سيمر وقت طويل حتى يشاهد العالم حدثا بهذا الإبداع كما شاهدنا في افتتاح معرض "إكسبو 2020" في الإمارات.
قد يتطلب الأمر مرحلة زمنية مديدة ليظهر من يحاول مضاهاة ذلك التنظيم البديع، لكنه ربما لا يستطيع أن يحقق هذا الإبداع الرائع في رسم صورة للعالم كله بثقافاته وابتكاراته على مساحة أقل من نصف مليون متر مربع، هي مساحة المنطقة المقام عليها "إكسبو دبي".
هذه المساحة في أرض الإمارات استطاعت أن تجمع العالم كله، وأن تحول هذا الحدث إلى أممية دولية إعلامية، حيث شاهد كل من في أقاصي الأرض حفل افتتاح "إكسبو دبي" وتفاعل معه، وسوف يظل كذلك حتى نهاية مارس 2022، آخر يوم للمعرض.
الصور المنقولة من "إكسبو دبي" إلى العالم تعكس فكرة التعددية الثقافية، التي يضمها المعرض، حيث التقاليد والعادات والقيم، التي حوّلت إدراك من يتابع هذا المشهد إلى إيمان بأن "إكسبو 2020" ليس حدثا اقتصاديا فحسب، بل تمرير مباشر لفكرة العالم الموحد تحت مسار السلام والوئام والتعايش والتلاقي الفكري.
"إكسبو 2020" مهما بدا اقتصاديا تكنولوجيا، فإنه يلعب دورا بارزا في صياغة كثير من القرارات لدول العالم، وسيترك أثرا على الدول والأفراد، وسيكون بلا شك حدثا بلا حدود في تأثيراته، حتى بعد انتهائه.
هذه هي الصورة البعيدة لفكرة "إكسبو"، التي بذلت من أجلها دولة الإمارات العربية الكثير لتحقيقها، وإذا كان هناك تعريف لـ"إكسبو 2020"، فهذا التعريف يمكن أن يقول إن "إكسبو دبي" أحد أشكال الإبداعات الإماراتية، التي سمحت للتدفقات التجارية والاستثمارية بأن تعيد تعريف واقعها في منطقة مهمة من العالم، وتكتشف بنفسها قوة هذا المكان وقدرته على أن يتحول إلى محور اقتصادي، وإلى مساحة سياسية تحتضن العالم بثقافاته المتعددة وأنشطته المختلفة.
"إكسبو 2020" يحطم فكرة الجغرافيا ويعيد تعريف التنوع الثقافي والحضاري ويطرح فكرة التعايش والتسامح والحوار بمنهجية وتجربة ثرية تقدمها الإمارات للعالم في أبهى وأكمل صورة.
الدول المشاركة في المعرض تجد نفسها في مساحة من العالم الجديد وعصر ما بعد الحدود، حيث أصبحت الدول قادرة، طبقا لما يقدمه "إكسبو دبي"، على إذابة الحدود فيما بينها من خلال صناعة أحداث مهمة تقدم فلسفة جديدة تنصهر بها الثقافات نحو مجمعات جديدة.
لقد شاهد العالم التدفقات الهائلة من اللقطات في حفل افتتاح "إكسبو دبي" في مشهد لإعادة تعريف التفوق، وأدرك ملايين المتابعين حول العالم في تلك اللحظة كيف تساوى الجميع في الحصول على الميزات التي جعلتهم يشتركون في معاصرة حدث بعيد عن جغرافيتهم.
"إكسبو دبي" استثمار إماراتي في هذه اللحظة الفارقة من تاريخ البشرية لإعادة تعريف العالم تقنيا وإبداعيا وتعاونا في حل مشكلات كوكبنا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة