أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت لـ"العين الإخبارية": الجرح يكبر ولا يلتئم
عام مرّ على فقدان ما يزيد على 200 عائلة فلذات أكبادها بانفجار هزّ مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/آب 2020.
في لحظات تحولت مساحات واسعة من العاصمة اللبنانية إلى دمار، جثث وجرحى في كل مكان، واليوم بعد مرور سنة على الفاجعة كيف يتذكر أهالي الضحايا أبناءهم؟
إبراهيم قعدان والد الضحية أحمد أكد لـ"العين الإخبارية" أنه يعيش وكأن الحادث المشؤوم حصل اليوم "وكأني دفنت ولدي الآن".
وأضاف: "في هذا الانفجار الملعون خسرت وحيدي على 3 فتيات، لا يغيب عن مخيلتي لحظة كيف حملت قلبي بين يدي ودمه يسيل على ملابسي، كيف بدأت الركض من مستشفى إلى آخر عليّ أن أنقذه ويعود إلى أحضاني سالماً معافى، لكن كانت الفاجعة حين أطلعني الأطباء أنه فارق الحياة في غرفة العمليات".
يتذكر إبراهيم كيف كان ابنه (30 سنة) الذي كان يعمل سائق سيارة أجرة في شارع الجميزة القريب من المرفأ، كان يجلب قالب حلوى لأحد الزبائن، وإذ بالانفجار يدوي.
وتابع: "اتصلت به فأجابني زبون كان معه في المركبة أخبرني عن إصابة ابني الذي نقل إلى مستشفى الوردية، وانتقلت إلى هناك فتفاجأت أن المستشفى مدمر، حملته بمساعدة شبان إلى سيارة إسعاف ونقلته إلى مستشفى الروم وهناك لفظ آخر أنفاسه، وذلك بسبب سقوط سقف قرميد على سيارته أدى إلى كسر جمجمته".
إبراهيم أكد أنه مع رحيل وحيده دفن سعادته، وقال "كان بالنسبة لي الحياة، كنت أعتبره العكاز الذي سأتكئ عليه حين يداهمني العمر، لكن للأسف من ربيته بدموع العين خسرته في لحظة".
وشدد: "الجرح كبير ولن يلتئم أبداً فلا شيء سيعيد الفرحة إلى قلبي".
وتابع: "نحن نطالب بالعدالة لكن هناك محاولة واضحة لإخفاء الحقيقة، المسؤولون يرفضون رفع الحصانات، ولو لم تكن أيديهم ملطخة بالدماء لما خشوا شيئاً".
كذلك شرحت نبيلة علاء الدين شقيقة الضحية محمد أنهم دفنوا الفرح في الرابع من أغسطس/آب 2020، بعدما فقدوا شقيقهم قبل أن يعثروا عليه جثة في براد أحد المستشفيات.
وأكدت: "منذ ذلك الحين لا يمر يوم من دون أن يتوجه والديّ إلى قبره، حزنا على صغير البيت الذي كنا ننتظر زفه إلى عروسه وإذ بنا نزفه إلى مثواه الأخير".
وعن ذلك اليوم، قالت "كان محمد في دوام عمله في شارع الأرز بالقرب من المرفأ، فهو حارس أمن في أحد المباني، عندما دوى الانفجار اتصلنا به من دون أن يجيب، سارعنا من منزلنا في كترمايا إلى بيروت، أخبرنا شخص أنه مصاب وتم نقله إلى مستشفى الوردية".
وتابعت: "توجهنا إلى هناك وسط الشوارع المغلقة بالركام، لم نعثر عليه فقد كان المستشفى مدمراً هو الآخر، لنبدأ رحلة البحث من مستشفى إلى آخر، وعندما فقدنا الأمل بالعثور عليه نشرنا صورته على فيسبوك للتعرف عليه كمفقود، بعدها عثرنا على صورة نشرها شاب قام بنقله على دراجته النارية إلى المستشفى، لتنتهي رحلة البحث بعدما وجدناه في برادها".
بعد رحيل محمد، بقيت الغصة في القلب كما قالت نبيلة: "كل شيء ناقص، والسعادة أصبحت من الماضي".
منذ رحيل محمد عباس (40 سنة) على سرير مستشفى الروم حيث كان يتلقى العلاج ضد فيروس كورونا وعائلته تعيش في حزن عميق بحسب ما قالته شقيقته سماح لـ"العين الإخبارية"، شارحة: "يتّم طفلته البالغة من العمر الآن 4 سنوات، وطفله البالغ من العمر سنتين ويتعرف على والده من صورة"، مضيفة "خاطئ من يعتبر أن ألم الفراق يخف مع الأيام بل على العكس الجرح يكبر ولا يلتئم".
من غامبيا قدم محمد بحثاً عن الشفاء، لم يتوقع أن الموت ينتظره في وطنه وسيخطفه بانفجار مدمر.
وتابعت سماح: "بعدما طمأننا الأطباء أن وضعه الصحي تحسن، وأنه سيخرج إلى غرفة عادية بدلاً من العناية الفائقة فارق الحياة، والدتي منذ ذلك اليوم تتمنى اللحاق به ووالدي الذي يعاني من شلل نصفي لم يغادر المنزل من حينها بعدما كان يقصد يومياً محل الورد الذي نملكه".
وختمت سماح "كلمة انكسر ظهر والديّ بعد رحيل ابنهما البكر قليلة، فأي بلد هذا الذي لا أمن ولا أمان فيه".