من هو برهانو نغا؟.. معارض بارز يتولى وزارة التعليم الإثيوبية
استعاد برهانو نغا، الذي قارع أنظمة حكمت إثيوبيا، زخمه التاريخي، بتحقيق نصر في المنازلة الانتخابية الأخيرة وفاز بمقعد برلماني.
توج "نغا" هذا النصر بدخوله ضمن التشكيلة الحكومية الجديدة لرئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد التي صادق عليها البرلمان أمس الأربعاء.
وحوى التشكيل الحكومي الجديد ولأول مرة وزراء من خارج الحزب الفائز (حزب الازدهار الذي يتزعمه آبي أحمد) بالانتخابات الإثيوبية التي شهدتها البلاد يونيو/حزيران الماضي.
ومن بين وزراء أحزاب المعارضة الثلاثة الذين دخلوا التشكيلة الحكومية الجديدة، برز اسم الزعيم المعارض برهانو نغا، رئيس ائتلاف "إيزيما" (حزب المواطنين الإثيوبيين من أجل العدالة الاجتماعية)، بعد توليه منصب وزير التعليم، فمن هو برهانو نغا الذي أوكلت إليه وزارة ينتظرها الكثير ضمن التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة؟
برهانو نغا
عَرف "نغا" السجون والمنفى، خلال العقود الماضية، قبل أن يعود قبل أكثر من عامين، في جو المصالحة بالبلاد، ليتزعم ائتلافا معارضا شارك به في الانتخابات الأخيرة.
ينحدر برهانو نغا، (63 عاما) من قومية "الغوراغي" في شعوب جنوب إثيوبيا، وبدأ الممارسة السياسية في وقت مبكر من عمره.
الزعيم المعارض من مواليد مدينة بيشفتو بإقليم أوروميا وسط البلاد، في 6 ديسمبر/كانون الأول 1958، ودخل الحياة السياسية في ريعان شبابه بانضمامه إلى صفوف الحزب الثوري الإثيوبي "إهابا" المعارض لنظام منغيستو هيلي ماريام 1974-1991.
في تلك الفترة المبكرة من عمره كشاب معارض للنظام، اضطر "نغا" للعبور إلى السودان عام 1977، وبعد عامين حصل برهانو نغا، على حق اللجوء السياسي في الولايات المتحدة مطلع 1980.
كما تزعم "نغا" ائتلاف "إيزيما" الذي وصف حينها بأنه أقوى وأكبر الأحزاب المعارضة منافسة لحزب الازدهار الحاكم، في أديس أبابا والأقاليم الأخرى، بالرغم من حداثة تأسيسه.
وبالفعل ترشح "نغا" على رأس قائمة إزيما (حزب المواطنين الإثيوبيين من أجل العدالة الاجتماعية)، في دائرة بالعاصمة أديس أبابا، وحقق حزبه 4 مقعدا.
وكان مجلس الانتخابات الإثيوبي أعلن في 10 يوليو/تموز الماضي، فوز حزب "الازدهار" الحاكم في الانتخابات البرلمانية بـ410 من إجمالي 436 مقعدا تم التنافس عليها في الجولة الأولى للبرلمان.
وخاض "نغا"، المنافسة الانتخابية، برصيد تجربة سياسية لأكثر من 4 عقود، تنقل خلالها بين دهاليز السياسة، ومدرجات الجامعة كأستاذ جامعي، وسياسي معارض ألف مقارعة الحكومات حتى أوردته السجون والمنافي واللجوء، قبل أن يصبح أبرز السياسيين المعارضين اليوم.
ومن لاجئ إلى أكاديمي واصل "نغا" تعليمه بالولايات المتحدة، وحصل على درجة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة نيويورك، ثم الدكتوراه من المدرسة الجديدة للبحوث الاجتماعية، في مدينة نيويورك.
بعد المسار الدراسي عاد إلى إثيوبيا في العام 1994، عقب سقوط نظام هيلي ماريام، العسكري، وعمل محاضرًا في جامعة أديس أبابا، بقسم الاقتصاد، في الفترة ما بين 1996 و2000.
ولم يبتعد الأستاذ الجامعي برهانو نغا، عن السياسة ماجئا الساحة بميلاد ائتلاف الوحدة والديمقراطية المعارض المعروف وقتها بـ"قنجت" ، ووقف بحزبه مناهضا لسياسات الائتلاف الحاكم (حزب الجبهة الديمقراطية الشعبية) بقيادة رئيس الوزراء الراحل ميلس زيناوي 2003-2004.
من السجن إلى "فجر الحرية"
رغم فوزه بأغلبية مقاعد العاصمة، رفض "نغا" تسلم ائتلافه إدارة العاصمة الاثيوبية، بحجة تزوير الانتخابات التي كان يطمح خلالها إلى تسلم السلطة في البلاد؛ ما جعله يدخل في مواجهة عنيفة مع حكومة زيناوي، وهي مواجهات أدخلت البلاد في حالة من الفوضى والشغب، انتهت باعتقاله من قبل الحكومة.
وعن تجربته داخل محبسه بسجن قاليتي؛ أشهر وأكبر سجون إثيوبيا، ألف "نغا" كتابه "فجر الحرية"، ونشره في كمبالا بأوغندا 2006.
وبعد فترة لم تتجاوز عاما واحدا أفرج عن "نغا"، بعفو من قبل حكومة رئيس الوزراء الراحل زيناوي، وفور إطلاق سراحه عاد "نغا" مرة أخرى إلى الولايات المتحدة ليمارس نشاطه السياسي ضد الحكومة الإثيوبية السابقة التي كان تقودها جبهة تحرير تجراي ضمن تحالف الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية، والتي انتهت قيادتها بوصول رئيس الوزراء الإثيوبي الحالي آبي أحمد لرئاسة الوزراء.
الإرهاب وحكم الإعدام
وضمن معارضته الشرسة للحكومة السابقة أسس "نغا" حركة "قنبوت سبات"، المعارضة في عام 2008 وهي حركة مسلحة، خاضت حربا ضد حكومات مليس زيناوي، وهيلي ماريام ديسالين، انطلاقا من إريتريا، وكانت من أقوى الحركات المعارضة المسلحة ضمن ائتلاف المعارضة الإثيوبية في إريتريا.
ونتيجة لقوتها وتأثيرها أدرجتها حكومات مليس زيناوي، وهيلي ماريام ديسالين في 2011 ضمن قائمة المجموعات الإرهابية، ووجهت تهم الإرهاب لزعيمها، وأصدرت المحكمة الإثيوبية حكما بالإعدام غيابيا على نغا.
وبوصول آبي أحمد إلى رئاسة الحكومة الإثيوبية في عام 2018، وضمن إصلاحاته السياسية والاقتصادية أصدر العديد من القرارات والتي من بينها رفع الحركات المسلحة من قائمة الإرهاب في سبتمبر/أيلول من عام 2018، ومن بين الحركات التي شملها ذلك حركة "قنبوت سبات" التي يتزعمها برهانو نغا، الأمر الذي مهد لعودة الحركة وقادتها إلى البلاد ضمن عملية الإصلاح التي انتهجها آبي أحمد.
وفي مظاهرة سياسية كبيرة شهدتها أديس أبابا وقتها عاد نغا، ومعه أكثر من 250 من قيادات وأعضاء الحركة قادمين من الولايات المتحدة وكندا، وحظي زعيم الحركة ووفده باستقبال حاشد في أديس أبابا وعدة مدن أخرى.
لم شمل الأحزاب
شرع السياسي النشط بتأسيس ائتلاف جديد باسم "حزب المواطنين الإثيوبيين من أجل العدالة الاجتماعية"، المعروف بـ"إيزيما" في مايو 2019، والذي جاء نتيجة اندماج 7 أحزاب سياسية هي "قينبوت سبات، الحزب الديمقراطي الإثيوبي، الحزب الديمقراطي لعموم إثيوبيا وحزب سيماوي، وحزب الجيل الجديد، وحركة غامبيلا الإقليمية".
وأخيرا حطت سفينة الزعيم المعارض برهانو نغا، أمس في وزارة التعليم الإثيوبية، ضمن تشكيلة حكومة رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد في ولايته الثانية.
وفي أول تصريح لـ"نغا"، بعيد اختياره ضمن تشكيلة الحكومة الجديدة، عبر فيها عن سعادته بتولى منصب وزارة التعليم، وقال إنها من الوزارات المهمة رغم التحديات التي تحيط بها.
وقال "نغا": "لقد تم تعييني في المكان المناسب، ولم أكن لأقبل إذا لم يتم تكليفي بهذه المسؤولية"، مضيفا أنه في المكان المناسب وفي الوقت المناسب.
وقال "نغا" بصورة قاطعة: "إذا كنت سأتحمل أي مسؤولية، فلن أتحمل أي مسؤولية أخرى خارج هذا المنصب"، مضيفا: "التعليم عمل محبب لدي ووزارة التربية مؤسسة عظيمة".
وحول المهام التي سيقوم بها برهانو نغا بمنصبه كوزير للتعليم، قال إنه يجب أخذ اللعتبار في قضيتين من أجل تحديد مستقبل البلاد، وهما تحسين الوضع السياسي للبلاد وتثقيف الجيل القادم.
وأضاف أن قطاع التعليم الذي يمر بأزمة منذ 40 عاما كان في حاجة الى تغييرات كبيرة، مؤكدا على بذل جهود في تحسين وتغيير هذا الوضع .
والإثنين، بدأ آبي أحمد ولاية جديدة في رئاسة الحكومة الإثيوبية لمدة 5 سنوات، بعد أن أدى اليمين الدستورية أمام البرلمان، الذي صادق على تعيينه رئيسا للوزراء، بعد فوز حزبه بالانتخابات التي أجريت في يونيو/حزيران الماضي.
وأعيد انتخاب آبي أحمد رئيسا لوزراء إثيوبيا، الذي تولى المنصب لأول مرة مطلع أبريل/نيسان 2018، خلفا لرئيس الوزراء السابق هايلي ماريام ديسالين، الذي تقدم باستقالته في منتصف فبراير/شباط 2018، عقب احتجاجات شهدتها البلاد.
aXA6IDMuMTQ2LjM0LjE0OCA= جزيرة ام اند امز