الانتخابات الإثيوبية.. اختبار للحزب الحاكم و3 تحديات
تنتظر إثيوبيا الإثنين المقبل انتخابات عامة حاسمة، تحيط بها التحديات من كل جانب، ويعول عليها في تشكيل مشهد سياسي جديد.
انتخاب مجلس نواب الشعب "البرلمان" (547 عضوا) والمجلس الفيدرالي (112) عضوا، سيكون أول اختبار انتخابي رئيسي لحزب الازدهار الحاكم، الذي يقوده رئيس الوزراء آبي أحمد، منذ إنشائه في ديسمبر 2019، على أنقاض الائتلاف السابق (الجبهة الديمقراطية الثورية للشعوب الإثيوبية).
الأمن والمعارضة
وتنعقد هذه الانتخابات في ظل تحديات أمنية صعبة ومنعطف تاريخي تمر به إثيوبيا، بسبب تداعيات عملية إنفاذ القانون في تجراي شمالي البلاد نوفمبر الماضي، ضد جبهة تحرير الإقليم.
كما أن الوضع الأمني في مناطق إقليمي أوروميا وبني شنقول، اللذين شهدا أعمال عنف وقتل من قبل مسلحين أبرزهم جماعة "ونق شني" المصنفة إرهابية؛ تحدّ آخر ماثل أمام تنظيم الانتخابات.
أما التحديات السياسية، فأبرزها أن بعض الأحزاب السياسية الإثيوبية المعارضة للانتخابات المقبلة تنظر لها على أنها تنعقد في ظروف غير مواتية، تشهدها البلاد، بسبب الصراع في تجراي والعنف في عدة مناطق بأقاليم أوروميا وبني شنقول جومز، والتي تسببت في نزوح وعدم استقرار.
لكن مواقف هذه الأحزاب من الانتخابات المرتقبة، ليست في اتجاه واحد؛ إذ أعلن بعضها مثل مؤتمر الأورومو الفيدرالي برئاسة مرارا غودينا عدم مشاركته؛ فيما حالت الانشقاقات بجبهة تحرير أورومو المعارضة، دون تمكنها من التسجيل للانتخابات.
وترى بعض الأحزاب الأخرى مثل أحزاب "بالدراس من أجل ديمقراطية حقيقية"، و"الحركة الوطنية في أمهرة"، أن هذه الانتخابات تُمثِّل فرصة لها لإسقاط حزب الازدهار الحاكم، وتداول السلطة بشكل سلمي.
بيد أن أحزاب المعارضة الإثيوبية تواجه مشاكل مالية وتنظيمية؛ على الرغم من تمويل مجلس الانتخابات لها، ما حد من انتشارها الواسع في مختلف أنحاء البلاد، على عكس الحزب الحاكم، الذي تبدو فرصه واسعة في الفوز.
كما تفتقد المعارضة حضورا في معظم الدوائر الانتخابية، مما دفع بعضها إلى استخدام حملات دعائية إثنية لكسب مؤيدين لها، ما قد يجعل الدولة الإثيوبية أمام منعطف خطير يشكل اختبار آخر لها في وحدتها وتماسكها كدولة.
أزمة الشركاء
التحدي الثالث في الانتخابات العامة المقبلة، هو أزمة العلاقات مع الشركاء الدوليين الذي أفرزته أزمة الحرب في تجراي.
فتداعيات العملية العسكرية التي شنتها أديس ابابا ضد جبهة تحرير تجراي تسببت في أزمة علاقات مع شركاء دوليين لإثيوبيا، بينهم الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي؛ وصلت إلى حد فرض عقوبات وقيود وعدم مشاركة في مراقبة الانتخابات.
في المقابل تنظر أديس أبابا إلى هذه الأزمة مع شركائها الدوليين بأنه صراع مصالح للشركاء في نفوذهم بإثيوبيا، وعدم تفهم كافٍ لطبيعة الأوضاع المعقدة، التي واجهتا الحكومة الإثيوبية في حربها ضد جبهة تحرير تجراي من أجل حماية وحدة البلاد والنظام الدستوري .
وتطالب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حكومة آبي أحمد بالتفاوض مع جبهة تجراي لإنهاء الصراع ومحاسبة المسؤولين ووصول المساعدات قبل الذهاب للانتخابات، وهو أمر تعتبره أديس ابابا غير مقبول مع جماعة صنفها البرلمان الإثيوبي منظمة إرهابية.
خارطة الترشحات
يتنظر أن يدلي أكثر من 36 مليون ناخب مسجل بأصواتهم في انتخابات تعد السادسة من نوعها، منذ إقرار البلاد الدستور الوطني عام 1994، والأولى في عهد رئيس الوزراء آبي أحمد.
وبلغ عدد المرشحين عن الأحزاب لهذه الانتخابات 9327 مرشحا بينهم 1976 مرشحا من النساء، يمثلون 46 حزبا مسجلا ومشاركا في الانتخابات.
ويأتي في مقدمة الأحزاب المتنافسة حزب الازدهار (الحاكم) من حيث تسجيل المرشحين، بتسجيله 2799 مرشحا، ويليه حزب المواطنين الإثيوبيين من أجل العدالة الاجتماعية المعروف بـ"إيزيما" والذي ينافس بـ 1540 مرشحا.
في المرتبة الثالثة حزب "إنات" منافسا بـ 605 مرشحا، وحزب الحرية والمساواة، و578 مرشحا، والحركة الوطنية لشعب أمهرة 510 مرشحا، ومنظمة الوحدة لجميع الإثيوبيين 466 مرشحا.
وتمثل هذه الانتخابات أهمية كبرى لإثيوبيا والمنطقة بأثرها لكونها ستحدد مستقبل الدولة الإثيوبية في ظل الوضع الذي تعيشه من تحديات داخلية وخارجية مثلت منعطفا تاريخيا للإثيوبيين الذين واجهوا صراعات ونزاعات داخلية خلال السنوات القليلة الماضية نتيجة أعمال عنف تقول الحكومة إنها مخططة من قبل مناوئين لها وأخرى ترجعها إلى تدخلات خارجية.
الأوفر حظا
تشكل حزب الازدهار الحاكم في الثاني من ديسمبر 2019، بعد أن أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد عن ميلاد الحزب الذي جاء تشكيله على أنقاض ائتلاف الجبهة الديموقراطية الثورية السابق، باندماج 8 أحزاب كانت تشكل الائتلاف السابق.
وتبدو فرص فوز حزب الازدهار الحاكم بالانتخابات المقبلة واعدةً، كونه الحزب الحاضر بقوة على الساحة السياسية الإثيوبية، فضلا عن توافر الإمكانيات المادية والتنظيمية التي وسعت نطاق عضويته وجغرافية انتشاره، مما مكَّنه من الترشح في كل الدوائر الانتخابية على مستوى البلاد.
وتتبع إثيوبيا نظام الجمهورية البرلمانية الفيدرالية، ويمثل رئيس الوزراء رئيس الحكومة والسلطة التنفيذية، فيما يمثل مجلس نواب الشعب (البرلمان) الغرفة الأولى، والمجلس الفيدرالي الغرفة الثانية.
وستشهد هذه الانتخابات اختيار 547 نائبا للبرلمان، و112 عضوا فيدراليا، ويتكون البرلمان الإثيوبي من مجلسين: المجلس الفيدرالي (الغرفة الثانية) ويضم أعضاء يمثلون كل القوميات في إثيوبيا، ومجلس نواب الشعب (الغرفة الأولى).