إثيوبيا 2021.. تجراي "أزمة مستمرة" وانتخابات تتحدى كورونا
أزمة مستمرة في شمال البلاد، وانتخابات تتحدى كورونا، وميلاد إقليم جديد، أبرز أحداث وملامح المشهد الإثيوبي على مدار 2021 .
فبعد أن تأثرت البلاد كغيرها بفيروس كورونا العام 2020 وأجلت انتخاباتها العامة، إذ بها تجري الانتخابات العامة 2021، وإن كانت أزمة تجراي لم تبارح مكانها منذ أواخر العام الماضي.
وحسب رصد "العين الإخبارية" فقد ظل ملف سد النهضة حاضرا كما هو منذ سنوات مضت، فضلا عن ميلاد إقليم جديد ضمن أبرز أحداث إثيوبيا للعام الذي يوشك على الانقضاء.
أزمة تجراي
وأزمة إقليم تجراي بين الحكومة الفيدرالية وجبهة تحرير تجراي، التي أطلت برأسها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عقب تعدي الأخيرة على القاعدة الشمالية للجيش الإثيوبي، فتحت ساحة للصراع بين الجانبين.
واستعصت الأزمة على الحل وشكلت تحديا داخليا ودوليا أمام الحكومة الفيدرالية، بسبب ما ترتب على المواجهات من أزمة إنسانية ومواقف عالمية متباينة صعب حلها في ظل تواصل الصراع .
وإقليم تجراي، الذي شهد في نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي، مواجهات عسكرية استمرت لنحو 3 أسابيع أطاحت بجبهة تحرير تجراي المصنفة "إرهابية"، فرت قياداتها إلى الجبال عقب دخول الجيش الإثيوبي .
ونهاية يونيو/حزيران الماضي، أعلنت الحكومة الإثيوبية، قرارا مفاجئا بوقف إطلاق النار ضد الجبهة وسحب قوات الجيش كاملا من تجراي، لتعود الجبهة مجددا للإقليم.
وبدأت الجبهة تنفذ اعتداءات على إقليمي أمهرة وعفار بعد أن دخلت إلى عدة مناطق ومدن أسفرت عن مقتل المئات من المدنيين ونزوح أكثر من مليوني شخص بالإقليمين، لتضاف إلى آلاف اللاجئين والنازحين من إقليم تجراي منذ بدء الصراع .
وعلى خلفية هذه التطورات، أعلنت الحكومة إلغاء وقف إطلاق النار أحادي الجانب في الـ10 من أغسطس/آب الماضي وإعلان حالة الاستنفار في كامل البلاد.
وبدأ الجيش الفيدرالي والقوات الخاصة لإقليمي أمهرة وعفار عمليات عسكرية مشتركة ضد جبهة تحرير تجراي، لإجبارها على الانسحاب من المناطق التي سيطرت عليها بالإقليمين.
ومع اقتراب الذكرى الأولى لاندلاع الصراع ، تصاعدت حدة المواجهات ، بسيطرة جبهة تحرير تجراي على مدن جديدة في إقليم أمهرة ، والإعلان عن زحفها نحو العاصمة ، ما اعتبرته الحكومة تهديدا خطيرا ووجهت كل الشعوب الإثيوبية بالتعبئة والتصدي لمواجهة الجبهة، كما أعلنت مطلع نوفمبر/تشرين الأول فرض حالة الطوارئ لـ6 أشهر .
ولعل أبرز ما تمخض عن هذه الأزمة المستمرة، إلى جانب الوضع الإنساني للآلاف من اللاجئين والنازحين، هو المواجهة الدبلوماسية بين أديس أبابا والمنظمات الدولية والإقليمية، من جهة وأديس أبابا وواشنطن وبعض العواصم الأوروبية من جهة أخرى.
وحملت تلك الدول والمنظمات إثيوبيا مسؤولية الأزمة الإنسانية دون أن تشير بأي مسؤولية نحو الطرف الآخر "جبهة تجراي" الأمر الذي ظلت تنتقده أديس أبابا مرارا وتكرارا .
ليتطور الخلاف بين الحكومة وتلك الجهات في أن طردت أديس أبابا 7 من موظفي المنظمات الأممية العاملة بالبلاد أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، مبررة القرار بـ"تدخلهم في الشؤون الداخلية للبلاد"، الأمر الذي وجد استنكارا دوليا وإقليميا .
كما أن سيطرت الجبهة على مناطق جديدة مطلع نوفمبر/تشرين الثاني، ألقى بظلاله على جهات أخرى، ودعت بعض السفارات الأجنبية رعاياها لمغادرة البلاد على خلفية شائعات حول محاصرة جبهة تحرير تجراي للعاصمة، فيما ردت عليه أديس أبابا بتحذير وإجراءات صارمة حيال ذلك.
وسارع الاتحاد الأفريقي هو الآخر بتحريك جهوده لاحتواء الأزمة، مطلقا وساطة عبر ممثله للقرن الأفريقي الذي أجرى مقابلات مع أطراف الصراع في إثيوبيا ما فتح بصيص أمل في طريق حل النزاع الذي دخل عامه الثاني .
لكن قبل أن يمضي على سيطرة جبهة تجراي على تلك المناطق شهرا، وقبيل أن يودع العام 2021، حققت الحكومة الإثيوبية انتصارات كبيرة واستعادت جميع المناطق بإقليم عفار وأغلب المدن الكبرى بإقليم أمهرة من قبضة جبهة تحرير تجراي.
جاء ذلك ضمن حملة عسكرية واسعة للجيش الإثيوبي قادها آبي أحمد بنفسه، تحققت على إثرها انتصارات باستعادة كامل مناطق عفار، ومعظم المدن الكبرى بإقليم أمهرة.
فيما تقترب العمليات العسكرية المتواصلة من تحرير كامل مناطق الإقليم من قبضة جبهة تجراي ويتجه الجيش نحو إقليم تجراي مع توقعات عودة الحكومة للإقليم بعد انسحابها منه في يوليو/تموز الماضي .
الانتخابات الإثيوبية
ويونيو/حزيران الماضي، أجرت إثيوبيا انتخابات عامة بعد أن كانت مؤجلة جراء وباء كورونا، فاز بها حزب "الازدهار" الحاكم بـ410 من إجمالي 436 مقعدا بالبرلمان، وفق مجلس الانتخابات الإثيوبي "هيئة دستورية مستقلة".
ومطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، صادق مجلس النواب الإثيوبي "البرلمان " في أولى جلساته، على اختيار آبي أحمد لولاية جديدة في رئاسة الحكومة الإثيوبية لمدة 5 سنوات، بعد فوز حزبه بالانتخابات، كما صادق البرلمان أيضا على الحكومة الجديدة، متضمنة 22 حقيبة، منها 3 لأحزاب المعارضة لأول مرة .
سد النهضة.. حضور دائم
وسجل ملف سد النهضة الإثيوبي، حضوره السياسي كالمعتاد منذ الإعلان عن إنشائه في العام 2011، لتتسارع وتيرة الاهتمام به منذ السنوات الأخيرة الماضية، وإن اختلفت أوجه حضوره، ما بين المستجدات في بنائه، والمفاوضات الثلاثية التي تعقد من وقت لآخر، في جولات مكوكية بين عواصم الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا).
واتسمت عملية التفاوض بين أديس أبابا والخرطوم والقاهرة في ملف سد النهضة هذا العام بالتوقف منذ فشل الجولة الأخيرة التي عقدت بكينشاسا عاصمة الكونغو الديمقراطية في أبريل/نيسان الماضي.
وعلى مدار الجولات السابقة، تمسكت القاهرة والخرطوم بالتوصل لاتفاق ملزم قبل الملء الثاني لسد النهضة الذي نفذته إثيوبيا بالفعل في يوليو/تموز الماضي .
ميلاد إقليم جديد
وفي 9 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلن مجلس الانتخابات الإثيوبية، نتيجة عملية استفتاء تأسيس الإقليم الـ11 بإثيوبيا، التي جرت ضمن الانتخابات التكميلية سبتمبر/أيلول الماضي، بنسبة بلغت 93.9% صوتوا لصالح تأسيس إقليم جديد بالبلاد.
وصوت 1.22 مليون ناخب لصالح إنشاء إقليم جديد، بينما صوت 24 ألف ناخب للبقاء ضمن إقليم شعوب جنوب إثيوبيا.
ويتكوّن الإقليم الجديد الذي يحمل اسم "شعب جنوب غرب إثيوبيا"، من مناطق كونتا، وغرب أومو، وبينش شكو، وكافا وداور، وشيكا، ما يسمح لهذه المناطق بتشكيل حكومة إقليمية منفصلة، وتكون جزءا من النظام الفيدرالي الإثيوبي.
ويعد ثاني إقليم يجري الاستفتاء حوله، بعد إقليم "السيداما" الذي أعلنت عنه السلطات العام الماضي.
وتتبع إثيوبيا نظام جمهوري برلماني فيدرالي، حيث يمثل رئيس الوزراء رئيس الحكومة والسلطة التنفيذية.
وتتكون إثيوبيا من 11 إقليم وهي أمهرة وتجراي وأوروميا وعفار والصومال الإثيوبي وبني شنقول جموز وشعوب جنوب إثيوبيا وجامبيلا والسيداما وهرر، وإقليم شعب جنوب غرب إثيوبيا بالإضافة إلى إدارة مدينتي أديس أبابا ودريداوا المتمتعة بإدارة مستقلة.
استشراف العام الجديد والمستقبل
وما بين استمرار الصراع بين أديس أبابا وجبهة تجراي، ونجاح الحكومة الإثيوبية في إجراء الاستحقاق الدستوري يونيو/حزيران الماضي كأبرز أحداث العام 2021 الذي شارف على نهايته، تظل فرص مستقبل البلاد واستشراف العام الجديد مرهونة بحل النزاع الذي دخل عامه الثاني وأخذ منعطفا جديدا بإتساع رقعة الصراع كأكبر تحدي أمام آبي أحمد الذي أعيد انتخابه .
وتشكل المعادلة ما بين الصراع المستمر في شمال البلاد والاستحقاق الانتخابي الذي تم بإثيوبيا، تحديات سياسية واقتصادية يصعب قراءتها في ظل الصعوبات التي تواجهها وساطة الاتحاد الأفريقي المشفوعة بالدعم الدولي والإقليمي.
ووفق مبعوث الاتحاد الأفريقي للقرن الأفريقي الرئيس النيجيري الأسبق أولوسيجون أوباسانجو، فقد قال إن "الفرصة التي لدينا ضئيلة والوقت قصير"، خلال إحاطة لمجلس الأمن الدولي في الـ9 من نوفمبر الجاري .
وما لم تضع الحرب أوزارها، تظل آفاق مستقبل البلاد غير واضحة المعالم بالرغم مما تنفيه الحكومة الإثيوبية لهذه المخاوف والتحذيرات الأممية والأمريكية متهمة الأخيرة بدعم جبهة تحرير تجراي وأن مخاوفها تأتي في إطار دعمها للطرف الآخر .
aXA6IDMuMTMzLjEzOS4yOCA= جزيرة ام اند امز