إنْ كنت تجهل التعامل بجهازك اللوحي المطور لدفع فواتير وإنهاء معاملات، وجعل سيارة "تسلا" تقودك دون تدخلك.. فأنت "متراجع تقنياً".
هكذا هي التكنولوجيا، التي جاءت نعمة ميسّرة للحياة، فجانبها المشرق جدير هنا بأن ننطلق منه معاً.
في لندن عام 1852 أدرك الأمير ألبرت، زوج الملكة فيكتوريا، قيمة تنظيم معرض تجاري ضخم يضع بريطانيا في طليعة التكنولوجيا من خلال عرض أحدث اختراعاتها، بدءا من المحركات البخارية، وصولا إلى أحدث الكاميرات، لتتم دعوة دول للمشاركة وسط حضور نحو ستة ملايين زائر في قصر الكريستال.
من هنا كانت ولادة "إكسبو"، الحدث العالمي الذي يتكرر كل خمس سنوات.
من لندن توالت سلسة معارض "إكسبو" الدولية، لتبهر التكنولوجيا الناس وتثبت مدى عظمة العقل الإنساني على إنتاج اختراعات كانت قبل ذلك محض خيال، مثل التلفاز والهواتف والحواسيب.
ورغم ما غلّف هذا التوجه الرأسمالي البحت من تساؤلات حول انتزاع المجتمعات من روحانياتها نحو الفردانية، فإن عجلة الحياة المتطورة كان لا بد لها أن تمضي من أجل إنسانية مرفهة، فاليوم تقف الحاجة البشرية أمام متطلبات أكثر إلحاحاً، رغم التطور الكبير في مختلف مناحي الحياة، مثل قضايا الطاقة والمياه والمناخ والغذاء والاتصال، إلى جانب مخاوف الصحة والمعرفة وغيرها.
هذه الاحتياجات يستند إليها معرض "إكسبو دبي 2020"، والذي يترقبه العالم منطلقا اليوم من أرض الإمارات، والذي لا شك أنه استثنائي في أمور كثيرة، فهو الأول في الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا، ويأتي وسط ظروف غير طبيعية يمر بها العالم -بوجود جائحة كورونا- ليجمع الشعوب تحت ظلال غافة "سلامة"، تلك الشجرة التاريخية التي تتوسط موقع الحدث العالمي، والتي ترتكز على السلام والتسامح، وترتبط بتاريخ أرض الإمارات العظيم.
هذه الشجرة تشبه أبناء الرعيل الأول لوطننا، حيث بنوا ونموا وازدهروا، واليوم وطننا، الذي اعتاد أن يستقبل سنوياً -في دبي فقط- نحو تسعة ملايين زائر للاستمتاع بأعجوباتها، على موعد لاستقبال نحو ستة وعشرين مليون زائر، وسط أتم الاستعداد من بِنى تحتية متطورة تشكل نموذجاً للمدن الذكية، وفرص تنمية واستثمار وتوافر عناصر الإبهار.
وحدَه الشَّغوف المُجازف هو من يستطيع اقتناص الفرص وسط ما سيتوفر من منصات أعمال إبداعية ومحفزات استثمارية وتجارية مع وجود ملايين الزوار ومشاركة 192 دولة في "إكسبو دبي"، وبذلك يكون هذا المعرض مكانا مناسبا لتحفيز روابط الأعمال وإنشاء أسواق وتدفقات إيرادات جديدة.
الإنسان هو الأساس في "إكسبو دبي"، إذ تعاون القائمون على هذا الحدث مع عدد من المؤسسات العالمية، مثل غابمايندر، لتقديم مواد تعليمية ومعلومات مجانية تسمح للناس بتشكيل نظرة قائمة على الحقائق حول المجتمع العالمي، وهو هدف "إكسبو" الطموح، بحيث يُشبع رغبة الناس في زيادة التواصل وتبادل المعرفة والتعاون العابر للحدود، ليخدم مفهوم "المواطنة العالمية".
نحن وأجيالنا القادمة يحق لنا أن نحظى بعالم أفضل ومساحات شاسعة للإبداع والتطور والابتكار..
هذا الحدث بمثابة البلّورة الساحرة، التي تعكس تنبؤات الغد، وكيف سيكون شكله وتحدياته وعناصر النمو والمحفزات به.
"إكسبو دبي" يشكل بؤرة طاقة عظيمة وسط الخليط البشري والثقافي والمعرفي الهائل، الذي يضمه، ومنه يُبعث الخير للبشرية نتيجة تلاقح الأفكار وتبادل المعارف والثقافات وتحريك الأموال والأعمال، والركود، الذي اعترى العالم مؤخراً.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة