ماذا يتبقى لمصر للتخلص نهائيا من الإرهاب؟
الخبراء يرون أن المواجهة المصرية للإرهاب تستلزم محورين رئيسيين الأول أمنياً، والثاني يتعلق بالمواجهة الفكرية ومطاردة العناصر الإرهابية.
تدرك السلطات المصرية أن معركتها ضد الإرهاب لاتزال غير كافية، وتتطلب مواجهة شاملة لكافة جوانبها، لكي يتم القضاء على الظاهرة، التي تؤرق البلاد منذ سنوات.
- برلمان مصر يحذر من توظيف جماعات الإرهاب لـ"ألعاب الموت"
- باحثان مصريان: الإرهاب في العيد هدفه إفساد فرحتنا
وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد، إن بلاده "نجحت في تدمير البنية التحتية للتنظيمات الإرهابية"، بعد مضي 6 سنوات على ثورة "30 يونيو" 2013، التي أطاحت بحكم جماعة الإخوان الإرهابية، فيما بدا اعترافا صريحا منه بأن النجاح المتحقق لا يزال يدور في الإطار الأمني.
ويرى خبراء أمنيون تحدثوا لـ"العين الإخبارية" أن المواجهة المصرية للإرهاب تستلزم محورين رئيسيين، الأول أمنياً وهو ما تحدث عنه الرئيس السيسي، وحققت فيه مصر نجاحا لافتاً، في حين يتطلب التخلص من الظاهرة، بعدا آخر متعلق بالمواجهة الفكرية ومطاردة العناصر الإرهابية في المنطقة ككل.
وجاء حديث الرئيس المصري، في سياق كلمته بمناسبة الذكرى السادسة لثورة الثلاثين من يونيو، وقد أكد أن جهود الفترة السابقة نجحت في حماية مصر من "الوقوع في هوة الفوضى والتطرف".
ومنذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، في يوليو/ تموز 2013، تشهد مصر أعمالا إرهابية متفرقة، تستهدف في معظمها عناصر الأمن والقوات المسلحة، وكذلك تجمعات لمسيحيين، قتل خلالها المئات. غير أن وتيرة تلك العمليات خفتت بشكل ملحوظ مؤخرا، باستثناء بعض المواجهات في شمال شبه جزيرة سيناء، في إطار عملية أمنية واسعة للقضاء على عناصر تنتمي لتنظيم داعش "الإرهابي".
وتتهم السلطات المصرية جماعة الإخوان المصنفة رسميا "جماعة إرهابية" منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، وجماعات أخرى مسلحة منبثقة عنها، بالمسؤولية عن أعمال العنف تلك، ويحاكم المئات من قادة وعناصر الجماعة في قضايا مرتبطة بالعنف، بينما فر آخرون إلى خارج البلاد عقب عزل مرسي.
ضرب البنية التنظيمية
تتمثل البنية التحتية للجماعات الإرهابية، وفقا للواء فؤاد علام، عضو المجلس القومي لمكافحة الإرهاب بمصر، في أوكار الجماعات الإرهابية ومخابئ الأسلحة والذخيرة، التي يتم الكشف عنها وتدميرها بشكل يومي في سيناء تحديدا، فضلا عن التصدي لجهود تمويل تلك الجماعات داخليا من عناصر منتمية، أو خارجيا وعلى رأسه التمويل القطري والتركي.
وأوضح علام لـ"العين الإخبارية" أن مصر "عملت منذ سنوات للقضاء على تلك البنية التحتية والمالية لكافة الجماعات الإرهابية، ومنها جماعة الإخوان، فبعد أن تم تصنيفهم إرهابية - بموجب القانون - جرى توقيف المئات من الأفراد والكيانات التي ثبت تمويلها للهجمات الإرهابية، بموجب قانون الكيانات الإرهابي، وتم تجميد أموالهم، ما أضعف بشكل واضح تلك الجماعات".
وأعلنت السلطات المصرية، نهاية الأسبوع الماضي، ضبط 19 شركة وكيانا اقتصاديا قالت إن بعض القيادات الإخوانية والعناصر الإيثارية تديره بطرق سرية، بهدف "تمويل أعمال إرهابية وخلق حالة فوضى في البلاد"، وقررت حبس 11 متهمًا على ذمة التحقيقات في القضية.
ونوه علام أيضا بالنجاحات التي حققتها السلطات في الكشف عن أوكار الجماعات الإرهابية في المدن، ولجوئهم إلى شقق مناطق سكنية للتواري عن الأمن، وهو ما يجري رصده وضبطه.
استراتيجية شاملة
لكن المواجهة، وفقا لـ"علام"، تتطلب استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب، وتتضمن جانبا فكرياً لمحاربة التطرف، يتم من خلال الرد على ادعاءات تلك الجماعات الفكرية، التي تؤصل لذلك المنهج الإرهابي، ما يترتب عليه تقليل انضمام المزيد من العناصر الإرهابية.
ويؤكد الخبير الأمني، أن تلك الاستراتيجية لن تنجح دون تعاون مصري-عربي واسع، بالدرجة الأولى، ودون انتظار الدعم الغربي، مؤكدا أن المواجهة في الداخل ستظل منقوصة ما لم تتم نفس المواجهة في الدول المحيطة، التي يمكن عن طريقها تصدير الفكر الإرهابي والعناصر المدربة وبسهولة.
في السياق ذاته، يشير منير أديب، الباحث المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب، إلى أن مصر وكذلك السعودية والإمارات، تمتلك تجارب ناجحة في مواجهة الجماعات الإرهابية وتجفيف الدعم المالي عنها، مؤكدا أن حديث الرئيس السيسي عن "تدمير البنية التحتية" هو تعبير دقيق يشير فيه إلى النجاحات الأمنية المتتالية، لكنه أيضا يؤكد ضرورة استكمالها بالمواجهة الفكرية.
ويوضح أديب لـ"العين الإخبارية" أن الأمر يتطلب أن تتضافر جهود المؤسسات الدينية والتعليمية والثقافية مع المؤسسة الأمنية، فضلا عن مؤسسات المجتمع المدني لمحاصرة تلك الأفكار، بحيث يتم القضاء عليها شكلا وموضوعا. ويشير أديب إلى المواجهة الأمنية المصرية الناجحة في تسعينيات القرن الماضي، مع عناصر الجماعات الإسلامية.
aXA6IDMuMTMzLjE1Mi4xODkg
جزيرة ام اند امز