خبراء يدقون ناقوس الخطر.. جماعات إخوانية تهدد أمن السودان
خبراء سودانيون حذروا من تحركات جماعات متطرفة متحالفة مع تنظيم الإخوان الإرهابي لإجهاض التوافق الذي يجري بين المجلس العسكري والمعارضة.
حذر خبراء سودانيون من تحرك جماعات دينية متطرفة متحالفة مع تنظيم الإخوان الإرهابي بالسودان لإجهاض التوافق الذي يجري بين المجلس العسكري الانتقالي وقادة الاحتجاجات حول المرحلة الانتقالية.
وطالبوا في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية" بضرورة ملاحقة هذه الجماعات قانونيا لما تشكله من تهديد وخطر على أمن واستقرار السودان.
- بالصور.. الهدوء يعود إلى شوارع العاصمة السودانية بعد إزالة الحواجز
- السودان في أسبوع.. مشاهد دموية وسط تقدم مفاوضات نقل السلطة
ومنذ الإطاحة بالحركة الإسلامية السياسية التابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي من الحكم بالسودان في 11 أبريل/نيسان الماضي، سعت الجماعات الدينية المتطرفة لإجهاض اتفاق السودانيين على تأسيس مرحلة ما بعد البشير.
ويقود هذه الجماعات رجل الدين المتطرف عبدالحي يوسف، مفتي النظام الإخواني السابق، الذي تلاحقه المحكمة الجنائية الدولية بسبب اتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور.
ويساند عبدالحي في هذه التحركات متطرفون آخرون وهم: محمد عبدالكريم، رئيس ما يسمى بالرابطة الشرعية لعلماء السودان، الذي يملك مسجداً في ضاحية الجريف غرب بالخرطوم، والداعشي محمد علي الجزولي، ومدثر أحمد إسماعيل، وآدم الشين، وآخرون.
واستغل هؤلاء مساجدهم التي يخطبون فيها في مهاجمة خطوات الاتفاق الذي تم بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير قائدة الاحتجاجات التي أطاحت بنظام الرئيس المعزول عمر البشير.
ويقولون إن رفضهم الاتفاق يأتي بدعاوى الحفاظ على الشريعة الإسلامية مع أن عبدالحي يوسف، ظل طوال حكم النظام السابق يتخذ من مسجده بضاحية "جبرة" بالخرطوم منبرا لتأييد النظام في كل ما ارتكبه من جرائم ومخالفات للشريعة الإسلامية، كما يقدم له الفتاوى ضمن آخرين في هيئة علماء السودان التي يتمتع بعضويتها.
وحذر نائب رئيس حزب الأمة القومي السوداني، محمد عبدالله الدومة، من خطورة تحركات هذه الجماعات المتطرفة والإرهابية على أمن وسلامة المجتمع السوداني والاستقرار السياسي، داعياً لضرورة مواجهتها ولجمها قانونياً.
وقال الدومة لـ"العين الإخبارية" إن هذه الجماعات تتخذ الشريعة الإسلامية لتحقيق أجندات سياسية لأنها منذ 30 عاماً ظلت شريكة في نظام المعزول الذي انتهك الشريعة الإسلامية ولم تحرك ساكناً، مضيفاً: "هذه مزايدة سياسية رخيصة يريدون تخويف المجلس العسكري حتى يكون لهم نصيب في الوضع السياسي بالبلاد".
ودعا محمد عبدالله الدومة، وهو رجل قانوني، إلى ضرورة التنبه لخطورة ما تقوم به هذه الجماعات المتأسلمة من تحركات قد تحدث انشقاقاً وشرخاً في المجتمع السوداني، وزاد "هؤلاء إرهابيون وفيهم من ينتمي لداعش، وإذا لم يتم إسكاتهم سيكون إخلال بالأمن والسلامة".
ودعا الدومة إلى ملاحقتهم قانونياً لأنهم يشكلون تهديداً سافراً على أمن البلاد وسلامة المجتمع، مضيفاً: "ستتم محاكمتهم بتهم التحريض والفتنة الدينية، فما يقومون به أمر خطير فليس كل السودانيين مسلمين".
ودعت هذه الجماعات الإرهابية إلى حشد جماهيري يوم السبت أمام القصر الرئاسي للمواصلة في تحركاتها للضغط على المجلس العسكري لأجل التنصل عن الاتفاق الذي توصل له مع قادة الاحتجاجات، لأن الاتفاق يمثل تهديداً لاستثماراتهم ومشاريعهم التي بنوها خلال حكم الحركة الإسلامية السياسية السابق، حسبما يقول الصحفي عبدالرحمن جبر، الذي أجرى تحقيقات استقصائية عن مشروعات المتطرف عبدالحي يوسف.
وكشف جبر لـ"العين الإخبارية" أن عبدالحي يوسف، يمتلك باقة قنوات فضائية تحصل عليها بطريقة مخالفة للقوانين تبث على القمر القطري "سهيل سات" مخصصة لبث أفكاره المتشددة.
وأوضح أن القنوات الفضائية ناطقة بأكثر من لغة وموجهة لأكثر من دولة بينها إثيوبيا والصومال ونيجيريا وليبيا، ما يمثل تهديداً للأمن القومي.
ويشترك مع عبدالحي في هذا العمل أجانب من جنسيات سورية يقيمون حاليا بضاحية "كافوري" بالعاصمة السودانية الخرطوم، على حد قوله.
وأضاف جبر: "ما يقوم به عبدالحي يوسف ومجموعته هي محاولات بائسة للدفاع عن مصالحهم واستثماراتهم الشخصية، هي بعيدة كل البعد عن نصرة الإسلام والمسلمين كما يدعون، فالمعتصمون خارج القيادة العامة هم مسلمون ويؤدون صلواتهم بانتظام وليسوا بحاجه لعبدالحي يوسف ومسيراته لمعرفة تعاليم دينهم".
وأكد أن اتفاق قوى الحرية والتغيير مع المجلس العسكري يمثل كارثة على عبدالحي يوسف وجماعته المتطرفة، ما يجعلهم ينهضون للدفاع عن مصالحهم الشخصية باسم الدين كما ظلوا يفعلون طوال فترة المعزول عمر البشير.
وحذر من قيام هذه الجماعات المتطرفة بأعمال تخريبية لم يشهدها السودان في طوال تاريخه لارتباطهم مع جماعات إسلامية متطرفة خارج البلاد، وزاد "لذلك على المجلس العسكري الانتقالي السوداني القبض فوراً على عبدالحي يوسف وجماعته لتجنيب البلاد شرورهم".
وسبق وتقدمت دولة إثيوبيا بشكوى للسودان عن قناة فضائية يمتلكها عبدالحي يوسف ناطقة بلغة قومية "الأمهرا" الإثيوبية وتبث أفكاراً إرهابية متشددة، كما أن المتحدث باسم الجيش الليبي، اللواء أحمد المسماري، كان قد اتهم عبدالحي يوسف، بأنه يدعو لأعمال إرهابية في ليبيا تزعزع الأمن القومي الليبي.
الخبير في الجماعات الإسلامية، محفوظ بشرى، يقول لـ"العين الاخبارية" إن نظام البشير ذا الخلفية الإخوانية، ربى جماعات الهوس الديني خلال 3 عقود، وتحالف معها ضد قوى التنوير، وأغدق عليها الامتيازات والحماية، ما جعلها اليوم وفية لبقايا هذا النظام، وامتداد للخدمات التي ظلت تقدمها له حماية لمصالحها التي باتت مرتبطة به.
وأضاف: "الشخصيات التي تتحرك الآن تباكياً على الشريعة الإسلامية مثل عبدالحي يوسف هي شخصيات متطرفة وأسهمت في تضليل الشباب السوداني وإلقائه في أحضان تنظيمات الهوس الديني مثل داعش والقاعدة، وكلنا نتذكر احتفاء عبدالحي بأسامة بن لادن وصلاته عليه صلاة الغائب، وخطب محمد علي الجزولي المؤيدة لداعش، والفتنة التي ظل يبثها الطيب مصطفى عبر صحيفته وكانت نتيجتها فصل الجنوب".
وأوضح بشرى أن هذه الجماعات ظلت تشكل تهديداً دائماً لأمن السودان والمنطقة برعاية الحركة الإسلامية السياسية وحلفائه من رعاة الإرهاب الإقليميين مثل "قطر وتركيا"، مؤكداً أن تحركاتها الآن باتت أكثر ضراوة لإحساسها بالخطر الذي يتهدد امتيازاتها الاجتماعية والاقتصادية التي حصلت عليها في ظل النظام الإخواني السابق، في حال أنجز السودانيون دولتهم الديمقراطية المنفتحة على العالم.
وأضاف: "هم يسعون الآن لعرقلة التوافق بين المجلس وقوى الحرية والتغيير أو الضغط على المشهد السياسي للحفاظ على أنفسهم وأوضاعهم بهذه المسيرات، ولا يساورني شك بأنهم يتحركون بالتنسيق مع عناصر وفية للنظام السابق داخل المجلس العسكري، وبدعم تام من فلول النظام الذين ظلوا مطلقي السراح يستجمعون قواهم لطعن الثورة".
وأشار بشرى إلى أن المشهد السياسي السوداني تغير منذ 11 أبريل/نيسان الماضي تجاه الانفكاك من الظلام الذي وضعه البشير وحلفاؤه من جماعات دينية متطرفة ظلت تبث سمومها تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية للنظام وبحمايتها، في الوقت الذي تستنفر هذه الأجهزة طاقتها كلها لإيقاف معرض للكتب أو حفل موسيقي.
وتابع: "هذا التغير في المشهد يمثل تهديداً كبيراً لهذه الجماعات، مثلما يمثل تهديداً لأباطرة الفساد المرتبطين بالنظام المعزول، لذا من المنطقي أن يتحالف الطرفان لإفساد ثورة السودانيين، وأن يقفا عثرة أمام الحرية التي ستبين كل هذا الفساد في العلن، فهم من طبيعتهم لا يعيشون إلا في الظلام".
ودعا بشري قادة الاحتجاجات إلى التنبه لخطورة هذا التيار والفوضى التي يمكن أن يجر إليها البلاد، وإلا فإن ما أنجزه السودانيون بدمائهم وتضحياتهم، مهدد بالضياع.