جولة مصورة في "غوندر" الإثيوبية.. زهرة أفريقيا تأبى الذبول
يزخر إقليم أمهرة شمالي إثيوبيا، بالعديد من المناطق الأثرية والمحميات ما جعل منه وجهة سياحية مميزة لعشاق التاريخ والطبيعة ،
ومن بين هذه المعالم التي لا تخطئها العين ، مدينة غوندر قصر الملوك وقلعة الحضارة الإنسانية كما تعرف عند الإثيوبيين، تتصدر هذه المدينة التاريخية جل حكايات التاريخ الإثيوبي إن لم يكن كله.
فالمدينة التي تقع على بعد نحو 780 كلم من العاصمة أديس أبابا، تعد من أقدم مدن إقليم أمهرة وأبرز المعالم التاريخية بالبلاد، إذ تحتفظ بكنوز ثقافية وإرث تقليدي لأكثر من 250 عاما، فضلا عن مبانيها العتيقة التي لازالت تقف شامخة تحكي عن حضارة إنسان شيد قصورا وقلاعا هي الأخرى تعبر عن عظمة الإنسان والمكان.
لما لا وهي المدينة التي نالت شرف أن تكون عاصمة إثيوبيا "الحبشة " لأكثر من قرنين ونصف القرن، فشيدت بها قصور وقلاع للملوك الذي تعاقبوا على حكم البلاد خلال تلك الفترة، فهي قصر الملوك وقلعة الحضارة الإنسانية كما يحلو لقاطنيها .
ويوثق التاريخ في القرنين السادس عشر والسابع عشر ، بأن مدينة غوندر كانت مقر إقامة الإمبراطور الإثيوبي فاسيليدس وخلفائه، وحكايات أخرى عن تعاقب أباطرة وملوك.
ومن المعالم التاريخية السور الذي يحيط بالمدينة، بارتفاع أكثر من 900 متر، الذي يطوق القصور والكنائس والأديرة والمباني العامة والخاصة، بمعمارها الفريدة معبرة عن تأثرها بالهندوسية والعربية، وهو ما منحه بأن سجل كموقع أثري عالمي عبر اليونسكو في العام 1979.
كما يوجد بالمدينة متحف راسقنب، فهو الآخر حكاية لمبنى يحتفظ بإرث وثقافة شعوب شمالي إثيوبيا لأكثر من 375 عاما، ولا يزال شعوب تلك المنطقة يشعرون بالفخر ببقائه رغم كل هذه السنوات.
ولاستعادة حكاية مدينة غوندر التاريخية، أجرت "العين الإخبارية"، مقابلة مع المرشد السياحي للمدينة، أسغيد تسفاي، الذي تحدث عن مدينة مفاخر ومعتزا بتأريخها الذي تعكسه معالمها الرئيسية من القلاع والقصور والأديرة ، قائلا: مدينة غوندر التاريخية تزخر بالعديد من المعالم التاريخية، ومن بين هذه المعالم قصر وقلعة "فاسليدس"، التي يعود إنشائها لأكثر من قرنين.
وأوضح تسفاي ، أن مدينة غوندر ظلت عاصمة لإثيوبيا منذ حكم الإمبراطور فاسليديس وحتى الإمبراطور تيدروس، مشيرا إلى أنه تعاقب عليها نحو 18من الملوك الذين حكموا إثيوبيا خلال 250 عاما، وكان مقرهم مدينة غوندر.
وأضاف أن تلك الفترة تعرف بالعصر الذهبي لإثيوبيا، أو العصر الوردي.
وتحدث تسفاي حول قصر وقلعة "فاسليدس"، قائلا: إن القصر يقع على مساحة 70 ألف متر مربع وبه 12 بوابة مطوق بسور يصل طوله 900 متر.
أضاف أن المدينة في تلك الفترة كانت بها مباني يصل عددها لـ 128 مبنى شيدت على الطراز المعماري الحديث وقتها .
وأشار إلى أن مدينة غوندر بها 44 كنسية وتوابيت ومعالم دينية أخرى مخصص لأتباع الديانات اليهودية والإسلامية.
وتابع المرشد السياحي بمدينة غوندر قائلا: داخل السور يوجد ستة قصور بناءها ستة ملوك تعاقبوا على الحكم ، وكان يتخذونها مقرا لهم، كما يوجد مكتبة وساحة لإجراء مسابقات الفروسية ودور العبادات وقاعة الطعام.
وأشار تسفاي إلى أن الممالك كانت تعتقد أنها تحكم من مدينة مومباسا الكينية وحتى مروي السودانية.
ومدينة غوندر التاريخية كان يقطنها في ذلك الوقت أكثر من 3 آلاف مواطن، وكانت ثاني أكبر مدينة في العالم في عصرها ماعدا القاهرة التي كانت تتفوق عليها بعدد سكانها.
وأوضح تسفاي أن الزائر لمدينة غوندر يتمكن من معرفة حضارة إثيوبيا القديمة، وأضاف يتعرف الزائر على أن إثيوبيا بدأت الاستجمام والحمامات الحديثة والإبداعات في فن الرسم.
وأضاف بعض الكتاب الأوروبيين يطلقون على غوندر قلب إثيوبيا لما تحمله من حضارة إنسانية.
وتطرق إلى السياحة وكيف وظفت الحكومة هذه المعالم للسياحة، قائلا: يمكن زيارة قصر فاسل بمبلغ 10 بر فقط للزوار المحليين، فيما تبلغ سعر تذكرة الدخول للأجانب بـ 200 بر إثيوبي، وإذا كانت زيارتك تحتاج إلى المرشد السياحي تدفع مبلغ 850 بر للخدمة.
ولفت إلى أنه قبل جائحة كورونا كان عدد الزوار للمدينة يصل إلى 30 ألف زائر أجنبي وأكثر من 150 ألف زائر محليا سنويا.
أضاف أن أكثر من 200 موظف يعملون في خدمة الزوار بينهم مرشدي السياحة ومصورين وغيرهم ، مشيرا إلى تراجع أعداد الزوار وبالتالي تقليص العاملين بسبب وباء كورونا.
وقال إن المدينة تعتمد على قطاع السياحة حيث يتم تبادل الأموال خلال شهر يناير من كل عام نحو 178 مليون بر إثيوبي، ولمدة أكثر من عام توقفت في المدنية جميع أنشطة السياحة .
ودعا المرشد السياحي بمدينة غوندر إلى أهمية الترميم والصيانة لهذه المعالم التاريخية، وأضاف بعض المعالم التاريخية بالقصر التاريخي بدأت تنهار وتتأثر بسبب العوامل العمرية وتحتاج إلى الترميم والصيانة.