منشورات الإخلاء بجنوب لبنان.. انفلات أم خلافات داخل الجيش الإسرائيلي؟
«عليكم ترك منازلكم فورا وعدم الرجوع حتى نهاية الحرب، ومن يتواجد سنستبيح دماؤه».. منشورات إسرائيلية على جنوب لبنان أثارت حالة من القلق والترقب بنذر حرب، وتساؤلات حول أسبابها ودوافعها.
لكن سرعان ما زعم الجيش الإسرائيلي أن "اللواء 769" أو "لواء حيرام" قام "بتصرف فردي" بإلقاء منشورات تدعو سكان قوى في جنوب لبنان إلى إخلائها الفوري، مؤكدا بدء التحقيق في الأمر.
- مبعوث بايدن إلى إسرائيل في مهمة «الفرصة الأخيرة» لمنع ضرب لبنان
- حزب الله يطلق 5 صواريخ على شمال إسرائيل.. وتل أبيب: اعترضناها
وهذه ليست المرة الأولى التي ينسب فيها الجيش الإسرائيلي تصرفا أو واقعة محرجة له إلى «التصرفات الفردية».
ما لواء حيرام؟
ومقر "اللواء 769" أو "لواء حيرام" هو من أكثر المقار العسكرية الإسرائيلية استهدافا من لبنان في الأشهر الأخيرة.
ويضم "اللواء 769" الكتيبة 920 والكتيبة 134 والكتيبة 7106، وهو لواء إقليمي بالجيش الإسرائيلي مسؤول عن قطاع الجانب الشرقي من الحدود بين إسرائيل ولبنان.
تفاصيل المنشور
وجاء في المنشورات التي كتبت باللغة العربية «يطلق حزب الله النيران من مناطقكم، عليكم ترك منازلكم فورا والتوجه شمال منطقة الخيام حتى الساعة الرابعة مساء وعدم الرجوع إلى هذه المنطقة حتى نهاية الحرب».
وأضافت «من تواجد في هذه المنطقة بعد هذه الساعة سيعتبر عنصرا إرهابيا وسنستبيح دماؤه».
وتابعت: "الجيش الإسرائيلي سيفعل كل ما أوتي له من قوة في منطقتكم ليتأكد أن تكون خالية من السكان".
ليست المرة الأولى
وليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إلقاء منشورات موقعة باسم الجيش الإسرائيلي على جنوب لبنان، ولكن العبارات الواردة فيها سيما «استباحة الدم» غير مسبوقة.
ويحاكي هذا الأسلوب ما يقوم به الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ بداية الحرب، في محاولة استباقية لأي محاكمة دولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، حيث يدعي الجيش الإسرائيلي أنه تم إخطار السكان بالإخلاء قبل مهاجمة المدن والمخيمات.
غير أن الجيش الإسرائيلي سارع إلى نفي أن تكون قيادة الجيش على معرفة بالمنشورات التي تم إلقاؤها على جنوب لبنان، وإن كان قد اعترف بأن لواء في الجيش هو من قام بإسقاطها على قوى في جنوب لبنان.
وهذا اللواء، بحسب اعتراف الجيش الإسرائيلي نفسه، هو اللواء 769.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية: "على مستوى القيادة العليا في الجيش الإسرائيلي وعلى المستوى السياسي لم يعرفوا بإسقاط الإعلانات، التي تبين أنها مبادرة خاصة من اللواء الإقليمي 769".
وأضافت "يحقق الجيش الإسرائيلي في الحدث غير العادي".
ونقلت عن الجيش الإسرائيلي أنه "لا يوجد أمر إخلاء لسكان جنوب لبنان".
أما إذاعة الجيش الإسرائيلي فقالت "إلقاء المنشورات على جنوب لبنان هو مبادرة مستقلة للواء الإقليمي 769 في القيادة الشمالية، وهذه مبادرة لم توافق عليها القيادة العليا في الجيش الإسرائيلي، وبالتأكيد ليس المستوى السياسي، وفتح الجيش الإسرائيلي تحقيقا في الحادث".
تفاصيل ما جرى
ويكشف مراسل الشؤون العسكرية في إذاعة الجيش الإسرائيلي دورون كادوش أن "قائد الفرقة الإقليمية العقيد آفي مارسيانو اتخذ القرار من تلقاء نفسه، ونفذ الخطوة كعملية فرقة، دون الحصول على مصادقة من قائد الفرقة 91 العميد شاي كلابر وقائد القيادة الشمالية أوري جوردين".
وأضاف في تعليق تابعته "العين الإخبارية" "تم توزيع الإعلانات باستخدام الطائرة دون طيار التابعة للواء، دون مشاركة سلاح الجو الذي لم يكن على علم بالعملية أيضا".
وتابع كادوش: "من منطقة فازاني التي طلب اللواء إخلاءها، تمت عمليات إطلاق عدة مرات باتجاه الشمال في الفترة الأخيرة".
وتابع: "هذه منطقة توجد بها مخيمات، وهي ليست منازل دائمة للاجئين السوريين، ويستخدم حزب الله المنطقة لإطلاق النار على الأراضي الإسرائيلية".
لكن وإن كان الجيش الإسرائيلي قد أقر بأن ما جرى هو تصرف فردي دون موافقة من قيادة الجيش الإسرائيلي أو المستوى السياسي، فهل يؤشر هذا إلى خلافات داخل الجيش بشأن عملية عسكرية في جنوب لبنان حتى الليطاني.
«فوضي»
ووصفت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية ما جرى بأنه "فوضى"، وقالت: "ألقى قائد اللواء مناشير من تلقاء نفسه لإجلاء السكان في لبنان، ثم بدأت الفوضى".
وبرزت في الأسابيع الأخيرة دعوات للقيام بعملية عسكرية واسعة في لبنان أو على الأقل في جنوب لبنان حتى منطقة نهر الليطاني.
دعوة لاحتلال جنوب لبنان
وجاءت الخطوة على وقع ارتفاع طبول الحرب في إسرائيل على حزب الله.
فقد دعا أريئيل كيلنر، عضو الكنيست من حزب "الليكود" الذي يقوده نتنياهو، إلى إعادة احتلال جنوب لبنان.
وقال في مقابلة مع صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، الأحد: "الحدود الحالية في الشمال هي حدود غير مستدامة. وطالما أن لبنان بلد معادٍ، وطالما أن هناك واقعاً لحزب الله، فلا سبيل آخر سوى سيطرتنا المطلقة حتى النهاية. علينا العودة إلى مفهوم الثبات على الأرض".
وأضاف: " إما أن ننشئ منطقة أمن وسيطرة حتى الليطاني، وإما لن تكون هناك حياة في الشمال، هذه هي المعادلة وليس هناك نهاية لها".
وتابع: "الحقيقة هي أنه يجب أن يكون هذا حلا حتى زمن المسيح، طالما أن لبنان دولة معادية، وما دام هناك واقع لحزب الله على الجانب الآخر، ففي هذا الواقع لا توجد طريقة أخرى، فقط سيطرتنا الكاملة حتى الليطاني".
وهاجم وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، وقال "غالانت لم يعد وزير الدفاع الذي تحدث عن إعادة لبنان إلى العصر الحجري"، ودعا إلى استبداله.
ومع ذلك، أعرب كيلنر عن دعمه لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، قائلا إنه "يواصل السعي لتحقيق النصر" على الرغم من الضغوط من جميع الاتجاهات".
ومن جهته قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اجتماع الحكومة الأسبوعي إن الوضع على الحدود الشمالية لإسرائيل "لا يمكن أن يستمر"، وإنه "يتطلب تحولا في ميزان القوى".
وأضاف نتنياهو أن إسرائيل ستفعل "كل ما يلزم" لإعادة سكانها إلى منازلهم بأمان.
تصعيد مستمر
ويتواصل التصعيد على الحدود الإسرائيلية واللبنانية.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان: "خلال ساعات الليلة الماضية هاجمت طائرة لسلاح الجو خلية مسلحين كانت تعمل في منطقة شبعا في جنوب لبنان. كما قصف الجيش بالمدفعية عدة مناطق في جنوب لبنان".
وأضاف: "متابعة للإنذارات التي تم تفعيلها في منطقة الجليل الأعلى وشمال هضبة الجولان تم رصد إطلاق نحو 40 قذيفة صاروخية من لبنان حيث تم اعتراض بعضها بينما سقطت الباقية في منطقة مفتوحة دون وقوع إصابات. قوات الإطفاء تعمل لإخماد حرائق اندلعت نتيجة سقوط قذائف في مناطق مفتوحة".
وتابع: " تم رصد مسيرة مفخخة سقطت في منطقة المطلة دون وقوع إصابات".