بعد حصار أوروبي وتضييق تركي.. "حماس" إلى أين المفر؟
حاصرتها أوروبا وضيقت تركيا الخناق عليها، فباتت حركة حماس الفلسطينية عالقة على رصيف التاريخ تبحث عن رحم بديل.
فها هي حماس، سليلة جماعة الإخوان، تعيش حالة من القلق والتوجس مع توارد معلومات حول ترحيل نشطاء لها من تركيا التي لطالما كانت الحاضنة للحركة.
فمن يكون الرحم البديل لحماس؟
استنادا لتقارير إعلامية بينها ما طالعته "العين الإخبارية" في موقع Modern Diplomacy ، ظهرت ماليزيا كقاعدة عمليات خارجية محتملة لحركة حماس التي سيطرت على قطاع غزة، بقوة السلاح عام 2007، بعد انقلابها على مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية.
وبالنسبة لحركة حماس، فإن تركيا هي حليف استراتيجي لها، ويقيم على أراضيها منذ سنوات، عدد من قادتها وعناصرها بينهم أسرى محررون أفرجت عنهم إسرائيل عام 2011 في إطار صفقة الجندي جلعاد شاليط.
وفي الآونة الأخيرة، أفادت تقارير صحفية إسرائيلية أن تركيا رحلت في الأشهر الماضية، نشطاء من حماس أو رفضت دخولهم إلى البلاد في إطار سعيها لتحسين علاقاتها مع إسرائيل.
يُذكر أن العلاقات التركية الإسرائيلية توترت منذ أن اقتحمت القوات الإسرائيلية "أسطول الحرية" الذي أبحر من تركيا عام 2010، وكان متوجها نحو قطاع غزة، في محاولة لكسر الحصار الإسرائيلي آنذاك.
وأسفر الحادث آنذاك عن مقتل تسعة نشطاء أتراك وإصابة عشرة جنود إسرائيليين.
وفي مارس/أذار الماضي، زار الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، أنقرة، ليصبح أول رئيس إسرائيلي يقوم بذلك منذ 15 عاما.
وفي قمة مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان ، تعهد الرئيسان بفتح فصل جديد في العلاقة بين أنقرة وتل أبيب.
ووفق تقارير صحفية، فإن نشطاء حماس المرحلون من تركيا كانوا على قائمة إسرائيلية قُدمت إلى أنقرة وتتضمن أشخاصا متورطين في أنشطة مسلحة.
وورد أن صالح العاروري ، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والقائد العسكري السابق ، كان من بين المطرودين.
في هذه الأثناء، حذرت مصادر مقربة من حماس من أن سحب الدعم للحركة من شأنه أن يقوض الجهود التركية لتقديم نفسها على أنها نصير للقضايا الإسلامية ، وفي مقدمتها فلسطين.
ويعتبر التحرك التركي المناهض هذا، جزءا من جهود بدأتها أنقرة منذ فترة، بحق جماعة الإخوان المسلمين التي ينظر إلى حماس على نطاق واسع على أنها فرع من هذه الجماعة.
تحركٌ جاء في ظل تقارب تركي عربي طوى صفحة من القطيعة وفتح أخرى للعلاقات لاسيما مع مصر ودولة الإمارات والسعودية.
ويرى مراقبون أن الرئيس التركي يُدرك أن تعميق الشراكة مع هذه الدول لا يُمكنه أن ينجح دون معالجة المشاكل العالقة وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها الإمارات والسعودية ومصر بـ"الإرهابية".
ماذا عن قطر؟
الحديث عن حواضن حماس في الخارج، لا يمكن أن يمر دون ذكر قطر التي تحتفظ حماس بدرجة من الدعم السخي من الدوحة.
ويُعتقد أن إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، ما زال مقيما في قطر، حيث يلتقي علنا بكبار الشخصيات الزائرة مثل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، وفلسطينيين من الضفة الغربية.
ومع ذلك، من غير المرجح- بحسب مراقبين- أن تسمح قطر للحركة بإعادة تأسيس نفسها بعد أن أجبرتها على الانتقال إلى تركيا كجزء من صفقة عام 2014 أدت إلى عودة السفراء السعوديين والإماراتيين والبحرينيين إلى الدوحة.
ونتيجة لذلك، برزت ماليزيا (التي لم تعلق على هذه التقارير حتى الساعة) كقاعدة محتملة لحماس، كون الحركة ليس لديها المكان المحدد لتذهب إليه في الشرق الأوسط، بعد التحرك التركي الأخير الذي لم تؤكده أنقرة أو تنفه حتى اليوم.
ويقول موقع Modern Diplomacy إن حماس استخدمت مركزها الثقافي في كوالالمبور للحفاظ على اتصالات غير رسمية مع مختلف دول جنوب شرق آسيا التي لا تريد أن يُنظر إليها على أنها تتحدث إلى الحركة إما بسبب علاقاتها مع إسرائيل ، أو معارضتها للإسلام السياسي أو موقفها.
وإندونيسيا وماليزيا، الدولتان الرئيسيتان ذات الأغلبية المسلمة في جنوب شرق آسيا، لا توجد لديهما علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. ومع ذلك ، فإن ماليزيا أكثر حدة في معارضتها لتل أبيب، ودعم الفلسطينيين.
الغرب يطوق حماس
وفي مارس/أذار الماضي، انضمت أستراليا إلى قائمة دول ومنظمات غربية تصنف حركة حماس بالكامل، تنظيما إرهابيا، وسط تآكل الخط الفاصل بين الجناحين العسكري والسياسي.
القرار الأسترالي يضيق الخناق الغربي على حركة "حماس"، ويحرمها من جمع الأموال عبر عدد من قياداتها في الشتات، ويقيد حركتها وقدرتها على المناورة بشكل كبير، وفق مراقبين.
وقالت كارين أندروز، وزيرة الشؤون الداخلية الأسترالية، خلال الإعلان عن تصنيف 8 منظمات، إن آراء حركة حماس و"الجماعات المتطرفة العنيفة الأخرى التي جرى إدراجها في القائمة "مقلقة للغاية، ولا مكان في أستراليا لعقائدها البغيضة".
وكانت أستراليا تكتفي خلال العقدين الماضيين بتصنيف الجناح العسكري لحماس، كتائب عز الدين القسام، كتنظيم إرهابي.
ويعكس القرار الأسترالي، تآكل الخط الفاصل بين الجناحين العسكري والسياسي في استراتيجية بعض الدول الغربية في التعاطي مع التنظيمات الإرهابية، مثل حماس وحزب الله.
وفي العامين الماضيين، تجاوزت عدة دول غربية مثل ألمانيا والنمسا، هذه الاستراتيجية في التفرقة بين الجناحين السياسي والعسكري فيما يتعلق بحزب الله اللبناني، فيما كسرت أستراليا نفس الاستراتيجية اليوم فيما يتعلق بحركة حماس.
ويعكس هذا التوجه الغربي الجديد وعيا أكبر بطبيعة عمل مثل هذه التنظيمات، وخطورتها، وعدم وجود فواصل بين عملها العسكري والسياسي، وفق المراقبين.
الولايات المتحدة أول دولة
وتعد الولايات المتحدة أول دولة غربية تضع حركة حماس بالكامل على لائحة الإرهاب في عام 1997، ثم لحقت بها الجارة كندا في 27 نوفمبر/تشرين ثاني 2002.
ومنذ عام 2003، يضع الاتحاد الأوروبي حركة حماس بالكامل على لائحته للتنظيمات الإرهابية، رغم رفع الحركة عدة دعاوى قضائية أمام المحاكم الأوروبية، أفضت إلى حكم نهائي العام الماضي بتثبيت وضع الحركة على قوائم الإرهاب.
وتلتزم كافة الدول الأوروبية الأعضاء في التكتل، بالتصنيف الجماعي لحركة حماس بالكامل كتنظيم إرهابي.
لكن ألمانيا قررت المضي قدما واتخاذ إجراءات أكثر ضد الحركة في يونيو/حزيران الماضي، عندما مرر البرلمان قرار بحظر جميع شعارات ورموز حركة حماس في الأراضي الألمانية.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، انضمت بريطانيا إلى الجبهة الغربية ضد حماس، عبر إعلانها حظر الحركة الفلسطينية بالكامل على أراضيها، قبل أن تلحق بها أستراليا اليوم وتصنف الحركة إرهابية.
وبذلك، فإن الدول والتكتلات الرئيسية في الغرب تصنف حماس بالكامل تنظيما إرهابيا، ما يضرب استراتيجية الحركة في جمع الأموال في هذه الدول عبر التبرعات والأنشطة التجارية والمالية، وهو الأمر الذي يضعف قدرات الحركة على تطوير ترسانتها من الأسلحة وتنفيذ عملياتها.