خبراء لـ"العين الإخبارية": خيارات محدودة أمام تركيا في سوريا
باتت ساحة الخيارات ضيقة أمام تركيا في سوريا، خصوصا مع عدم وجود استراتيجية واضحة لديها في التعامل مع التطورات الميدانية الأخيرة هناك
خلطت الولايات المتحدة الأمريكية جميع الأوراق على الساحة السورية، بعد قرارها بسحب قواتها من هذا البلد؛ إذ أطلقت بذلك سباقا محموما بين اللاعبين الخارجيين والمحليين لملء الفراغ وتحقيق مكاسب استراتيجية على الأرض.
- هولاند يحذر من "تأجج الإرهاب" في سوريا حال تدخل تركيا
- دوريّات أمريكية في منبج السورية.. واستنفار تركي استفزازي
ووفقا للمعطيات الجديدة فإن الطرف الذي تبدو خياراته هي الأصعب والأكثر تحديا هم الأتراك؛ حيث يدخلون حقلا مليئا بالألغام في ظل غموض وضبابية عملية الانسحاب الأمريكي من سوريا.
وما يزيد من ضيق مساحة الخيارات أمام تركيا، هو عدم وجود استراتيجية واضحة لديها في التعامل مع التطورات الميدانية الأخيرة التي شهدها الشمال السوري، خاصة فيما يتعلق بتدخلها العسكري المرتقب في مواجهة وحدات حماية الشعب الكردية من حدودها.
ووفقا للخبراء العسكريين، فإنه لا يبدو أن هناك تغييرا جذريا على المدى القريب في استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية، رغم إعلان انسحاب قواتها من سوريا وتخفيض عدد قواتها في المنطقة.
ويشير الخبراء إلى أنه يمكن اعتبار أن ما يجري تغيير في الآليات اللازمة لحماية المصالح الأمريكية والأمن القومي لها، والتي تتمثل بسياسة "ملء الفراغ"، والتي تهدف إلى تطويع أو احتواء صعود تركيا كقوة إقليمية في ظل نظام عالمي يشهد زعزعة في بنيته.
ويمكن رصد هدف آخر من الخطوة الأمريكية يتمثل في تطويق توسع إيران في المنطقة، بما يتناسب مع إرادة الولايات المتحدة الأمريكية في موازنة الخلل المتنامي بالنظام الإقليمي للشرق الأوسط، وضبط الملف الأمني الإقليمي للشرق الأوسط وإعادة تطويعه؛ حتى لا يتعزز الخلل في بنية النظام الأمني العالمي.
ويقتضي ذلك -بحسب الخبراء- منع عودة تنظيم داعش والاستمرار في محاربته على اعتبار أن كثيرا من الدول كانت تستثمر في بنيته الأمنية أو اعتراض خروج تنظيم مماثل يتم الاستثمار الأمني فيه.
تركيا والتحديات الصعبة في سوريا
تزداد خيارات تركيا صعوبة بمرور الوقت، وما تدخلها العسكري المرتقب في مواجهة وحدات حماية الشعب الكردية من حدودها، ما هو إلا تأكيد على هذه الحقيقة.
ويقول المحلل السياسي التركي حسن يلماز في تصريح لـ"العين الإخبارية" إن ملامح معركة شرق الفرات غير واضحة والحشود والتجهيزات العسكرية غير متناسبة مع التصريحات الرسمية التركية، موضحا أن الاحتمالات العسكرية في معركة شرق الفرات مفتوحة بين عملية واسعة أو دخول محدود ضمن الشريط الحدودي لتركيا.
وتشكل التطورات الميدانية الأخيرة على الحدود السورية، تحديا كبيرا للاستراتيجية التركية وأهدافها في سوريا.
وفي كل الأحوال، فإن المعطيات على الأرض وفي الأروقة السياسية تشير إلى أن خيارات أنقرة تزداد صعوبة بمرور الوقت؛ حيث لا يمكن بحث مصير شمال شرقي سوريا عن شمالها الغربي (إدلب) فالتفاهم الروسي-التركي لم يقض على الخطة (مواجهة الأكراد)، بل أدى إلى البحث عن تنفيذها ببطء.
لكن اتصال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والتفاهم على تزامن الخروج الأمريكي مع الدخول التركي لشرق الفرات سينعكسان على مصير إدلب وعلى الحرارة بين موسكو وأنقرة.