الحب الأبدي.. حقيقة أم خيال؟
"الحب للأبد.. قضاء العمر معا.. إلى أن يفرقنا الموت"، ربما يعتبرها البعض مجرد أوهام، ولكن البعض حققها بالفعل، ترى ما السبب؟
الغرام الأبدي ليس "مهمة مستحيلة"، ولا ظاهرة نادرة كما جرى الاعتقاد، في ظل معدلات الطلاق المتزايدة؛ إذ أشارت دراسات أعدها باحثون وخبراء إلى أن بعض المتزوجين يظلون مغرمين ببعضهم بعضا حتى بعد مرور سنوات طويلة على ارتباطهم.
"الحب للأبد.. قضاء العمر جنبا إلى جنب.. إلى أن يفرقنا الموت.. أن نظل عاشقين كما كنا في يومنا الأول"، قد تعد هذه مجرد أوهام في واقعنا، ولكن البعض يحققها؛ لذا يعكف علماء النفس حاليا على دراسة كيفية تحقيق هذا الأمر.
سوزان برنستاين سيدة في الـ59 من عمرها، لا تزال تسير برفقة زوجها ويدها ممسكة بيده، وتحيتهما الصباحية هي كلمة "أحبك". هكذا هما منذ أكثر من 18 عاما، منذ يوم زفافهما. كان الزوجان، المقيمان بولاية كاليفورنيا، عينة من الذين شاركوا في دراسة حديثة ومثيرة للاهتمام شملت العديد من الأزواج ممن قضوا سنوات عديدة من حياتهم مغرمين ببعضهما بعضا.
وتبعا لهذه الدراسة التي أعدها خبراء بجامعة ستوني بروك بنيويورك، بقيادة العالم النفسي أرت أرون؛ فإن نسبة قليلة من الأزواج قادرون على الحفاظ على شغف الشهور الأولى للخطوبة.
ولجأ القائمون على الدراسة إلى تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي، وهي تكنولوجيا تقوم بعملية مسح لنشاط المخ في اللحظة ذاتها التي يحدث فيها. وطبقت هذه التقنية على 17 شخصا ادّعوا أن الحب لا يزال متأججا مثلما كان في بداية العلاقة حتى بعد قضاء 21 عاما مع الشخص نفسه.
عندما يفكر هؤلاء الأشخاص فيمن يحبون، تشهد مناطق بعينها في المخ نشاطا غير عادي لديهم يماثل ما يحدث مع الأشخاص حديثي الزواج أو الارتباط.
ويقول الدكتور أرت أرون: "رغم الاعتقاد المسلم به أن الحب يزول مع الزمن، فإن هناك من عاش سنوات مع رفيق عمره، ويؤكدان أنهما يحبان بعضهما حبا جما".
واعتمد الدكتور في دراسته على نفس تقنيات خبراء جامعة ستوني بروك التي طبقت على مجموعة من الطلبة الذين وقعوا في شباك الحب. وعرض على كل واحد منهم صورة لرفيقه لتحفيزه على التفكير فيه، وتم تسجيل نشاط المخ لديهم عبر الرنين المغناطيسي.
وفي الدراسة السابقة، التي شملت طلابا تتراوح فترة علاقتهم بين عام و17 شهرا، نجح العلماء في التعرف على المناطق التي تنشط عند الولع، ولا سيما نشاط الدوبامين، وهو مادة كيميائية مسؤولة عن إعطاء شعور بالتحفيز والرضا.
وأكد المشاركون في الدراسة الذين يحتفظون بعلاقتهم منذ فترة طويلة أن حياتهم العاطفية طبيعية، وهو ما يتناقض مع المفهوم السائد عن الحب الذي يقول إن قوة الحب تقل بصورة كبيرة خلال السنوات الـ10 الأولى، على حد قول أرون.
ووفقا للخبراء الأمريكيين، الذين أجروا العديد من الدراسات عن أبعاد مختلفة من حياة المتزوجين، فإن الرابطة التي تنشأ بين الأزواج "القدامى" أفضل من مثيلتها عند حديثي الارتباط، بحكم أن علاقتهما وثيقة وحياتهما العاطفية نشطة، لا يشوبها القلق أو الهوس الذي تمتاز به الأشهر الأولى من العلاقة.
وأشار باحثو جامعة ستوني بروك في مقال نشرته مجلة "ريفيو أو جنرال سيكولوجي" إلى أن المشاعر الجنونية التي تنتاب الفرد في بدء العلاقة تأخذ في الاختفاء مع مرور الوقت، لكن الأمر لا يحدث مع الحب الرومانسي؛ فالعلاقات التي تبقى فيها الرومانسية، تكون أكثر سعادة.
وقالت صاحبة الدراسة، الدكتورة بيانكا أثيبيدو: "النزعة الامتلاكية الموجودة في المرحلة الأولى من الحب لا مكان لها في العلاقات طويلة الأمد، لكن الحب الرومانسي، والرغبة، والاهتمام بشخص قضيت معه عمرا مديدا تبقى متوقدة".
واستند البحث المذكور على 25 دراسة أخرى حول علاقات يتراوح عمرها بين 4 و10 أعوام. كما أعد الخبراء دراسة شملت 150 شخصا من منطقة لونج أيلند، بنيويورك، استمرت علاقاتهم أكثر من 8 أعوام.