خبراء لـ"العين الإخبارية": (الاليكا) تتسبب في إفلاس قطاعات مهمة بتونس
الدستور التونسي ينص على ضرورة ألا يأخذ رئيس الحكومة أي قرار بخصوص العلاقات الدولية دون العودة إلى "مجلس نواب الشعب"
تواجه الحكومة التونسية ضغوطا كبيرة من قبل المجتمع المدني والأحزاب المعارضة قصد التراجع عن توقيع اتفاقية التبادل الحر والشامل والمعمق، المعروفة بـ"الاليكا" مع الاتحاد الأوروبي.
هذه الاتفاقية التي انطلقت المفاوضات فيها منذ سنة 2015 في دورتها الأولى، ثم دورة ثانية سنة 2016، وثالثة في يونيو/حزيران 2018، أما الرابعة فانطلقت في أواخر شهر أبريل/نيسان لإنهاء بنود الاتفاقية، أصبحت محل نقاش حاد بين مناصريها ومعارضيها.
ويرى المهنيون في تونس -خاصة منهم الاتحاد العام التونسي للعمل (أكبر منظمة نقابية)- ومختلف النقابات الفلاحية أن الاتفاقية التي من المتوقع أن ترى النور قريباً "استعماراً جديداً"، وبإمكانه أن يقضي على الأمن الغذائي التونسي، وعلى قطاع الخدمات الذي يمتص 60% من البطالة سنويا، حسب اتحاد الشغل.
- حكومة تونس تطلب موافقة البرلمان مجددا على سندات بقيمة 800 مليون دولار
- رواج المياه المعبأة في رمضان.. تونس تخفض الأسعار ومصر تزيد الاستهلاك
ويعيد معارضو هذه الاتفاقية أسباب رفضهم إلى عدم توازن القوى الإنتاجية بين تونس وأوروبا، وأنه من الضروري اتباع سياسات حمائية خاصة للقطاع الفلاحي الذي يمثل 30% من الثروة الوطنية، حسب المعهد التونسي للإحصاء.
وفي المقابل تعهد يوسف الشاهد لدى زيارته إلى بروكسيل (مقر الاتحاد الأوروبي) في 24 أبريل/نيسان 2018 أن سنة 2019 ستكون سنة التحديد النهائي للنقاط الأساسية لاتفاق "الاليكا"، دون أن يعود في تلك الفترة إلى البرلمان لأخذ رأيه في الاتفاقية.
وينص الدستور التونسي لسنة 2014 على ضرورة ألا يأخذ رئيس الحكومة أي قرار بخصوص العلاقات الدولية دون العودة إلى "مجلس نواب الشعب" كهيئة تشريعية تراقب تحركات السلطة التنفيذية.
مسار "الاليكا" وغياب التوازن
يقول عبدالجليل واردة، أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية ورئيس جمعية "العقل الاقتصادي" (مستقلة)، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن اتفاقية "الاليكا "هي استمرار لاتفاقية الشراكة التي عقدتها تونس سنة 1995 في عصر الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
وأضاف بأن الرئيس الأسبق عقد اتفاقية التبادل الحر في القطاع الصناعي والتجاري، إلا أنه رفض التوقيع على بنود تخص تبادل المنتجات الفلاحية والخدماتية لعدم جاهزية تونس لخوض المنافسة مع 27 دولة مكونة للاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى أن الجديد في اتفاقية "الاليكا" هو استكمال وتوسيع منطقة التبادل الحر في كل المنتجات.
وأظهر أن هذه المسألة "خطيرة"، لأن أوروبا فيها هيكلة اقتصادية قوية ونظام إنتاج عصري خصوصا في المجال الزراعي، مما سيجعل الفلاح التونسي غير قادر على المنافسة ومن ثم انكماش الفلاحة الوطنية.
وأضاف أن الطرح "الليبرالي" المطلق الذي تنتهجه حكومة يوسف الشاهد لا يخدم المؤسسات الفلاحية الصغيرة والمتوسطة، والتي تمثل 95% من مجموع المؤسسات الفلاحية في تونس.
وفي السياق نفسه، قال الميزوني خواجة عضو اتحاد الفلاحين في تونس، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إنه بمقتضى هذه الاتفاقية سيغادر 250 ألف فلاح القطاع الزراعي لعدم قدرتهم على تطبيق المعايير الأوروبية التي ستضعها بنود "الاليكا".
وأشار إلى أنه من غير المنطقي أن توقع تونس اتفاقيات غير متوازنة وغير متكافئة، قائلاً "إن الفلاحة التونسية لا يمكن لها أن تساير نسق الفلاحة الأوروبية التي تتمتع بـ40% من ميزانية الاتحاد الأوروبي، حيث خصص لها 363 مليار يورو كميزانية دعم للفترة بين 2010 و2014.
حكومة الشاهد.. سياسات منفتحة لاقتصاد هش
يرى عثمان الحاجي، الناشط في ائتلاف الجبهة الشعبية (تحالف يساري و قومي)، أن يوسف الشاهد وحليفته حركة النهضة يسيرون ضد "الطبيعة"، من خلال اتباع سياسات ليبرالية وانفتاحية بشكل كلي، دون وجود اقتصاد قوي وإنتاج صناعي وزراعي يستطيع المنافسة دولياً أو إقليمياً أو مع دول حوض البحر الأبيض المتوسط.
وأشار إلى أن الرؤية الوحيدة التي تبحث عنها الحكومة هي إرضاء الجانب الأوروبي، من أجل الحصول على دعم سياسي للبقاء في السلطة، مؤكدا أن هذه الاتفاقية ستكون منطلقا لإفلاس عديد من القطاعات، وأهمها قطاع الفلاحة المرتبط بغذاء التونسيين وقطاع الخدمات الذي يرتبط بالحياة اليومية لـ12 مليون ساكن.
وبدأت العديد من الأحزاب المعارضة كالجبهة الشعبية وحركة الشعب (قومي) والمنظمات المهنية كاتحاد الشغل وهيئة المحامين التونسيين بحشد أنصارها لتنظيم حراك جماهيري يضغط على حكومة يوسف الشاهد، من أجل التراجع ووقف مسار المفاوضات.
aXA6IDMuMTIuMzQuMTkyIA== جزيرة ام اند امز