الصدام والتطرف يفضحان إخوان موريتانيا ويعمقان عزلتهم

الإخوان تميل نحو التحريض وبرز هذا في لقاء جمع المعارضة بالبرلمان من خلال دفع حزب "تواصل" نهج "الصدام"، كأسلوب للتعاطي مع الشأن العام

جنوح إخوان موريتانيا نحو التطرف دائما وضع حدا لانسجامها مع الخط السياسي للمعارضة، وفضح توجهات التنظيم الذي يتخذ من التحريض وسيلة لتحقيق ما فشل فيه عبر صناديق الاقتراع. 

• أسبوع هزيمة "لصوص النضال" بجامعات موريتانيا ودعم سياسي للغزواني 
• أسبوع موريتانيا.. حراك ضد الإرهاب وتقارب الإخوان مع إيران يعمق عزلتهم

ميول الإخوان نحو التحريض برز أخيرا في لقاء جمع أطراف المعارضة بالبرلمان، من خلال دفع حزب "تواصل" منهج "الصدام"، كأسلوب للتعاطي مع الشأن العام، ورفض بقية أطراف المعارض لهذا الأسلوب، واختيار منهج "الحوار وتقديم الاقتراحات".

العزلة السياسية للإخوان وتغريدهم خارج السرب، برهن عليها – خلال الاجتماع نفسه- محاولة الاستحواذ على مناصب "زعامة المعارضة" كافة التي تعد مؤسسة دستورية موريتانية مشكلة من الأحزاب المعارضة الممثلة في البرلمان، وهو ما قوبل بالرفض. 

وبحسب موقع صحيفة "مراسلون" الإلكترونية، التي نقلت فحوى الاجتماع الذي عقد مؤخرا، فإن ممثلي الإخوان في اللقاء طالبوا بانتهاج ما وصفوه بـ"التصعيد" ضد الحكومة في ملفات مثل "تسجيل الطلاب"، ومزاعم ما يعدونه "تراخي الحكومة في محاربة الفساد". 

ورفضت بقية الأحزاب المعارضة مثل "التكتل" و"تقدم" و"الصواب" - بحسب الصحيفة - هذا المسعى، ورأت أن التعاطي يجب أن يكون من خلال "اقتراح الحلول والمتابعة"، على ضوء اللقاءات الثنائية للغزواني بقادة الطيف السياسي.  

ورأى مراقبون أن إقحام موضوع "أزمة تسجيل طلاب الجامعة" في الاجتماع يثبت بالدليل سلوك الإخوان لاستغلال القضايا الطلابية والعمالية الذي جسدته محاولة اختراق الأزمة التي كانت الحكومة قد بدأت حلها. 

تلبس بالجرم

وكان النائب البرلماني الموريتاني عن الأغلبية الداعمة للرئيس الغزواني محمد بويا الشيخ محمد فاضل حذر قبل يومين من الاستغلال السياسي لقضايا الطلاب الجامعيين من طرف "جهاز حزبي متكامل"، في إشارة إلى حزب "تواصل" الإخواني. 

وقدم فاضل، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، دلائل على استغلال الإخوان لقضية التسجيل بالجامعات وتوجيهها نحو أغراضهم، لعل أبرزها تكليف جناح نقابتهم الطلابية السياسية بمتابعتها ومحاولة لي ذراع الحكومة من خلالها.

أما الكاتب والإعلامي الموريتاني أحمد مولاي الشنقيطي فاعتبر أن "الانتهازية" و"التنكر" للحلفاء هي سلوكيات معروفة للإخوان تجعلهم دائما في مواقف "مريبة" وتؤدي لتفجر الخلاف داخل المعارضة.

وأشار الشنقيطي في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إلى أن هذه القضية التي تثب "عدوانية الإخوان" ليست هي الأولى في تعاطي الإخوان مع رفاقهم في الساحة السياسية، مستعرضا مواقف مشابهة للطعن من الخلف نفذها الإخوان ضد من يفترض أنهم حلفاؤهم.

بدوره يرى الناشط الإخواني السابق والمدون محمدو عبدالحي أن التنظيم يميل دائما إلى "النزعة الإقصائية وغياب روح السماحة"، مضيفا على "فيسبوك" أنهم لا يقبلون الآخر مهما كان دوره إيجابيا، و"من ليس منهم تجب تصفيته بكل السبل الممكنة".

وأضاف الناشط السابق في التنظيم أن الجماعة تلجأ دائما إلى "الانتفاعية والرغبة في الاستفادة على حساب من ليس منهم"، بالإضافة إلى سد كل المسالك أمام الاطلاع على حيثيات عمله.

عزلة خانقة

وكان إسقاط الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لجماعة الإخوان الإرهابية وحزبها "تواصل" من حساباته السياسية ظهر جلياً خلال لقاءاته مع عدد من رموز وقادة أحزاب المعارضة التي تجاوز فيها "الإخوان" تماما.

اتصالات الرئيس الغزواني بقادة الأحزاب والشخصيات السياسية استمرت بالأسلوب نفسه الذي بدأت به قبل شهرين، في استثناء متواصل لقادة الإخوان، وكان آخرها الأسبوع الأخير من أكتوبر الجاري، حيث التقى رئيس التحالف المعارض يمثله المرشح حاميدو بابا.

واعتبر مراقبون أن هذه اللقاءات تمثل تكملة لمسار الانفتاح على المعارضة الذي أعقب ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

ورغم أن مشاورات يوليو/تموز الماضي استهدفت بالأساس نزع فتيل احتجاجات بعض المعارضين، فإن إعادة الرئيس الغزواني للكرة من جديد في ظرف سياسي مختلف يتسم بالهدوء يعني اهتمامه الجدي بإطلاق حوار سياسي ومشاورات تستهدف تعزيز تجربة البلاد الديمقراطية والسلم الاجتماعي والأهلي.

ووسط زخم انفتاح النظام على المعارضة التي تشهده الساحة السياسية الموريتانية حاليا، ظلت جماعة الإخوان الإرهابية وحزبها "تواصل" الكلمة الشاذة الوحيدة في السياق السياسي للبلاد، فحتى الآن يبدون خارج اهتمامات وأولويات الحوار بين الأغلبية والمعارضة، تكريسا لعزلتهم المتزايدة.

تراجع دور الحزب بفعل الصراعات والانشقاقات التي يشهدها منذ أشهر عدة، وغيابه عن دائرة الاهتمام الحالي للرئيس بفتح حوار سياسي مع المعارضة، يلقي بظلال قاتمة حول المستقبل السياسي للجماعة على المستوى الوطني في موريتانيا، حسب مراقبين.