أحد أهم أسباب تعنت الموقف الإيراني واستمراره في تحمل العقوبات الاقتصادية من قبل أمريكا هو الموقف الأوروبي
منذ تولي الرئيس الأمريكي سدة الحكم في أمريكا نجده نفذ كامل وعوده الانتخابية فيما يخص تقليم أظافر إيران ومحاولة تغيير سلوكها عبر عدة قرارات قوية كان من شأنها إضعاف اقتصاد إيران بشكل غير مسبوق؛ من أهمها تمزيق الاتفاق النووي مع إيران وعودة العقوبات الاقتصادية بشكل أكبر مما كانت عليه قبل عمل اتفاق النووي 5+1.
إذ كان من أهم القرارات التي فعلها الرئيس ترامب، وقف شراء النفط الإيراني كله من قبل دول العالم والذي يعتبر مصدر الدخل الأول لإيران، إلى درجة وصول اقتصادها إلى مرحلة الخطر، إذ انهارت العملة الإيرانية بشكل مستمر وارتفع التضخم وزادت معدلات الفقر لتصل أرقام تاريخية أكثر من 60%.
أحد أهم أسباب تعنت الموقف الإيراني واستمراره في تحمل العقوبات الاقتصادية من قبل أمريكا هو الموقف الأوروبي، الذي كان يعطي دعما لوجستيا لإيران عبر استمرار العمل بالاتفاق النووي معها.
حتى الرئيس الإيراني اعترف بوصول الاقتصاد الإيراني أضعف أوقاته منذ 40 سنة بسبب عودة العقوبات الاقتصادية على بلاده .
لم تقتصر هذه العقوبات فقط على النفط بل شملت وضع أهم ذراع إيرانية داخل الحرس الثوري في القائمة الأمريكية وتجميد أصوله، كما هو الحال مع ذراعها الخارجية "حزب الله"، حيث أضيف للقائمة مع تجميد وملاحقة أصوله حول العالم .
أوروبا من جانبها كانت على خلاف مع الموقف الأمريكي بشأن وقف الاتفاق النووي معها واستمرت بتمسكها بالاتفاق السابق، لكن ما حدث خلال الأيام الماضية أن أوروبا قامت بتغيير الكثير من مواقفها مع إيران. فبعد أن لوح الرئيس الأمريكي بقرار رفع الرسوم الجمركية على السيارات الأوروبية مكررا ضرورة حذو أوروبا لموقف أمريكا تجاه إيران، بادرت أوروبا بالفعل في تغيير موقفها خاصة حول الاتفاق النووي. وأصبحت تلوح بالعقوبات الاقتصادية على إيران وإرجاع ملف الاتفاق النووي إلى مجلس الأمن كون إيران زادت من تخصيب اليورانيوم بمعدلات تعتبر خرقا للاتفاق المبرم.
من هنا خرج المسؤولون في إيران مهاجمين أوروبا بأنها باعتهم مهددين بزيادة تخصيب اليورانيوم.
ماذا نستنتج من هذا السرد؟
أحد أهم أسباب تعنت الموقف الإيراني واستمراره في تحمل العقوبات الاقتصادية من قبل أمريكا هو الموقف الأوروبي الذي كان يعطي دعما لوجستيا لإيران عبر استمرار العمل بالاتفاق النووي معها، لكن كل ذلك تغير مع موقف أوروبا الحالي والذي بات قريبا من الموقف الأمريكي ضد إيران.
إيران هي الخاسر الأكبر؛ إذ تنهال عليها أشد العقوبات الاقتصادية من قبل أمريكا حتى شملت أهم أذرعها حزب الله حول العالم، وأيضا أوروبا نفسها تدرس هي الأخرى رجوع العقوبات الاقتصادية على إيران، ومع الوضع الخطير الذي تشهده إيران اقتصاديا أصبح الضرب يأتي من كل مكان حتى اندلعت ثلاث مظاهرات واحتجاجات قوية في الداخل الإيراني؛ أهمها ضد البترول، ومؤخرا ضد إسقاطها الطائرة المدنية الأوكرانية، واستمرت الاحتجاجات التي طالبت بتغيير النظام الحالي والذي فشل سياسيا واقتصاديا بقيادة دفة الحكم في إيران خلال عقود مضت .
إيران تملك من الثروات ما تملك، مما يؤهلها لأنْ تكون من أغنى دول المنطقة، خاصة مع امتلاكها احتياطيات نفطية مهولة بجانب احتياط الغاز والمعادن والثروات الزراعية وغيرها، ولكن كل ذلك ذهب مع الريح بسبب قادة أنفقوا ثرواتهم في دعم أذرع ومليشيات موزعة في عدة دول عربية، وذلك على حساب قوت الشعب الإيراني، وبنفس الوقت تجاهل نظام الملالي أساسيات البناء والتقدم لشعبه الذي أصبح أكثر من نصف سكانه تحت خط الفقر، وذلك في بلد غني جدا بالثروات، وحاليا مع العقوبات الاقتصادية أصبحت إيران شبه معزولة عن العالم الخارجي والقادم أمرّ على نظام إيران.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة