الانتخابات الإثيوبية.. "أزمة" دستورية يحسمها 11 شخصا
الأحزاب السياسية تنتظر قرار مجلس التحقيق الدستوري بعد أن أخفقت القوى السياسية في الخروج بتوافق
دخلت أزمة الانتخابات الإثيوبية العامة مرحلة الحسم بين مبادرة الحكومة وسجال الأحزاب السياسية المعارضة، حيث يتولى مجلس التحقيق الدستوري، المكون من 11 عضوا، فض النزاع.
فعلى الرغم من تقديم الحكومة مبادرة تقديم خيارات دستورية للخروج من أزمة إجراء الانتخابات العامة المؤجلة جراء جائحة كورونا فلا يزال القرار محل سجال بين الحزب الحاكم "الازدهار" والأحزاب السياسية المعارضة، بين مؤيد يرى ضرورة إجرائها تخوفا من "الفراغ الدستوري"، وآخر يؤكد ضرورة التأجيل لحين انتهاء تداعيات الوباء في البلاد.
وتنتهي الفترة الدستورية للبرلمان الحالي والحكومة أغسطس/آب المقبل، على أن يتم تشكيل الحكومة المنتخبة يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وتعيش إثيوبيا في الوقت الراهن حالة طوارئ بسبب كورونا تستمر حتى 5 سبتمبر/أيلول المقبل وهو ما سيدخل النظام الدستوري القائم في أزمة دستورية لعدم إجراء الانتخابات قبل هذا الوقت الذي يتم فيه انتهاء ولاية الحكومة الحالية، ويشترط إجراء الانتخابات قبل انتهاء ولاية البرلمان القائم بشهر، وفق الدستور الإثيوبي.
وتبقى الأمال معلقة على مجلس التحقيق الدستوري بحسم وفض النزاع بشأن إجراء الانتخابات أو تأجيلها بعد تقديم حزب الازدهار الحاكم الذي يتزعمه رئيس الوزراء، آبي أحمد، 4 خيارات للخروج من المعضلة الدستورية التي تواجهها البلاد بسبب تأجيل الانتخابات جراء فيروس كورونا تمثلت خيارات حزب الازدهار في حل البرلمان، وإعلان حالة الطوارئ، وتعديل الدستور، والبحث عن تفسيرات دستورية.
ووافق البرلمان الإثيوبي، الثلاثاء الماضي، على خيار "البحث عن تفسيرات دستورية" لإجراء الانتخابات العامة المؤجلة في البلاد وأحال الملف إلى مجلس التحقيق الدستوري للبت فيه.
مجلس التحقيق الدستوري
هو مجلس مكون من 11 عضوا ترأسه رئيسة المحكمة الفيدرالية العليا ونائبها و6 خبراء قانونيين عينهم الرئيس الإثيوبي وثلاثة أعضاء من المجلس الفدرالي وهو هيئة دستورية قانونية تتبع المجلس الفيدرالي وله اهمية بالغة بوصفه من المؤسسات الجوهرية والاساسية في المنظومة السياسية حيث يختص دون سواه في مراقبة الدستور والفض في المنازاعات الدستورية .
فيما يمثل المجلس الفيدرالي في اثيوبيا الذي يتبع له مجلس التحقيق الدستوري الغرفة الثانية للبرلمان ويضم 112 عضوا وهو أعلى هيئة فيدرالية تمثل كل القوميات في إثيوبيا، ويتم اختيار أعضاء المجلس الفيدرالي من قبل مجالس الأقاليم لفترة زمنية قدرها خمس سنوات، وهو أعلى سلطة دستورية يلجأ إليها التحكيم الدستوري.
وفي ظل هذا السجال تتنظر الأحزاب السياسية قرار مجلس التحقيق الدستوري الذي تسلم الملف بفض النزاع في إجراء الإنتخابات المؤجلة بعد أن أخفقت القوى السياسية في الخروج بتوافق سياسي، تم بموجبه إحالة الفض في هذا الخلاف إلى مجلس التحقيق الدستوري .
وأعلنت رئيسة المحكمة الفيدرالية العليا،معازا أشنافي، ورئيسة مجلس التحقيق الدستوري، الثلاثاء، عن دعوتها للخبراء القانونيين الوطنيين من مختلف مؤسسات التعليم العالي والجامعات للمشاركة بأرائهم القانوينة لمجلس التحقيق الدستوري للاستفادة منها وتأكيدًا لشفافية وحيادية المجلس لإبداء رأيه حول هذه الأزمة التي تشهدها البلاد.
وإزاء الواقع السياسي المتلهب ثمة تساؤلات تطرح عن قدرة البلاد والنخب السياسية في الخروج بتوافق يجنب البلاد الصراعات والنزاعات بسبب الانتخابات.
يقول المحلل السياسي الإثيوبي المحاضر بجامعة أديس أبابا، سيساي مينجيستي، في حديث،لـ"العين الإخبارية"، إن النخب السياسية على دراية بالواقع الذي فرضته جائحة كورونا وانعكاساتها على الوضع الاقتصادي والسياسي، بالتالي هدوء الساحة السياسية والعمل في إطار القانون والدستور مطلوب منها.
ويضيف أن القرار المنتظر الذي سيتوصل إليه مجلس التحقيق الدستوري ومن ثم مصادقة المجلس الفيدرالي عليه سيكون بصورة سلسلة وملزم وسيؤكد قدرة البلاد على الإلتزام بالنهج الديمقراطي الذي يجنب أي مشاكل وخلافات في الوقت الراهن لاتحمد عقباها.
ويوضح مينجيستي، أن خيار البحث عن تفسيرات دستورية للوضع القائم، هو الأفضل لإثيوبيا في الوقت الراهن عن الخيارات الأخرى التي لربما تخلق مشاكل وخلافات أكثر .
تباين بين الأحزاب
وفي ظل هذا الأزمة الدستورية التي تعيشها إثيوبيا علقت العديد من الأحزاب السياسية على الخيارات التي تفضلها في الخروج من هذه المعضلة الدستورية.
وقالت كل من حركة أمهرة الوطنية والتحالف من أجل الفيدرالية الديمقراطية المتعددة وحزب المواطنين الأثيوبيين أكبر الأحزاب على الساحة السياسية إنها تتمسك بخيار التعديل الدستوري كأفضل خيار.
فيما تمسكت بعض الأحزاب بمطالب تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية وهو ما رفضه رئيس الوزراء الإثيوبي،آبي أحمد، على الفور وأكد عدم حدوث ذلك في ظل خيارات دستورية أخرى.
غير أن جبهة تحرير تجراي، أحد الأحزاب التي قادت الائتلاف السابق في إثيوبيا (1991- 2018)،أعلنت عن اتجاها لإجراء انتخابات داخل الإقليم الذي تحكمه.
وأثار قرارها أزمة وانتقادات من جانب مجلس الانتخابات الإثيوبي، كما رد عليه آبي أحمد، بشكل غير مباشر في خطاب متلفز، مشيراً إلى أن إعلان انتخابات خارج النظام الدستوري أمر مخالف للقانون.
وشدد على استعداد الحكومة للتصدي لكل من يخالف القانون والدستور.
ويرى مراقبون أن التحدي الأكبر في هذه التبايانات والقرار المرتقب لمجلس التحقيق الدستوري بحسم إجراء الانتخابات هو إعلان جبهة تحرير تجراي إجراء انتخابات في الإقليم الذي تحكمه بمعزل عن الانتخابات العامة.
واعتبر المراقبون أن الخلاف الحالي بين الجبهة وحزب الازدهار الحاكم تجاوز الإطار الدستوري إلى كونه خلافاً سياسياً بين أطراف متصارعة داخل البلاد،.
وجبهة تحرير هي عرابة الائتلاف السابق "الجبهة الديمقراطية الثورية"، وقادته منذ أن تشكل في عام 1989 ووصل الى السلطة (1991-2018) وهو ما انتهى فعلياً بوصول آبي أحمد إلى سدة السلطة إبريل 2018، والذي أنشأ تحالفاً جديداً بقيادة حزب الازدهار أعلنه في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ورفضت جبهة تحرير تجراي الانضمام إليه وشككت في شرعيته، واعتبرت أنه استولى على السلطة المنتخبة.
والخميس الماضي حذر آبي أحمد، من محاولات البعض تقويض الدستور عبر استغلال الوضع الراهن الذي تعيشه البلاد جراء تداعيات فيروس كورونا والتي تسببت في تأجيل الانتخابات.
وقال آبي أحمد، إن "هناك محاولات من السياسيين والأحزاب والنشطاء لإرباك المشهد السياسي الراهن بسبب فيروس كورونا وتأجيل الانتخابات لتقويض الدستور".
وأوضح أنهم يعملون على "استغلال الوضع بإيهام الشعب وتقديمهم خيارات غير دستورية للخروج من الوضع الذي فرضه فيروس كورونا الذي تأجلت بسببه الانتخابات".
ومنتصف فبراير/شباط الماضي، أعلن مجلس الانتخابات الإثيوبي إجراء الانتخابات العامة في 29 أغسطس/آب المقبل، وذلك بعد مشاورات أجراها المجلس مع مختلف الأحزاب السياسية في البلاد.
لكنه عاد وأعلن تأجيل إجراء الانتخابات العامة بسبب تفشي فيروس كورونا يوم 31 من مارس/آذار الماضي إلى موعد غير محدد، وصادق البرلمان الإثيوبي على قرار المجلس بالتأجيل.