الوقود النووي الروسي.. هل يمكن "فطام" أوروبا؟
نجح الاتحاد الأوروبي في التخلص من إدمانه على الوقود الأحفوري الروسي، لكنه لا يزال غير قادر على القيام بالأمر نفسه مع الطاقة النووية.
وأشارت صحيفة "بوليتكو" الأمريكية إلى أن الاتحاد تمكن من خفض اعتماده على موسكو في الحصول على 40% من إمدادات الغاز قبل العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا إلى أقل من 10% الآن، لكن قدرة الكتلة على الفطام عن الوقود النووي الروسي لا تزال تمثل مشكلة يصعب حلها - لأسباب تاريخية وعملية على حد سواء.
فمع تراجع المنافسة في القطاع النووي العالمي في أعقاب الحرب الباردة، ظلت المفاعلات السوفياتية في الاتحاد الأوروبي محصورة على الوقود المصنع خصيصًا في روسيا، تاركة موسكو لتلعب دورًا ضخمًا.
وأشارت وكالة يورو أتوم للإمداد التابعة للاتحاد الأوروبي (إيسا) إلى أن شركة روساتوم النووية الروسية العملاقة المملوكة للدولة زودت مفاعلات الكتلة في عام 2021 بـ20 % من اليورانيوم الطبيعي، وأجرت عمليات تحويل الوقود الخاصة بها وقدمت ثلث خدمات التخصيب للوقود النووي الخاصة بها.
وفي نفس العام، دفعت دول الاتحاد الأوروبي لروسيا 210 ملايين يورو مقابل صادرات اليورانيوم الخام، مقارنة بـ 88 مليار يورو دفعتها الكتلة لموسكو مقابل النفط.
في الوقت نفسه، ارتفعت قيمة واردات التكنولوجيا النووية التي تنتجها روسيا والوقود في جميع أنحاء العالم إلى أكثر من مليار دولار (940 مليار يورو) العام الماضي، وفقًا للبحث الصادر عن المعهد الملكي للخدمات المتحدة.
وأظهرت بيانات روسية حصلت عليها صحيفة بوليتيكو أن قيمة الصادرات النووية الروسية في الاتحاد الأوروبي تراجعت في بعض البلدان مثل بلغاريا وجمهورية التشيك لكنها ارتفعت في دول أخرى، بينها سلوفاكيا والمجر وفنلندا.
وقالت داريا دولزيكوفا، زميلة المعهد الملكي للخدمات المتحدة "تُظهر البيانات بوضوح أنه لا يزال هناك اعتماد كبير على الوقود النووي الروسي وسوق له داخل الكتلة".
ورغم إمكانية استبدال اليورانيوم القادم من روسيا بواردات من مكان آخر في غضون عام – وامتلاك المحطات النووية احتياطيات إضافية تكفي لنحو عام على الأقل، تعتمد الدول التي تمتلك مفاعلات "في في إي آر" روسية الصنع على الوقود الذي تصنعه موسكو.
وقال مارك هيبز، الزميل البارز في برنامج السياسة النووية في كارنيغي: "هناك 18 محطة طاقة نووية روسية التصميم وستتأثر جميعها بالعقوبات. لا تزال هذه قضية تثير انقساما كبيرا داخل الاتحاد الأوروبي."
لهذا السبب واجهت الكتلة صعوبات بالغة العام الماضي في استهداف الصناعة النووية الروسية - على الرغم من الدعوات المتكررة من أوكرانيا وبعض دول الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على شركة روساتوم لدورها في الإشراف على محطة زاباروجيا النووية الأوكرانية، وربما توريد معدات لصناعة الأسلحة الروسية.
وقال دبلوماسي من إحدى دول الاتحاد الأوروبي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: "لقد أجهض مقترح فرض عقوبات على القطاع النووي برمته قبل إجراء أي مناقشات بشأنه".
وكانت المجر أبرز المعارضين للمقترح، وهي واحدة من خمس دول - إلى جانب سلوفاكيا وبلغاريا وفنلندا وجمهورية التشيك – تمتلك مفاعلات روسية الصنع لا يتوفر لها وقود بديل حتى الآن.
وأشارت الصحيفة إلى أن حكومتي بلغاريا وجمهورية التشيك وقعتا عقودًا مع شركة وستنغهاوس الأمريكية لاستبدال الوقود الروسي، لكن العملية قد تستغرق "ثلاث سنوات" حيث يحتاج المنظمون في تلك الدولتين أيضًا إلى تحليل الوقود الجديد وترخيصه.
لكن "المشكلة الأكبر" تتمثل في عملية التخصيب والتحويل، بسبب النقص المزمن في القدرات في جميع أنحاء العالم. وقد يستغرق استبدال الوقود النووي الذي تنتجه روساتوم "سبع إلى عشر سنوات" - وهذا الجدول الزمني مشروط باستثمارات ضخمة في هذا القطاع.
بدأ تشغيل مفاعل موتشوفيتش3 السوفياتي الجديد (من طراز في في إي آر) في سلوفاكيا في وقت سابق من هذا الشهر، وستقوم روسيا بتزويده بالوقود حتى عام 2026 على الأقل.
في غضون ذلك، عمقت المجر علاقاتها النووية مع موسكو من خلال إعطاء الضوء الأخضر لبناء مفاعلين آخرين في مصنع باك الصيف الماضي، بضمان قرض روسي بقيمة 10 مليارات يورو.
وقال دبلوماسي أوروبي: "حتى وإن فرضت عقوبات نووية على موسكو، فإنها ستمتلئ بالإعفاءات لأننا نعتمد على الوقود النووي الروسي".
aXA6IDMuMTcuMTgxLjEyMiA= جزيرة ام اند امز