أوروبا تتجاهل المخاوف الأمريكية من طموحات الصين البحرية
الولايات المتحدة قلقة من الأنشطة الصينية في الموانئ البحرية للدول المتحالفة، والتي تؤثر على قوتها البحرية
أصبحت الولايات المتحدة مهووسة بشكل متزايد بالأنشطة الصينية في الموانئ البحرية للدول المتحالفة، بسبب المخاطر التي قد تشكلها على قوتها البحرية، ومع ذلك فإن الدعوات الموجهة إلى الحلفاء الأوروبيين لتجنب دعم طموحات الصين البحرية العالمية لا تزال تقع على آذان صماء.
وفي معرض "لوجستيات النقل 2019" الأسبوع الماضي في ميونيخ وقع ميناء جنوة الإيطالي اتفاقية تعاون مع ميناء شنتشن الصيني، رابع أكبر منشأة للحاويات في العالم.
وتمتلك موانئ كوسكو للشحن البحري وميناء تشينغداو الصيني أيضاً حصة بنسبة 49.9% في محطتين بميناء جنوة الإيطالي، كما يشارك المشغلون الأوروبيون الآخرون أيضا نظراءهم الصينيين.
وحسب ما ذكرته شبكة أخبار "جوان تشا" الصينية، يثير الاندماج التدريجي لأوروبا في خطة الحزام والطرق، والتي تهدف إلى إحياء طريق الحرير القديم وإنشاء شبكة للعلاقات التجارية التي تتمحور حول الصين عبر أوراسيا وخارجها، قلق إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وفي تقريرها السنوي المقدم إلى الكونجرس الأمريكي حول القوة العسكرية للصين، الذي صدر مايو/أيار الماضي، قالت وزارة الدفاع الأمريكية إن استثمارات الحزام والطريق يمكن أن تساعد البحرية الصينية في الوصول إلى "موانئ أجنبية مختارة لتهيئة الدعم اللوجستي الضروري مسبقا لدعم نشر القوات البحرية" في المياه البعيدة مثل المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي".
وبالنسبة إلى الاستراتيجيين الأمريكيين، تسعى الصين إلى السيطرة على البنية التحتية في الخارج لإظهار ودعم القوة البحرية على مسافات أكبر، ويمكن للصينيين تحقيق هذا الهدف من خلال الوصول المفضل إلى الموانئ التجارية الأجنبية، من خلال مشاريع الحزام والطرق، وكذلك من خلال بعض المرافق اللوجستية الحصرية.
وفتحت الصين قاعدتها العسكرية الأولى خارج البلاد في جيبوتي قبل عامين، (البلد الصغير في القرن الأفريقي) الذي يستضيف أيضا منشأة بحرية أمريكية.
ووفقا للبنتاجون، يمكن للصينيين إنشاء موقع بحري ثانٍ بالقرب من ميناء جوادار التجاري الباكستاني، الذي تديره شركة الصين لما وراء البحار القابضة.
ودقت إدارة ترامب ناقوس الخطر على الموانئ الأوروبية التي تديرها الصين، حيث أصبحت إيطاليا أول مجموعة من الدول السبع التي اشتركت في مبادرة الحزام والطريق في مارس/أذار، ووقعت موانئ جنوة وتريست الإيطالية اتفاقات تعاون مع شركة الصين الحكومية لهندسة الإنشاءات.
ومع ذلك، يبدو حلفاء الناتو في أوروبا غير راغبين في منع الاستثمار الصيني في مرافق موانئهم، حيث وقع ميناء روتردام الهولندي -التي تمتلك كوسكو حصة تبلغ 35% فيه- مؤخرا اتفاقية مع ميناء تشنغدوا الصيني لتحسين الاتصال بين أوروبا والصين.
وقال ميناء دونكيرك، ثالث أكبر ميناء في فرنسا، الشهر الماضي إنه سيحاول اغتنام الفرص التي تتيحها خطة الحزام والطريق الصينية لتعزيز التجارة بين البلدين.
وفي مارس/آذار، خلال زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ لفرنسا، أبرم ميناء مرسيليا اتفاقا مع شركة كويتشين سيليكون الصينية لبناء مصنع للمعالجة في المنطقة الصناعية بالميناء.
كما أن شركات تشغيل الموانئ الصينية نشطة أيضا في بلجيكا وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا وهولندا ومالطا، وبعض هذه البلدان لديها أعلى معدلات البطالة في أوروبا، وترحب بتمويل الصين للبنية التحتية.
وغالبا ما تكون المجتمعات المحلية من الداعمين الرئيسيين لمشاركة الصين في مشاريع تطوير الموانئ، وهذا هو الحال بالنسبة لبناء ميناء بحري جديد في مدينة كيركينيس في القطب شمال (النرويج)، والتي يمكن أن تصبح بوابة أخرى للمنتجات الصينية التي يتم شحنها إلى أوروبا.
وأبدت الصين اهتمامها بالمبادرة، لأنها ترغب في الاستفادة من ذوبان الجليد في القطب الشمالي لتطوير طريق حرير قطبي يربط موانئها الشمالية الشرقية ببحر البلطيق.
وتعتقد الحكومات الأوروبية أنها مستعدة لإدارة الوجود الصيني المتزايد في مرافق النقل الخاصة بها، كذلك أنشأ الاتحاد الأوروبي آلية لفحص الاستثمار الأجنبي وحماية المصالح الاستراتيجية للمنطقة، والتي من الواضح أنها تستهدف الصين.
وفيما يتعلق بإمكانية جمع معلومات استخبارية عن تحركات وصيانة سفن الولايات المتحدة وحلف الناتو التي تتوقف في الموانئ التي تديرها الشركات الصينية، قال بعض المسؤولين في الميناء الأوروبي إن هذه ليست مشكلة، بالنظر إلى أن الجانبين المدني والعسكري لمحطاتهما منفصلان.
ويوجد مشغلو الموانئ الصينية أيضا في عدد من المحطات الأمريكية، ويتعاملون مع العديد من حلفاء واشنطن، على سبيل المثال وقعت شركة Landbridge Group الصينية عقد إيجار مدته 99 عاما لميناء داروين الأسترالي في عام 2015، ويذكر أن 2500 من مشاة البحرية الأمريكية يتمركزون في داروين بحلول يوليو/تموز.
كما استثمر الصينيون بكثافة في موانئ بدول المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت ومصر وسلطنة عمان وتركيا.
الحقيقة الصعبة لترامب وصقوره في الصين هي أن الشركات الصينية تقوم بتحديث البنية التحتية للموانئ الأوروبية، مما يضيف قيمة إلى البلدان المعنية ويخلق فرص العمل، وينطبق الشيء نفسه على الاستثمار الصيني في أجزاء أخرى من العالم.
aXA6IDE4LjIxOC45OS44MCA=
جزيرة ام اند امز