الطرد والتشريد.. خيبة الإخوان على أسوار مأمورية أردوغان الجديدة
خيبة أمل كبرى صدمت تنظيم الإخوان، بعد إعادة انتخاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فلم يدركوا ما تمنوه خلال الحملة الرئاسية.
ففي الوقت الذي كان عناصر الإخوان المقيمون بتركيا يمنون أنفسهم بمزيد من المكاسب عقب فوز الرئيس أردوغان بولايته الثانية، كانت أولى الصدمات منع القيادي الإخواني "وجدي غنيم" من الجنسية التركية، على غرار عشرات آخرين من أمثاله، ما أعاد إليهم هاجس تسليمهم إلى مصر أو طردهم من تركيا.
حالة القلق انتشرت بين الإخوان المطلوبين وتحديدا بين الشباب الذين لا تربطهم صلات مباشرة مع السلطات التركية، فهم لا يستبعدون تسليمهم للقاهرة في أيّ وقت، في ظل التقارب التركي المصري، والخطوات المنتظرة في اتجاه تطبيع العلاقات الكامل بين البلدين.
خطوة رفض منح الجنسية للإخواني غنيم خيبت آمال قادة الإخوان الذي بعثوا مبكرا رسائل تهنئة، في نفس يوم فوز أردوغان.
فقد أرسلت جبهة محمود حسين تهنئة باللغتين العربية والتركية، وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بإظهار الفرحة، والتهليل بالنصر، من قبل أكثر من قيادي إخواني.
الإخوان أزمة تركيا المستعصية
في غضون ذلك، يرى مراقبون أن هذا التطور يشير إلى تصفية ملف الإخوان في تركيا بالتدريج، فالمنطقة تشهد إعادة تشكيل على أساس المصالح وليس منها الانتماءات الأيديولوجية، وهو ما قد يقصي الإخوان من المشهد.
وضمن هذا السياق، قد يتخلى "حزب العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا عن استثماره في الإسلام السياسي، الذي وقف في السابق حائلا دون إعادة العلاقات بين تركيا وبعض الدول العربية وعلى وجه الخصوص مصر.
ومن هنا يرى منير أديب، الكاتب والباحث في الإسلام السياسي، أن خيبة أمل الإخوان وصدمتهم جاءتا نتيجة رفع سقف توقعاتهم بعد فوز أردوغان، بينما يتضح أنه رعايته لهذه الجماعة ستتراجع، ولكن ليس إلى حد القطيعة.
أديب يؤكد، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن مشروع أردوغان قائم على ركائز الدولة القومية التركية العلمانية، التي تسعى لاستعادة تركيا لموقعها في قيادة دول الشرق، بينما الجماعات الإسلاموية ومنها "جماعة الإخوان" ترى فيه "نصيرا وظهيرا يسمح لهم باستعادة الخلافة الإسلامية، التي تجمع دول الشرق تحت راية تركيا الإخوانية".
ويشير الباحث السياسي المصري إلى أن هذا الأمر وراء دعم الإخوان لأردوغان بكل قوتهم، خوفا من تغيير المشروع ورفع الحماية عنهم، ولكن ما يثير قلق الجماعة -بحسب أديب- استمرار تركيا في سياسة التقارب مع الدول العربية وتسليم المطلوبين، أو التضييق عليهم في تركيا.
رعاية محدودة
ويستكمل الكاتب المصري قائلا إن وجود الإخوان في تركيا سيظل في إطار الشكل الرسمي، فهو يستضيف جبهة "صلاح عبدالحق" ويسمح لها بإقامة مؤتمراتها في إسطنبول، ويستضيف في ذات الوقت جبهة محمود حسين ويسمح لأعضائها أيضا بالأنشطة واللقاءات، إضافة إلى جبهة المكتب العام، وغيرها من الروابط الاجتماعية والمهنية التابعة للإخوان في تركيا، ولكنه لن يمنح الجميع الجنسية، ولن يسمح بما كان سائدا من قبل، حين كانت تركيا منصة دعائية ضد الدول العربية.
المجتمع التركي يرفض الإخوان
من جانبه، يرى عمرو عبدالمنعم، الكاتب والباحث في الإسلام السياسي، أن سياسة تركيا في رعاية الإخوان ستتغير بشكل جذري في المرحلة القادمة، ولن تبقى ملاذا آمنا لهم كما كان من قبل، والسبب في ذلك يعود للإخوان أنفسهم.
ويوضح عبدالمنعم، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن "الجماعة أخفقت في تقديم أي عون حتى الآن لتركيا وحزب العدالة والتنمية، وأصبح وجودها عبئا كبيرا يتحمله الأتراك سواء مؤيدي أردوغان أو معارضيه".
ويعتبر الباحث المصري أن "تورط العديد من الشخصيات الإخوانية في الاتصال بالمعارضة ليس فقط حزب السعادة، بل اتصالهم بـ"حزب العمال الكردستاني PKK" المحظور في تركيا، أدى لمنع حصول أسماء كثيرة على الجنسية التركية، كان آخرهم الإخواني وجدي غنيم، الذي يفرط في تكفير العديد من الحكام العرب".
ويضيف عبدالمنعم أن أكثر فئة متضررة في ملف الإخوان هم شباب الإخوان، الذين لم يحظوا بالرفاهية في تركيا، بينما تنتظرهم أحكام قضائية في وطنهم، وكان يداعبهم الأمل بعد فوز أردوغان بولايته الثالثة أن يمنحهم مزيدا من الامتيازات".
أما كبار الإخوان -يستكمل عبدالمنعم- فهم إما حصلوا على الجنسية التركية، وإما لديهم من الأساس جنسية أوروبية، وبالفعل انتقلوا إليها قبل شهور، ولا ننسى أن الهجرة من تركيا بدأت قبل أشهر ولم يبقَ إلا نوعان من عناصر التنظيم، قوي جدا ومتواصل مع السلطات التركية وهذا لن يغادر، أو شاب مغرر به خدعه القادة وتركوه في مأزق".
الإخوان في تركيا على المحك
ويخالف طارق البشبيشي، الكاتب والباحث في الإسلام السياسي والقيادي السابق بجماعة الإخوان، الرأي القائل أن تركيا لن تتخلى عن الإخوان، ويرى أن الولاية الثالثة لأردوغان ستشهد فك الارتباط مع الإخوان.
البشيشي يؤكد، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن "دعم تركيا للإخوان كان مشروطا بتطبيق مشروع زعامة تركيا للشرق، هذه الزعامة كانت تعتمد على الإخوان، لكنها جلبت الشر على تركيا، وأدرك العقلاء أن مستقبل مصالح تركيا مع تصفير المشاكل".
ويستشرف الكاتب المصري مستقبل الإخوان في تركيا، بتوقعه أن تقلل من إيوائها لهم، والاكتفاء بالسماح للشخصيات العامة الإخوانية بالبقاء في البلاد، أما الباقون فسيتعرضون لعمليات تضييق بالتدريج، ومن ذلك عدم التساهل في منح الجنسية، وربما لاحقا منع عقد المؤتمرات، وطرد شخصيات مثيرة من أمثال وجدي غنيم وحمزة زوبع، ومن على شاكلتهم من المحكوم عليهم بأحكام قضائية باتة ونهائية، أو المدرجين على قوائم الإرهاب.
aXA6IDMuMTQ0LjkzLjE0IA== جزيرة ام اند امز