تقدير موقف أوروبي يكشف أطماع أردوغان في شمال أفريقيا
خبراء أوروبيون يؤكدون أن أردوغان كان يطمع منذ وقت طويل في تأسيس قاعدة عسكرية في شمال أفريقيا، وفرض الهيمنة التركية على المنطقة
منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، باتت ليبيا مسرحا لحرب أهلية ومصالح جيوسياسية متعارضة، لكن التدخل التركي الفج حول البلاد إلى حريق يهدد المنطقة ولا يخدم سوى مصالح أنقرة.
ومع تحليق الطائرات التركية بدون طيار فوق ليبيا، ونشر أنظمة الدفاع الجوي المملوكة لأنقرة في البلاد، وانتشار المرتزقة في طرابلس، باتت أطماع رجب طيب أردوغان في الأراضي الليبية وشمال أفريقيا بشكل عام، واضحة للعالم.
وفي هذا الإطار، قال راسيم مارتس، المؤرخ والخبير في الشأن التركي إن "أردوغان كان يطمع منذ وقت طويل في تأسيس قاعدة عسكرية في شمال أفريقيا، وفرض الهيمنة التركية على المنطقة".
وتابع راسيم، في مقال بموقع مجلة "أي بي جي" السياسية الألمانية، إن الوجود التركي في ليبيا يحقق هذا الهدف، حيث شرعت تركيا بالفعل في تأسيس قواعد جوية وبحرية في الأراضي الليبية.
- ثروات أفريقيا.. كنوز ترسم خارطة أطماع أردوغان
- "العرب يتحدون ضد تركيا".. انتفاضة شعبية ضد أطماع أردوغان
وأضاف: "أردوغان يحاول إعادة إحياء الإمبراطورية العثمانية، ويطمع على غرار أجداده في منطقة شمال أفريقيا وموقعها المهم على البحر المتوسط، ويرغب في ترسيخ وجوده عبر القواعد العسكرية".
وتابع: "تاريخيا، كانت طرابلس، بالإضافة لسواحل تونس والجزائر، قواعد بحرية مهمة للإمبراطورية العثمانية السابقة، ويريد أردوغان تكرار ذلك الآن".
ولفت إلى أن تركيا تحاول فرض نفسها في تونس بالفعل، من خلال علاقتها بحركة النهضة، الفرع التونسي لجماعة الإخوان، التي تمتلك أكبر كتلة سياسية في برلمان البلاد.
ووفق الخبير الألماني، فإن "تركيا تطمع أيضا في ترسيخ وجودها في سواحل المتوسط عبر الحفاظ على قواعد عسكرية في ليبيا، من أجل الحصول على أكبر حصة ممكنة من احتياطات الغاز في قاع البحر".
وأضاف الخبير الألماني أن "النظام التركي يطمع أيضا في النفط الليبي على وجه التحديد، وتعهد لحكومة الوفاق بتأمين حقول النفط، في مقابل إنتاج الخام للاستخدام في السوق التركي".
وقال الخبير فولفجانج بوزتاي، رئيس الهيئة الاستشارية للمجلس الوطني للعلاقات الأمريكية الليبية "خاص"، في تصريحات لـ"العين الإخبارية": "في حال نجحت تركيا في السيطرة على الهلال النفطي، واختراقها صناعة النفط الليبية، سيلحق ذلك أضرارا كبيرة بالشركات الأوروبية، خاصة إيني وتوتال وغيرها، لأنه سيخفض حصة هذه الشركات من سوق النفط بنسبة كبيرة".
ومضى قائلا: "بالنسبة لتركيا، لا يقتصر الأمر على الحصول على بعض النفط الخام الرخيص، بل تتواجد في ليبيا للهيمنة على صناعة الهيدروكربونات فيها".
وتابع: "كما ستدفع حكومة أنقرة، الشركات التركية أيضًا للحصول على عقود في أعمال البناء والقطاع الصحي ومحطات الطاقة في ليبيا، ما سيؤدي إلى تهميش الشركات الأوروبية في هذه المجالات".
وأخيرا، يطمع أردوغان في التواجد الدائم في شمال أفريقيا، خاصة في طرابلس، لاستخدام ورقة الهجرة غير الشرعية للضغط على الاتحاد الأوروبي وابتزازه، والخروج بأكبر مكاسب سياسية واقتصادية ممكنة منه، وفق فولفجانج بوزتاي.
بدوره، قال كانان أتيليجان، الخبير في مؤسسة كونراد أديناور الألمانية، في تصريحات صحفية، إن "ليبيا باتت منفذ تركيا الوحيد للبحر المتوسط، وبقاءها هناك يهدف للحفاظ على ما تبقى لها من حرية حركة في البحر بعد تضييق مصر واليونان وقبرص الخناق عليها".
وتابع: "تركيا تستغل ليبيا لفرض نفسها على مفاوضات تقسيم احتياطات الغاز في المتوسط".
ومنذ أشهر، تدعم تركيا بقوة حكومة الوفاق الليبية، وتنقل الأسلحة والمدرعات والطائرات المسيرة بكثافة إلى طرابلس، فضلا عن آلاف المرتزقة السوريين.
يذكر أن الاتحاد الأوروبي لا يعترف بأي حقوق لتركيا في التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط، لأنها لا تملك امتدادا بحريا فيه.