE4OC4xNTQuMjM4IA==
جزيرة ام اند امز