انتخابات إثيوبيا.. تباين الرؤى بشأن الموعد والخيارات الدستورية
حزب الازدهار الإثيوبي، الحاكم، قدم أربعة خيارات دستورية للخروج من المعضلة الدستورية التي تواجهها البلاد، شهدت تباينا من قبل الأحزاب
تشهد إثيوبيا حالة من التباين حول الانتخابات البرلمانية العامة المؤجلة بسبب جائحة كورونا، بين مؤيد يرى ضرورة إجرائها تخوفا من "الفراغ الدستوري"، وآخر يؤكد ضرورة التأجيل لحين انتهاء تداعيات الوباء من البلاد.
ونهاية مارس/آذار الماضي، أعلن مجلس الانتخابات الإثيوبي (هيئة دستورية مستقلة) تأجيل إجراء الانتخابات العامة بسبب فيروس كورونا والتي كان مقررا عقدها في 29 أغسطس/آب، المقبل لأجل غير مسمى.
وتُعد الانتخابات المرتقبة هي السادسة من نوعها منذ إقرار البلاد الدستور الوطني عام 1994، وإجراء أول انتخابات عام 1995.
وفي ظل هذا الجدل، فاجأ حزب الازدهار الإثيوبي الحاكم الذي يتزعمه رئيس الوزراء، آبي أحمد، الأحزاب السياسية المعارضة بتقديمه أربعة خيارات للخروج من المعضلة الدستورية التي تواجهها البلاد بسبب تأجيل الانتخابات جراء فيروس كورونا.
وطرح الحزب الخيارات الدستورية بحضور آبي أحمد، وعدد كبير من ممثلي مختلف الأحزاب السياسية المعارضة؛ لمناقشة الوضع الحالي لفيروس كورونا وخيارات الخروج من الأزمة الدستورية التي بدأت تطل برأسها مع اقتراب انتهاء الفترة الدستورية للحكومة الحالية.
وتمثلت خيارات حزب الازدهار التي قدمها نائب المدعي العام الدكتور جيديون تيموتيوس، للخروج من هذه المعضلة الدستورية في حل البرلمان؛ إعلان حالة الطوارئ، تعديل الدستور ، والبحث عن تفسيرات دستورية.
وتنتهي الفترة الدستورية للبرلمان الحالي والحكومة في أغسطس/آب المقبل، على أن يتم تشكيل الحكومة المنتخبة في سبتمبر/أيلول، وهو ما لن يحدث في ظل الوضع القائم الآن في إثيوبيا جراء تأجيل الانتخابات إلى موعد غير محدد.
وانقسم المشهد السياسي الإثيوبي الذي تمثله الأحزاب السياسية المعارضة بين هذه الخيارات من يرى تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية وهو ما رفضه رئيس الوزراء الإثيوبي،آبي أحمد، على الفور.
وأكد عدم حدوث ذلك في ظل خيارات دستورية أخرى، فيما تباينت مواقف البعض الآخر بين تعديل الدستور وحل البرلمان والبحث عن تفسيرات دستورية.
ولم يخف حزب "الازدهار" الحاكم ميوله إلى خيار البحث عن تفسيرات دستورية تتطلب الرجوع إلى المجلس الفيدرالي الذي له كامل السلطة فيما يتعلق بالدستور باعتباره كيانا مكونا من ممثلي الشعوب والقوميات الإثيوبية ويمثل الغرفة الثانية للبرلمان الإثيوبي.
تفسيرات دستورية
المحلل السياسي الإثيوبي المحاضر بجامعة أديس أبابا، سيساي مينجيستي، قال إن الخيارات التي يوفرها حل البرلمان وإعلان الطوارئ ليست جيدة.
وأضاف مينجيستي، في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن المادة 60 من الدستور الإثيوبي تعطي رئيس الوزراء حل البرلمان بعد حصوله على موافقة ثلثي أعضاء البرلمان على أن يتم إجراء انتخابات جديدة في غضون 6 أشهر بعد حل البرلمان.
وأوضح أن هذا الخيار له قيود وسيسبب أزمة سياسية كونه لا يستطيع فيه الحزب الحاكم وضع قوانين ولوائح جديدة أو مراجعة القوانين القائمة باستثناء إدارة الانتخابات وتنظيمها.
وأشار إلى أن خيار حل البرلمان سيضعف الحكومة؛ لأن السلطة التشريعية ستكون غير موجودة بالتالي لا يمكن تمرير القوانين، وإبرام المعاهدات الدولية، مما سيجعل الحكومة حكومة تسيير أعمال فقط.
وأكد أن خيار إعلان حالة الطوارئ ليس جيدا في الوقت الراهن، باعتبار أن إثيوبيا تعيش حاليا بالأساس حالة طوارئ بسبب كورونا، وبالتالي أن يفرض حالة أخرى أمر غير مناسب وسيكون له تبعاته في الأزمة الدستورية.
ولفت إلى أنه يدعم خيار طلب البحث عن تفسيرات دستورية للوضع القائم، موضحا أن ذلك سيكون الأفضل لأنه يتطلب الرجوع إلى المجلس الفيدرالي المخول في فض المنازعات، وهو أعلى سلطة دستورية يلجأ إليها التحكيم الدستوري.
تعديل الدستور
في المقابل، اعتبر المحامي والخبير القانوني الإثيوبي، مولالينج ملسي، أن خيار تعديل الدستور قد يكون الأفضل بالنسبة للوضع السياسي القائم في البلاد مع وجود بعض القيود.
وأضاف الخبير الإثيوبي، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن خيار تعديل الدستور بموجب المادة 105 يتطلب من مجلس نواب الشعب (البرلمان) والمجلس الفيدرالي التصديق على التعديل بأغلبية ثلثي الأصوات.
وأوضح أنه يشترط أن يوافق ثلثا أعضاء المجلس الفيدرالي على الاقتراح بأغلبية الأصوات من أجل عرض هذا الاقتراح على المناقشة، مشيرا إلى أن الفكرة تحتاج الحصول على دعم من مجلسي النواب والفيدرالي بأغلبية الثلثين.
وحول خياري حل البرلمان وإعلان حالة الطوارئ، قال ملسي إن خيارات إعلان الطوارئ وحل البرلمان لها تأثير سلبي أكثر من الإيجابي، لافتا إلى أن إعلان الطوارئ سيضع الأحزاب في وضع غير متكافئ بالتالي قال إنه لا يدعم هذا الاتجاه.
تباين بين الأحزاب
وفي ظل هذا الأزمة الدستورية التي تطل برأسها على إثيوبيا، علقت العديد من الأحزاب السياسية على الخيارات التي قدمها حزب الازدهار الحاكم للخروج من هذا المنعطف التاريخي.
وقالت حركة أمهرة الوطنية إنها تتمسك بخيار التعديل الدستوري كأفضل خيار.
فيما رفض ائتلاف الوحدة الفيدرالية الإثيوبية جميع الخيارات التي قدمها الحزب الحاكم وقال إنه مع تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية لحين إجراء الانتخابات العامة في البلاد.
ومنتصف فبراير/شباط الماضي، أعلن مجلس الانتخابات الإثيوبي إجراء الانتخابات العامة في 29 أغسطس/آب المقبل، وذلك بعد مشاورات أجراها المجلس مع مختلف الأحزاب السياسية في البلاد.
لكنه عاد وأعلن تأجيل إجراء الانتخابات العامة بسبب تفشي فيروس كورونا في الـ31 من مارس الماضي إلى موعد غير محدد، وصادق البرلمان الإثيوبي على قرار المجلس بالتأجيل.
وأقر البرلمان الإثيوبي في الـ24 من أغسطس/آب الماضي، مسودة قانون الانتخابات والأحزاب السياسية، ليمهد الطريق أمام إجراء الانتخابات التي ستكون الأولى في عهد رئيس الوزراء الإصلاحي آبي أحمد.
ويبلغ عدد الأحزاب السياسية في البلاد أكثر من 107 أحزاب غير أن المسجل منها لدى مجلس الانتخابات الإثيوبي لا يتجاوز الـ67 حزبا.
وتتبع إثيوبيا نظام الجمهورية البرلمانية الفيدرالية، ويمثل رئيس الوزراء رئيس الحكومة والسلطة التنفيذية.
ويتكون البرلمان الإثيوبي من مجلسين: المجلس الفيدرالي ويضم 112 عضوا يمثلون كل القوميات في إثيوبيا، بينما يتكون مجلس نواب الشعب الإثيوبي (الغرفة الأولى) من 547 نائبا.