ما حدث في القاهرة يومَيْ الأربعاء والخميس الماضيين، لم يكن مؤتمراً عادياً سهلاً متكرراً، بل كان حدثاً استثنائياً، قلَّما شاهدنا مثله.
"صعدنا على متن الطائرة بمطار القاهرة، ووجهتنا العودة للقدس، وسننقل لأهلنا بالقدس وفلسطين قرارات المؤتمر، سوف ننقل لهم الصورة، ونقول لهم إن إخوتكم في الأقطار العربية والإسلامية لن يتركوكم وحدكم لتصارعوا المصائب والمكائد، وننقل وعد إخوانكم بأنهم سيزورونكم قريباً، وسيكسرون الحاجز الذي منعهم من الوصول إليكم".!
هذه كانت رسالة وداعية من أحد المسؤولين الفلسطينيين، المشاركين في المؤتمر العالمي لنصرة القدس، وهي تلخِّص بحق أهمية هذا المؤتمر للمقدسيين والفلسطينيين بشكل عام.
ما حدث في القاهرة يومَيْ الأربعاء والخميس الماضيين، لم يكن مؤتمراً عادياً سهلاً متكرراً، بل كان حدثاً استثنائياً، قلَّما شاهدنا مثله، ولعل صعوبة وعِظم وأهمية موضوع النقاش في المؤتمر، أسهمت بشكل مباشر في استثنائية الحدث، وارتفاع مستوى المشاركين.
ما حدث في القاهرة يومَيْ الأربعاء والخميس الماضيين، لم يكن مؤتمراً عادياً سهلاً متكرراً، بل كان حدثاً استثنائياً، قلَّما شاهدنا مثله، ولعل صعوبة وعِظم وأهمية موضوع النقاش في المؤتمر، أسهمت بشكل مباشر في استثنائية الحدث، وارتفاع مستوى المشاركين، فالأمر يتعلق بالقدس، والقدس اسم لا يقبل عربي، مسلماً كان أم مسيحياً، المساس به إطلاقاً!
في المؤتمر العالمي لنصرة القدس، الذي نظمه الأزهر الشريف بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين، حضر عدد كبير من المسؤولين والشخصيات، تجاوز عددهم 800 شخص، من 86 دولة، من أجل القدس، والعدد ليس كل شيء هُنا، بل هناك ما هو أهم من العدد، وهو حضور ممثلين عن كل الأديان والأطياف، حضر الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، والأمين العام لمجلس الكنائس العالمي، وحضر مشايخ وعلماء من الخليج، ومن إندونيسيا، وإفريقيا، والشيشان وغيرها، وحضر مشايخ الأزهر، وعلماء من الشيعة، وحضر بابا أقباط مصر، كما حضر حاخام يهودي هو مير هيرش زعيم حركة ناطوري كارتا اليهودية المناهضة للصهيونية على رأس وفد من الحركة، جاؤوا جميعاً بمختلف أفكارهم ومعتقداتهم، وحتى ثيابهم المميزة، من أجل هدف واحد هو بحث السبل والوسائل والخطوات العملية، لدعم الهوية العربية والفلسطينية للمدينة المقدسة!
كان مشهداً مَهيباً، غاب فيه الصدام الفكري، وغابت عنه الخلافات والاختلافات، اختفت العصبية والتعصب، وبرز التسامح والتعاضد، لم نشاهد على الوجوه سوى الابتسامات، ولم يتبادل الحضور والمشاركون على اختلاف أطيافهم وأديانهم، سوى كلمات التقارب والمحبة، إنه بالفعل حدث استثنائي، حين ينسى هؤلاء كل خلاف، ويتوحّدون لتحقيق هدف سامٍ، هو رفض كل المحاولات الرامية إلى تهويد القدس، ودعمها لتكون عاصمة أبدية لدولة فلسطين!
كثيرون يعتقدون أن مثل هذه المؤتمرات لا جدوى لها، وكثيرون من المُحبِطين، والمُحبٓطين، يعتقدون أن المواقف الكلامية، والبيانات الختامية، والتصريحات الاستنكارية، وبيانات الشجب، غير مجدية، ولا أهمية لها، وهناك من يعتقد ألا فائدة مرجوة من هذا المؤتمر، وهذا التجمع، وبالتأكيد فإن من يعتقد ذلك مخطئ وبشدة، ومثل هذه المؤتمرات هي في غاية الأهمية لتسجيل المواقف، وإيصال صوت العرب والمسلمين عالمياً للجميع، للمنظمات والشعوب، ومثل هذه المؤتمرات والتوصيات هي التي تشكِّل الرأي العالمي، الكفيل بالضغط على الرئيس الأميركي وحلفائه الإسرائيليين!
أما من يعتقد أن الحل لن يأتي إلا على ظهر دبابة، أو حرب شاملة مع الإسرائيليين، فإنه غير واقعي، ويعاني عدم منطقية التفكير، وهو دون شك يعيش على أوهام وأحلام صعبة المنال والتنفيذ، هؤلاء الذين لا تعجبهم التصريحات وبيانات الشجب والاستنكار، هم أضعف من أن يفعلوا ما يُطالبون به، وهم أكثر من يبث وينشر السلبية والإحباط!
نقلا عن "الإمارات اليوم"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة