الدعوات كانت من أولها مشبوهة وسعت متدرجة إلى إحياء سيناريوهات الثورات المصطنعة، فقد عرفت الأسابيع السابقة لليوم الموعود تحضيرات تجندت خلالها بعض من وسائط التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام والتلفزيونات المحترفة في مثل هذه «المعامع».
تجاوزت مصر يوم الحادي عشر من نوفمبر بسلام ومنيت الدعوات التحريضية، التي شنها دعاة الإخوان لإعلان «ثورة الغلابة»، بفشل ذريع، ولم يخرج إلا عدد قليل من الأشخاص، بينما انتصرت الأغلبية العظمى من الشعب المصري للاستقرار والحفاظ على الدولة ومؤسساتها، واستعاضت عن اللغو بالعمل أملاً في غد أفضل يحقق بعضاً من الطموحات المشروعة لأي مواطن مصري.
الدعوات كانت من أولها مشبوهة وسعت متدرجة إلى إحياء سيناريوهات الثورات المصطنعة، فقد عرفت الأسابيع السابقة لليوم الموعود تحضيرات تجندت خلالها بعض من وسائط التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام والتلفزيونات المحترفة في مثل هذه «المعامع»، وأوحت الاستعدادات أن سيناريو كبيراً قد أعد سلفاً متضمناً، ربما، أفلاماً خيالية تصور «الانتفاضة العارمة» وقائمة مسبقة بالضحايا والقصص المؤثرة مثلما فعلت ذلك بلا حياء في الأحداث التي شهدتها تونس ومصر وليبيا قبل خمس سنوات من الآن. واللافت أن «ثورة الغلابة» المزعومة قد اختير لها يوم «11» لما في هذا الرقم من دلالات خبيثة، لا سيما بعد أن تقرر لها أن تكون غداة إعلان نتائج الانتخابات الأمريكية التي سوقت بحرارة فوزا سهلا للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون التي كان يفترض أن تأتي لدعم «الغلابة» وتسهم في صياغة «ثورات جديدة» تعيد الإخوان وطيفاً واسعاً من «الإسلام السياسي» إلى دائرة الضوء. وعلى هذا الأساس كان الإعداد يجري لإثارة البلبلة في مصر، ومن لطف الله لم يحصل شيء من ذلك، ليس لأن كلينتون انهزمت، وإنما لأن الشعب المصري بأغلب مكوناته امتلك الحصانة لإحباط أي مؤامرة تستهدف أمنه ورزقه، وأصبح يعي بالتجربة أن الحفاظ على الدولة وصون السلم الاجتماعي والتصدي لمظاهر الفوضي هي من عوامل تجاوز الوضع الصعب، وهي السبيل الوحيد للتقدم بوطن يحفظ الكرامة للجميع.
بعد فشل هذه المحطة التحريضية وسقوطها، أصبحت مصر في سياق آخر، وبات الإخوان ومن يتبعهم ويدفعهم إلى تقويض السلم الأهلي في سياق أبعد عن الواقع. ومن الدلالات المستوحاة من هذا الفشل أن «الجماعة» لم تعد لها قاعدة قد تتخذها منصة للانقضاض على المجتمع، كما أن من يدعمها ويحركها من الخارج قد تلقى صفعة مدوية ستظهر تبعاتها لاحقاً في الفترة المقبلة، حين تبدأ كينونات التطرف تتهاوى وتتفكك حتى يأتي الدور على كل من رعرع تلك التنظيمات وأمدها بكل وسائل البطش والأذى. ومهما كانت ذرائع تبرير فشل الإخوان في التحرك يوم الجمعة الماضية في مصر، فإن ما حصل يؤكد أن مرحلة جديدة قد بدأت لن يكون فيها للاتجار بالخطاب الديني نصيب. ويفترض أن تمنح هذه النتيجة الدولة المصرية الثقة بأنها في طريق سليم، وبأنها أحبطت هذه المؤامرة بفعل الوعي الشعبي أكثر من حضور الأجهزة الأمنية، فكسبت بذلك دعامة لا تضاهى لحماية الأمن القومي على المستويين الوطني والإقليمي، بما يمكنها من التطلع بجدارة إلى المستقبل وتتدارك ما فاتها في الفترة الماضية حين تآمر عليها الكثيرون من أجل أن تظل مركونة على الهامش ويعربد في الساحة الأقزام.
*نقلا عن جريدة الخليج
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة