خبراء: القمة العربية الأوروبية بشرم الشيخ ترسم آفاق تفاهمات جديدة
دبلوماسيون وخبراء يتحدثون لـ"العين الإخبارية" عن أجندة الدول الأوروبية في أول قمة تجمعهم مع نظرائهم العرب.
قال دبلوماسيون ومحللون سياسيون عرب إن القمة العربية الأوروبية الأولى المُزمع انعقادها في مدينة شرم الشيخ المصرية اليوم الأحد، ستحمل "مجموعة تفاهمات جديدة"، عبر مناقشة 4 ملفات رئيسية، غير تقليدية في الأجندة الأوروبية للعلاقات مع الدول العربية.
الملفات الأربعة، كما حددها دبلوماسيون وخبراء عرب، هي صياغة الدور الأوروبي القادم لتسويات الإقليم مثل فلسطين وسوريا، وضبط الحدود مع دول حوض المتوسط، ومكافحة الإرهاب، وأخيرًا صياغة رؤية موحدة في التعامل مع الأزمة الليبية.
وتشكل هذه الملفات، حسب الخبراء، أجندة الدول الأوروبية في القمة المنتظرة، التي ستدشن مرحلة جديدة من العمل الأوروبي المشترك، لمواجهة التحديات العالمية المشتركة، دون إغفال ملفات أخرى مثل تعزيز التنمية المستدامة وفرص الاستثمار بين الجانبين.
تسوية أزمات الإقليم
وقال طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية: إن "ملف تسويات الإقليم سيكون له الأولوية لدى الجانب الأوروبي في هذه القمة، حيث يبحث الأوروبيون عن إعادة صياغة لدورهم القادم في تسويات الإقليم، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والأزمة السورية".
وأضاف فهمي، لـ"العين الإخبارية"، أن الأوروبيين يسعون أيضًا من خلال تفاهمات القمة المقبلة للوصول لتنسيق عربي في هذه الأزمات، في ظل مخاوفهم من تداعيات الموقف الأمريكي بعد التهديدات الأخيرة بإطلاق سراح مقاتلي تنظيم داعش في سوريا، وهو ما يدفع الجانب الأوروبي للبحث عن "مناطق آمنة" متمثلة في التوافق مع دول ذات المواقف السياسية الجادة مثل مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة.
واعتبر مصدر دبلوماسي رفيع المستوى بحث الأوروبيين عن تنسيق عربي في أزمات الإقليم "مسألة تجاوزت البروتوكولات"، لأن أوروبا اليوم أصبحت في حاجة للدول العربية، نظرًا لطبيعة التحديات المشتركة، وفي مقدمتها تسوية أزمات الإقليم التي لن يستطيع إقليم أو دولة مواجهتها بمفردها.
وأوضح المصدر، وهو سفير مصري بإحدى دول الاتحاد الأوروبي أن "الأجندة الأوروبية المعتادة مع الدول العربية تبحث عن مصالحها وهو أمر متعارف عليه في العلاقات الدولية، وهم يدركون جيدًا أن هذه القمة ليست قمة منظمات، وبالتالي لا سبيل لسياسات الانتقاد أو تحديد نمط معالجة الدول العربية لأزماتها".
بدوره، رأى السفير رؤوف سعد الأمين العام للقمة العربية الأوروبية، لـ"العين الإخبارية" أن الأوضاع الإقليمية والدولية، والمصالح المتعاظمة، فرضت هذه القمة التاريخية، التي من المنتظر أن يسعى المجتمعون بها لمواجهة التحديات بشكل مشترك، لافتًا في الوقت نفسه إلى أن تسوية أزمات الإقليم مهمة مشتركة ولا تقتصر على دولة بعينها.
ضبط الحدود ومكافحة الإرهاب
وبحسب الدبلوماسي المصري، الذي تحدث لـ"العين الإخبارية" شريطة عدم ذكر هويته، فإن الجانب الأوروبي اقتنع بأن الحدود لا تبدأ من منطقة الشينجل، ولكن تبدأ من جنوب البحر المتوسط، ما أدى إلى تعاظم التفاعل والحوار، وهو الأساس الذي دفع القيادات الأوروبية بالمشاركة في القمة مع نظرائهم العرب بهذا المستوى.
وتابع: الأوروبيون اقتنعوا مؤخرًا أن الجوار الجنوبي هام جدًا، وأن منطقة الشمال الأفريقي هي الجوار المباشر لهم، وبالتالي أصبحوا ينظرون بعين الاعتبار والاهتمام للعالم العربي، ويبحثون عن أرضية مشتركة تعالج شواغلهم الأساسية المتمثلة في الهجرة غير شرعية وملف الإرهاب.
هذه الأرضية المشتركة، وفق الدبلوماسي، تتمثل في تمكين الشباب العربي وخلق فرص عمل لهم، وتعزيز فرص الاستثمار ببلادهم، وهو ما يعالج شواغل الأوروبيين من الجذور.
من جانبه، قال السفير عزت سعد، مدير المجلس المصري للشؤون الخارجية (حكومي)، لـ"العين الإخبارية"، إن ملف ضبط الحدود على قائمة أولويات الجانب الأوروبي، لأنه الملف الذي تتفرع منه تحديات جمة تواجه الجانب الأوروبي ومنها الهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب، متوقعًا أن يظهر الأوروبيون رغبتهم في الاهتمام بالتنمية من خلال التعاون مع المنظمات الإقليمية الأخرى، بهدف الاستقرار في المنطقة وهو ما ينعكس على مواجهة هذه التحديات.
- ميركل: تحديات "الإرهاب والهجرة والمناخ" لا يمكن حلها بشكل منفرد
- حرس السواحل الليبي ينقذ 113 مهاجرا غير شرعي قرب مدينة الخمس
متفقًا معهم يرى فهمي أن ضبط الحدود يشكل ملفا أساسيا في أجندة الجانب الأوروبي، وهو ما يعني منع عودة اللاجئين، لافتًا إلى أن القمة ستناقش النزوح بصفة قانونية وسياسية، وعليه فمن المتوقع أن تعقد اتفاقيات مشتركة ترتب الأوضاع المشتركة بين الدول العربية والأوروبية.
وفيما يتعلق بمواجهة الإرهاب العالمي، أوضح أستاذ العلوم السياسية أن هذا الملف يشكل "أولوية خاصة" للدول الأوروبية التي تعاني ويلاته جنبًا إلى جنب مع الدول العربية، متوقعًا أن تكون هناك أجندة عمل تتناول أبعاد هذا الملف، متفق عليها بين الطرفين على مستوى الجامعة والاتحاد الأوروبي.
حلول توافقية لإنهاء الأزمة الليبية
في ظل تجاذب الرؤى بين الجانب الفرنسي والإيطالي بشأن الأزمة الليبية، فإن البحث عن حلول توافقية أولوية لدى الاتحاد الأوروبي، خاصة مع التمثيل رفيع المستوى من القادة الأوروبيين.
ومن المتوقع مشاركة أكثر من 40 رئيس سلطة تنفيذية في القمة، على رأسهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
وقال مسؤول دبلوماسي مصري: "لم نمانع في السابق في التنسيق بهدف ضبط الحدود، بهدف حصار المناطق الرخوة التي تتسبب في تدفق السلاح ونزوح اللاجئين، كما أننا لم نمانع أن نستضيف أطراف الأزمة الليبية للمصالحة برعاية مصرية، وبالتالي فإن الاجتماع مع الأوروبيين لصياغة رؤى موحدة في هذه الأزمة وعرضها على القوى الليبية أمر منطقي ومتوقع، وأعتقد أنه في صدارة اهتمامات فرنسا وإيطاليا على وجه الخصوص".
- السيسي يبحث مع رئيس الوزراء الإيطالي هاتفيا الأزمة الليبية
- خبراء لـ"العين الإخبارية": لا بديل عن الدعم المصري لتوحيد الجيش الليبي
أما فهمي فرأى أن القمة العربية الأوروبية ستكون "فرصة لصياغة رؤية عربية أوروبية ربما تؤدي لبناء تحالفات ثنائية ومتعددة قبل انعقاد قمة تونس"، متوقعًا أن تقوم الجامعة العربية بتدوير للمصالح العربية الأوروبية في هذا التوقيت، بما يعيد تقديم التحالفات بأنماط جديدة، تساعد على إنهاء أزمات المنطقة وفي مقدمتها الأزمة الليبية، وهو ما سيتضح بمرور الوقت.
وعلى نفس الوتيرة، قال وليد أبو دلبوح، رئيس قسم العلاقات الدولية والدبلوماسية والدراسات الإقليمية بالجامعة الأردنية قال لـ"العين الإخبارية": إنه "من الصعب تقييم القمة إلا بعد مضي وقت لمعرفة تأثيرها على أزمات المنطقة، فيما اختلف معه في أن مسألة توافق الرؤى حول الملفات السياسية قد يكون صعبًا لكن في المقابل سيكون هناك توافق حول مواجهة الإرهاب والهجرة غير الشرعية".
aXA6IDE4LjIyMy4yMDYuODQg جزيرة ام اند امز