استقالة رئيسة "الفيدرالي" الإثيوبي.. أزمة الانتخابات تتعمق
الاستقالة جاءت قبل يومين من تقديم مجلس التحقيق الدستوري توصياته بشأن مصير إجراء الانتخابات المؤجلة في إثيوبيا
أثارت استقالة رئيسة المجلس الفيدرالي في إثيوبيا (الغرفة الثانية) جدلا سياسيا بين الحزب الحاكم "الازدهار" وجبهة تحرير تجراي، قائدة الائتلاف السابق التي قررت إجراء انتخابات في إقليمها بمعزل عن الانتخابات العامة المؤجلة، بسبب جائحة كورونا.
وشكلت استقالة خيرية إبراهيم، رئيسة المجلس الفيدرالي الإثيوبي التي تم انتخابها إبريل/نيسان 2018 علامة فارقة في تأزم العلاقة بين حزب الازدهار الذي يقوده رئيس الوزراء آبي أحمد، وجبهة تحرير تجراي التي قررت تصعيد الخلاف بدفع رئيسة المجلس الفيدرالي للاستقالة.
وتأتي استقالة رئيسة المجلس الفيدرالي قبل يومين من تقديم مجلس التحقيق الدستوري توصياته بشأن مصير إجراء الانتخابات المؤجلة في إثيوبيا بسبب جائحة كورونا.
وخيرية إبراهيم هي من كبار المسؤولين في جبهة تحرير تجراي، إحدى الأحزاب السياسية الرئيسية في البلاد، والتي عارضت تأجيل الانتخابات وعضوة باللجنة التنفيذية للجبهة.
واختارت أن تكون استقالتها عبر تلفزيون تجراي الإقليمي دون القومي، وبررت رئيسة المجلس الفيدرالي استقالتها بأنها لاتريد أن تكون متعاونة مع نظام يتطور إلى الديكتاتورية.
وقالت إبراهيم إن الحكومة الحالية تحاول فرض قرار من شأنه أن يؤدي إلى حكومة ديكتاتورية تحت ستار لجنة التحقيق الدستوري التي أوكل إليها حسم مسألة إجراء الانتخابات.
وأضافت أن هذه المحاولات تمثل انتهاكا للدستور من قبل الحكومة الحالية، في إشارة إلى قرار تأجيل الانتخابات جراء جائحة كورونا.
الخلاف بين رئيس الوزراء آبي أحمد، وجبهة تحرير تجراي ليس وليد اللحظة بسبب الانتخابات، وإنما بدأ منذ تولي آبي أحمد، رئاسة الوزراء إبريل/نيسان 2018 ، عندما رأت الجبهة أن خططه الإصلاحية تستهدف قياداتها ورموزها، ثم تطور مع عودة العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا، والعلاقة الخاصة التي نشأت بين آبي أحمد، و الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، الذي تعتبره جبهة تحرير تجراي عدوها اللدود ليتعمق الخلاف أكثر بعد رفض الجبهة الانضمام إلى حزب الازدهار الذي شكله آبي أحمد، مؤخرا.
وقررت جبهة تحرير تجراي الشهر الماضي إجراء انتخابات في إقليمها بمعزل عن الانتخابات العامة المؤجلة جراء جائحة كورونا.
وأكد حاكم إقليم تجراي ورئيس حزب الجبهة دبرصيون جبراميكائيل تمسكهم بإجراء انتخابات في الإقليم.
واعتبر تأجيل الانتخابات بسبب كورونا غير دستوري، وقال إنهم سيجرون الانتخابات في موعدها أي قبيل انتهاء الفترة الدستورية للحكومة الحالية في الـ11 من أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
ويرى مدير إدارة العلاقات العامة بالمجلس الفيدرالي جبرو جبرسلاسي أن استقالة، رئيسة المجلس الفيدرالي لن تؤثر على سير أعمال المجلس ونشاطاته.
وقال جبرسلاسي، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، إن المجلس له لوائح وقوانين تنظم العمل ولن تتأثر باستقالة رئيسه.
وأضاف أن الإجتماع المرتقب للمجلس الفيدرالي سيعقد، الأربعاء والخميس، بغية الفصل والتصويت في عملية حسم إجراء الإنتخابات المؤجلة في البلاد.
ومنذ مايو/أيار الماضي دخلت أزمة الانتخابات الإثيوبية العامة في حالة من السجال والشد والجذب، على خلفية إحالة البرلمان أزمة إجراء الانتخابات العامة إلى مجلس التحقيق الدستوري للفض في النزاع بشأن عقدها أو تأجيلها، حيث يتولى مجلس التحقيق الدستوري، المكون من 11 عضوا الفصل في الأمر.
وترجع حالة الشد والجذب، التي تشهدها الساحة السياسية في إثيوبيا، إلى الدستور الذي أغفل نقطة مهمة تتعلق بتحديد الخطوات اللازمة في حال انتهاء الولاية الشرعية للحكومة المنتخبة، حيث لم يحدد الدستور ما يتخذ من إجراءات في حال عدم تمكن الحكومة القائمة من إجراء الانتخابات في موعدها لأي طارئ، قد يواجه البلاد.
ودعا السياسي الإثيوبي ورئيس إئتلاف منتدى الوحدة الفيدرالي بينى بيطروس، جبهة تحرير تجراي إلى تهدئة الأمور وعدم اتخاذ خطوات تصعيدية مع حكومة آبي أحمد.
وأضاف بيطروس، في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن الوضع الذي تشهده البلاد بسبب جائحة كورونا وإرجاء الإنتخابات على إثرها، سابقة لم تشهدها البلاد ويتعين على الجميع التحلي بالصبر والحكمة للخروج من المأزق الدستوري الذي نجم عن جائحة كورونا وعدم تعقيد مجريات الأمور.
وحذر من أن تأزيم الوضع من قبل جبهة تحرير تجراي سلوك غير منطقي في الوضع الراهن.
ورأى أن الخطوات التي اتخذها رئيس الوزراء الإثيوبي، بمبادرته لتقديم خيارات دستورية، بشفافية تامة وإحالة حسم ملف الانتخابات لمجلس التحقيق الدستوري، تمثل طريقة حضارية وديمقراطية.
ويمثل المجلس الفيدرالي في إثيوبيا الغرفة الثانية للبرلمان ويضم 112 عضوًا وهو أعلى هيئة فيدرالية تمثل كل القوميات في البلاد.
ويتم اختيار أعضاء المجلس الفيدرالي من قبل مجالس الأقاليم لفترة زمنية قدرها خمس سنوات، وهو أعلى سلطة دستورية يلجأ إليها التحكيم الدستوري.
وفسر مراقبون خطوة استقالة رئيسة المجلس الفيدرالي من منصبها، بأنه قرار سياسي له علاقة بموقف جبهة تحرير تجراي إزاء الانتخابات.
كما اعتبروا أنه يأتي في سياق الخلاف المحتدم بين الجبهة وحزب الازدهار ومحاولة لإرباك الحكومة في اتخاذ الخطوات القادمة للخروج من الأزمة الدستورية بشأن الانتخابات.
ولا يستبعد المراقبون أن تتبع هذه الخطوة قرارت تصعيدية من الجانبين، في إطار حالة الشد والجذب التي تشهدها الساحة السياسية.
كما اعتبروا خطوة الجبهة تندرج في إطار ممارسة الضغوطات على الحكومة الفيدرالية وإرباكها دستوريا بغرض إجبارها على التفاوض معها وإعادة هيبتها في المشهد السياسي الذي افتقدته بوصول آبي أحمد للسلطة.
ويُؤخذ على المعارضة الإثيوبية أنها لم تطرح حتى الآن رؤية وخطة واضحة المعالم لبرامجها الانتخابية وكيفية حُكم إثيوبيا والخروج من الأزمة الدستورية.
غير أنها تجتمع في رغبة واحدة هي إزاحة آبي آحمد عن الحكم، وذلك من خلال الدعوات المتكررة لبعض الأحزاب بتشكيل حكومة انتقالية تدير البلاد في الفترة القادمة.
وتعيش إثيوبيا في الوقت الراهن حالة طوارئ بسبب كورونا تستمر حتى 5 سبتمبر/أيلول المقبل وهو ما سيدخل النظام الدستوري القائم في أزمة دستورية لعدم إجراء الانتخابات قبل هذا الوقت الذي يتم فيه انتهاء ولاية الحكومة الحالية، ويشترط إجراء الانتخابات قبل انتهاء ولاية البرلمان القائم بشهر، وفق الدستور الإثيوبي.
وقرر مجلس الانتخابات الإثيوبي "هيئة دستورية مستقلة"، في الـ31 من مارس/آذار الماضي تأجيل إجراء الانتخابات العامة جراء فيروس كورونا.
وكانت الانتخابات مقررة في 29 أغسطس/آب المقبل، ليقود هذا التأجيل الساحة السياسية إلى حالة من الشد والجذب والاحتقان ما بين معارض ومؤيد للخطوة.