خبيران سودانيان لـ«العين الإخبارية»: تأييد أوروبا لرؤية الإمارات يؤكد نهجها الراسخ
في الوقت الذي تطرح فيه «الرباعية الدولية»، وعلى رأسها دولة الإمارات، المسار السياسي الأكثر واقعية لإنهاء حرب السودان: هدنة فورية، وانتقال للسلطة، تكشف الوقائع على الأرض أن هذا الطريق الواضح لا يصطدم بظروف ميدانية بقدر ما يصطدم بإرادة سياسية رافضة للسلام.
فالقرار الأوروبي الأخير الداعم لخريطة الطريق لم يأت فقط كتزكية دولية للمقترح الإماراتي، بل كإشارة تحذير من أن استمرار الحرب لم يعد يُقرأ كعجز عن الحل، بل كمشروع مُدبّر لإطالة المأساة.
وفي وقت سابق، رحّبت لانا نسيبة، وزيرة دولة ومبعوثة وزير الخارجية لدى الاتحاد الأوروبي، بقرار البرلمان الأوروبي الذي جاء في الوقت المناسب لدعم الجهود المبذولة لإنهاء حرب السودان.
وفيما أشارت إلى أن البرلمان الأوروبي أيد في قراره عمل الرباعية باعتبارها «صيغة الوساطة» لحل هذا النزاع، أكدت التزام دولة الإمارات الراسخ بدعم جميع المساعي الرامية إلى معالجة هذه الحرب الكارثية، والعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، بما في ذلك في أوروبا، لضمان الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة للشعب السوداني.
ثقل الإمارات الدبلوماسي
وبحسب خبراء استطلعت «العين الإخبارية» آراءهم، فإنه رغم أن دولة الإمارات دفعت بثقلها الدبلوماسي والإنساني—من صياغة المبادرات إلى تقديم 784 مليون دولار كمساعدات وجعلتها أكبر مانح لعام 2025—إلا أن موقف قيادة الجيش ومن خلفه مليشيات الإخوان يكشف عن أجندة معلنة وأخرى مستترة: الإصرار على إبقاء الحرب بوصفها «ممرًا إلزاميًا» لتصدر المشهد السياسي، وإعادة تشكيل النفوذ القديم للحركة الإسلامية، وعرقلة أي انتقال مدني يهدد سلطتهم كـ«أمر واقع».
وفي مقابل مسار تتبناه الرباعية لإنقاذ السودان، يصر هذا التحالف على صناعة «سودان الحرب» لأنه وحده يمنحهم القوة، والإفلات من المحاسبة، والسيطرة على ثروات البلاد، بحسب الخبراء.
خارطة الطريق الإماراتية
ويقول سيبويه يوسف الكاتب والمحلل السياسي السوداني، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن خارطة الطريق التي طرحتها دولة الإمارات للسلام، ترتكز على مسارات هدة:
- وقف فوري لإطلاق النار
- توصيل المساعدات الإنسانية
- استعادة المسار المدني الديمقراطي الذي انقلب عليه الجيش في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، وهذا ما يتفق عليه العالم.
إلا أنه «لا أحد شذَّ على هذا المسار، إلا قيادات الجيش الذي تحركه الحركة الإسلامية في السودان التي وضعت وبرمَجَت الموقف المعارض للرغبة الدولية ولرغبة إنسان السودان نفسه بجعل هذه الحرب يعني واقعاً يُستثمَر فيه ويعمل على إعادة تشكيل النظام السابق من الإخوان المسلمين في الواجهة»، يضيف المحلل السياسي السوداني.
واستدل على رؤيته بقوله: الدليل على ذلك أنهم الآن يحاربون في الميدان وهم الذين يقودون وزارة الخارجية وهم الذين يصدرون البيانات التي يعني تحارب كل العالم. إنهم يصنِّفون كل العالم والمجتمع الدولي أعداء لهم.
وتابع، أن هناك قوة كبيرة جداً من الإسلاميين تقف وراء الجيش وهي التي تخطط وهي التي تحدد مسارات الحرب لا السلام، مشيرًا إلى أنهم «ليس لديهم أي أطروحة لوقف هذه الحرب وليس لديهم أي رؤية للسودان في المستقبل. إنهم يرون السودان سودان الحرب والتمزق».
المخرج الوحيد
إلا أن المخرج الوحيد لحل أزمة السودان يتمثل في مسار الرباعية الذي تعد دولة الإمارات عضوا فاعلا فيه، بحسب المحلل السوداني،
وحول قرار البرلمان الأوروبي، قال المحلل السياسي السوداني، إن أوروبا قلقة من نتائج هذه الحرب، وخاصة بعد إدانة الجيش باستخدام الأسلحة الكيميائية مما يهدد بتفاقم هذا النزاع ويدفع نحو زيادة الهجرة غير الشرعية، باتجاه أراضيها، مشيرًا إلى أن استمرار هذه الحرب من خلال المناورات السياسية التي يقف خلفها أحد أطراف الصراع، تُبقي هذه القضية قائمة باعتبار أن ليس هنالك ضبطا للحدود.
وأشار إلى أن أوروبا تدرك أن «الرباعية» تفهم الخطوات الأساسية التي يُجمَع عليها كل المجتمع الدولي، مطالبًا بالوقوف خلف المطالب الأوروبية والدولية، لإيقاف هذه الحرب؛ عبر إدانة كل من ارتكب هذه الجرائم بشكل واضح من خلال لجان تحقيق مستقلة.
موقف الإمارات
وبحسب المحلل السياسي، فإن موقف الإمارات من البداية «ثابت وراسخ ويرتكز على مصلحة الشعب السوداني أولاً، وكان دورها كبير جداً في تقديم المساعدات الإنسانية، رغم العراقيل التي وضعتها حكومة بورسودان، والمزاعم التي حاولت إلصاقها بدولة الإمارات، بدون أي مستندات، وهو ما كذبته الحقائق على الأرض».
ورغم ذلك ظلت الإمارات تدعم إنسان السودان سواء كان في الداخل من خلال المساعدات الإنسانية التي وصلت إلى بورتسودان في بداية الحرب أو المساعدات الإنسانية التي وصلت إلى معسكرات النازحين في شرق تشاد.
ليس هذا فحسب، بل إن دور الإمارات الميداني كان بمثابة موقف مشرف، فهي طالبت وحثت المجتمع الدولي بالإيفاء بالتزاماته باتجاه الشعب السوداني، بالإضافة لاستقبالها لعشرات الآلاف من السودانيين، ومنحهم إقامات وتسهيل أوضاعهم.
وأشار إلى أن دولة الإمارات كانت دائما تقف في المنتصف، فهي تنظر إلى مصلحة الشعب السوداني، وضرورة وقف الحرب، مؤكدًا أن كل مواقفها الرسمية تكشف أن هنالك رفضا من طرف أحد أطراف الصراع وهو الجيش الذي يتعنت في المضي إلى السلام، إلى القبول بالمفاوضات.

الأمر نفسه، أشار إليه المحلل السياسي كمال كرار عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي قائلا في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن الموقف الاماراتي الدبلوماسي من جهود السلام وداخل الرباعية معروف.
وأوضح أنه بينما يسعى الجيش لتصوير الحرب كأنها «عدوان خارجي، يراها غالبية الشعب على أنها صراع على السلطة ومؤامرة على ثورة ديسمبر/كانون الأول وأهدافها».
في السياق نفسه، قال المحلل السياسي كمال كرار عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في حديث لـ«العين الإخبارية»، إنه «منذ وقت مبكر وبعد اندلاع الحرب في أبريل/نيسان 2023، كانت قد تهيأت فرصة لوقف الحرب وبدء هدنة وتفاوض عبر منبر جدة في مايو/أيار 2023، لكنّ طرفي النزاع، رفضا مبادرة جدة وتصاعد القتال بضراوة وهاهو السودان يحصد نتائج التصعيد».
تصعيد دفع «الرباعية الدولية» إلى طرح مسار سياسي وخطة يمكنها أن تنهي الحرب، لكن في الحقيقة فإن هناك أجندة معلنة وخفية وراء رفض مقترحات الرباعية؛ فقيادة الجيش ومن ورائها المليشيات الإسلامية وقوات حركات دارفور لا زالت ترى في الحرب وسيلة لتصدر المشهد السياسي وتمرير أجندة سياسية بحكم أنها سلطة أمر واقع، يضيف المحلل السياسي.
نفوذ الإخوان
وأشار إلى أن الحركة الإسلامية وهي جماعة الإخوان المسلمين التي كانت تسيطر على الأوضاع خلال فترة حكم عمر البشير، رفضت بشكل علني خطة الرباعية لأنها تزيحها عن المشهد السياسي، وهي ترفض أي مقترح لسلطة انتقالية بعد الحرب.

وبحسب المحلل السياسي كمال كرار، فإن قيادة الجيش نفسها مرهونة لهذه الجماعة ومثلت لفترة طويلة الذراع العسكرية لهم، وبالتالي فإن الموقف العسكري يتماهي مع موقف الإخوان، من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن قيادة الجيش تريد مواصلة الحرب لفرض سيطرتها علي السلطة السياسية خوفا من أي محاسبات لاحقة على الجرائم المرتكبة.
«وبالتالي فإن هذا الحلف بما فيه حركات دارفور المنخرطة في الحرب مع الجيش يتخذ الحرب وسيلة لبسط النفوذ السياسي والاقتصادي ويدرك أن نهاية الحرب ستنهي هذا النفوذ»، يضيف كرار.
العودة للسلطة
وأشار إلى أن انقلاب البرهان في أكتوبر/تشرين الأول 2021 جاء من أجل إعادة الإخوان للسلطة، عبر:
- اتخاذ العديد من القرارات التي أعادت كوادر الإخوان للخدمة المدنية والعسكرية
- إلغاء قرارات المحاكم التي صدرت ضد بعض رموز الإخوان
- إطلاق سراح قادتهم من السجون
- فرض سيطرتهم على النقابات
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMzcg جزيرة ام اند امز