جيما الإثيوبية.. حكاية مدينة احتضنت آخر الممالك الإسلامية بأرض الحبشة
على الجهة الغربية من إثيوبيا تتمدد مدينة جيما التاريخية، إحدى أهم مدن الإقليم الأكبر مساحة وتعداداً.
تحظى المدينة المعروفة بجيما أباجفار بوضع مميز وتاريخ يشكل حضوراً يأبى الاندثار، إذ يحمل في طياته حضارة الإسلام والعروبة إلى جانب حضارات أخرى، أوجدت لنفسها موضع قدم بالمنطقة.
ولا تزال معالم آخر الممالك الإسلامية في أرض الحبشة تقف شامخة لتروي للعالم كيف أن الحضارة الإسلامية والعربية كانت حاضرة هنا بكل تفاصيلها الدقيقة.
وإلى جانب أنها معروفة بمهد البن الإثيوبي، فإن المعالم الإسلامية أضافت إلى المدينة كمنطقة جذب سياحي وفي مقدمتها قصر أباجفار ومتحفها القومي.
تبعد المدينة عن العاصمة أديس أبابا حوالي 348 كيلومترا. وتحتضن منطقة تشوشي مهد البن الإثيوبي، قصر أباجفار، ومتحف المدينة الزاخر بالكنوز والمقتنيات الإسلامية والعربية.
المدينة هي آخر الممالك الإسلامية في إثيوبيا، وكانت منارة خرجت منها تعاليم الدين الإسلامي.
وضمت جيما صرحاً تعليمياً أسسه أهل المنطقة لتعليم الفقه قبل أن يضع المستعمر الإيطالي يده على المدينة ويستفيد من مكانتها في ثلاثينيات القرن الماضي.
وقصر أباجفار الذي عُرِفت به مدينة جيما، يعود للملك أباجفار أباجولا (1861- 1932). و"أباجفار" تعني ملك في سلالة تلك الأسرة التي تعاقبت على حكم المنطقة خلال الفترة من 1878 حتى 1932.
وشهد القصر مؤخراً ترميماً وتحديثاً بغية المحافظة على تاريخه الضارب في أعماق الماضي والمعبر عن أصالة الإنسان والمكان.
ولم يكن القصر وحده هو المعبِّر عن تاريخ وحضارة المدينة، فهناك المتحف القومي الذي يمثِّل مَعْلماً يحتفظ بأهم ما شهدته المنطقة.
والمتحف يضم مجموعة متنوعة من القطع الأثرية التي تعود لأكثر من قرن (120 عاماً) وتروي العصر الذهبي لمنطقة جيما في الفترة من 1941 إلى 1950، وإن كان التاريخ الرسمي لميلاد المتحف هو 1980، في عهد حكم منقيستو هايلي ماريام (1974- 1991).
كاميرا "العين الإخبارية" تجولَّت في وسط المدينة التاريخية ورصدت معالمها البارزة بالصورة والصوت مستنطقة إدارتها المتمثلة في عمدة المدينة نجيب أبا رايا.
واستعرض أبا رايا تاريخ وحاضر المدينة، قائلاً: "إنسان مدينة جيما عُرِف بمهارته في الحرف اليدوية وفن صناعة الأدوات المنزلية من الخشب بجانب صناعة الجلود والملابس القطنية والأدوات التقليدية".
وأوضح في مقابلة مع "العين الإخبارية" أن المنطقة تزخر بالعديد من المناطق المهمة والتاريخية في مجال السياحة والآثار فهي مدينة الحضارة الإسلامية.
وتابع: "تضم المدينة أيضاً منطقة تشوشي التي اكتُشِف بها بذرة القهوة الإثيوبية، ومنطقة بشاشا مسقط رأس رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد".
وأشار إلى منطقة بلطي الغنية بجمال طبيعتها ذات الغابات الكثيفة في غرب إثيوبيا.
وأوضح أن منطقة بلطي تحتضن الشلالات وتعيش بها الحيوانات المفترسة من الأسود لتنوعها البيلوجي والنباتي وغابة البن الطبيعي الإثيوبي.
وحول تطوير مدينة جيما وتحديثها، قال عمدة المدينة: "أنشئت بالمدينة منطقة صناعية لتوظيف إمكانات المنطقة المعروفة بصناعة الجلود والأقمشة القطنية".
ودعا المسؤول الإثيوبي، المستثمرين الأجانب والمحليين إلى المشاركة بإمكاناتهم في المنطقة الصناعية، مؤكداً أن إدارته في كامل الجاهزية للاستفادة من قدرات وإمكانات المستثمرين.
وقال إن إدارة المدينة لديها خطة لبناء سكك حديدية من وإلى أديس أبابا، لدعم المشاركة في قطاع التصنيع إلى جانب المجال الجوي لمطار أباجفار والميناء الجاف الخاص بالمدينة.
وتطرّق إلى الإمكانات السياحية للمدينة، قائلاً إنّ إدارته تسعى إلى تطوير المدينة لتلائم الحداثة والتاريخ وتصبح وجهة سياحية من خلال تطوير المشغولات اليدوية وتحديث البنية التحتية والمرافق الخدمية مثل الفنادق والمنتزهات.
وشدد على حاجة المنطقة إلى مشاركة القطاع الخاص في بناء المولات والمحلات التجارية الحديثة وإنتاج الألبان ومشتقاتها وتصنيع الفواكهة التي تتمتع بها المنطقة.
يقطن مدينة جيما أكثر من 3.4 مليون نسمة، من مختلف القوميات الإثيوبية وعلى رأسهم الأورومو بجانب وجود الهنود والإيطاليين واليمنيين.
وتتمتع المدينة بموقع استراتيجي وتجاري مهم فهي تربط بين جنوب وغرب إثيوبيا، وقال عمدة المدينة، إن موقع مدينة جيما مشجع للمستثمرين الأجانب والمحلين لما تمتلكه من إمكانات هائلة لجذب المستثمرين.