"كورونا" يخيم على قداديس عيد القيامة.. حضور محدود وإجراءات مشددة
يحتفل الملايين من أتباع الكنيسة الأرثوذكسية بعيد القيامة، أعظم الأعياد المسيحية، وسط إجراءات احترازية مشددة فرضها تفشي فيروس كورونا.
وللعام الثاني، تلقي جائحة "كوفيد-19" بظلالها على الاحتفالات المسيحية، إذ حجمت من الطقوس الدينية وغيّرت ثوابت تناقلتها الكنائس عبر مئات السنين خوفاً من تفشى العدوى الفيروسية.
يُعرف عيد القيامة بأسماء عديدة أخرى أشهرها عيد الفصح والبصخة وأحد القيامة، هو أكبر الأعياد التي يحييها المسيحيون خلال العام الميلادي.
ووفقاً للمعتقد المسيحي فإن عيد القيامة مناسبة دينية "يُستذكر فيه قيامة المسيح من بين الأموات بعد 3 أيام من صلبه وموته كما هو مسطور في العهد الجديد، وفيه ينتهي الصوم الكبير الذي يستمر عادة 40 يوماً؛ كما ينتهي أسبوع الآلام، ويبدأ زمن القيامة المستمر في السنة الطقسية 40 يوماً حتى عيد العنصرة".
تاريخ عيد القيامة متنقل، وبحسب الكنيسة الشرقية يقع بين 4 أبريل/نيسان و8 مايو/أيار بين سنة 1900 إلى 2100 وفقاً للتقويم الغريغوري.
ويعتبر عيد القيامة والأعياد المرتبطة به متغيرة التواريخ، وناقش المسيحيون الأوائل فرضيات الاحتفال بالفصح، وأقرّوا في مجمع نيقية المنعقد عام 325 تاريخ العيد بوصفه الأحد الأول بعد اكتمال قمر الربيع الأول أي 21 مارس/آذار؛ لذا فإن تاريخ الفصح غالباً يكون بين 22 مارس/آذار و25 أبريل/نيسان.
لكن عدم تصحيح حساب السنوات في القرن السادس عشر جعل موعد الفصح خلال القرن الحادي والعشرين بين 4 أبريل/نيسان و8 مايو/أيار لمتّبعي التقويم الشرقي.
ووفقاً لنص كلمة قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بمناسبة عيد القيامة 2021، فإن "اختلاف مواعيد عيد القيامة بين الشرق والغرب يرجع إلى اختلاف التقويم المستخدم ودائماً يوجد فرق يتراوح من أسبوع إلى 4 أسابيع كما هو الحال هذا العام، وسيتوافق ميعادا العيد شرقاً وغرباً العام القادم، فالاختلاف في التقويم وليس في العقيدة".
طقوس واحتفالات عيد القيامة
يبدأ التحضير لعيد القيامة ببدء الصوم الكبير وهو عبارة عن 55 يوماً مقسماً إلى 8 أسابيع، كل أسبوع يطلق علية اسم ويبدأ بأحد الرفاع، مروراً بأحد السامرية ثم المخلع والتناصير وأحد الشعانين، ثم يأتي سبت لعازر الذي يعلن عن قرب زمن الصوم الكبير على الانتهاء رغم أن الصوم يستمر لأسبوع آخر.
بعد سبت لعازر يأتي أحد الشعانين، الذي يعرف أيضاً بـ"أسبوع الآلام"، وهو أسبوع مقدس يكون تمهيداً ليوم القيامة.
ووفقاً للمعتقد المسيحي، فإن أسبوع الآلام تتجلى فيه آلام المسيح لذا تكون هنالك صلوات طيلة الأسبوع، وقبل عيد القيامة بـ3 أيام هنالك من لا يأكل شيئاً تضامناً مع آلام المسيح ويستمرون حتى سبت النور، اليوم الذي يسبق عيد القيامة.
وسبت النور يعتقد المسيحيون أنه معجزة خروج "النار المقدسة" من قبر المسيح الواقع بكنيسة القيامة في القدس المحتلة.
تختلف عادات عيد القيامة في مختلف أنحاء العالم المسيحي، غير أن تزيين المنازل وعادة البيض ووضع قبر فارغ في الكنائس وأرنب الفصح هي من أبرز العادات الاجتماعية المرتبطة بالمناسة.
وعلى الجانب الديني، يتمثل الاحتفال بإقامة قداس منتصف ليل أو قداس الفجر، يسبقه بعض الصلوات الجماعية التي تشهد قراءة أجزاء من العهد القديم من الكتاب المقدس وإنشاد الترانيم.
في بعض الكنائس، تبدأ أهم احتفالية دينية من السنة في الظلام وحول لهب النار الفصحية المقدسة، حيث يتم إشعال شمعة كبيرة تدل على قيامة المسيح.
احتفالات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
بالنسبة للكنيسة الشرقية، فإن عيد القيامة يٌعتبر من أهم الاحتفالات الدينية عند الأرثوذكس والشرقيين ويرون أنه تحقيق رسالة المسيح على الأرض، لهذا يتم ترنيم هذه الكلمات: "المسيح قام من بين الأموات ووطئ الموت بالموت ووهب الحياة للذين في القبور".
الاحتفال بالعيد يكون الساعة 11 مساءً من ليلة سبت النور وحتى الساعات الأولى من صباح الأحد، ويبدأ بصلاة تسبحة العيد عصر السبت ثم باكر عيد القيامة مع حلول الظلام، وأخيراً قداس العيد مع انتصاف الليل وتختم مع الساعات الأولى من يوم أحد القيامة.
من أهم مظاهر عيد القيامة، الذي يكون غالباً عطلة رسمية في أغلب دول العالم، تبادل زيارات عائلية وتناول غداء الفصح معاً، مع تلوين البيض وتزيين البيوت والأماكن المختلفة بألوان زاهية
وقال البابا تواضروس: "احتفالنا بعيد القيامة المجيد يستمر لمدة 50 يوماً نسميها (الخمسون المقدسة)، وهي بمثابة يوم أحد طويل يمتد لسبعة أسابيع، أي 49 يوماً واليوم رقم 50 هو عيد العنصرة".
وتابع: "فترة الخمسين هي الفترة الوحيدة في السنة التي نبدأها بعيد وننهيها بعيد، نبدأها بعيد القيامة وننهيها بعيد العنصرة (حلول الروح القدس)".
بالنسبة للكنيسة القبطية الأرثوذكسية هذا العام، فإن عيد القيامة يرتبط بعيد شم النسيم الذي يحل في اليوم التالي للعيد، تحديداً 3 مايو/أيار 2021، وهو عيد قومي لدى المصريين عرفته مصر القديمة، وبعد دخول المسيحية مصر تمّ ترحيله إلى ما بعد عيد القيامة ليتمكن المسيحيون من الاحتفال به بأكل السمك والفسيخ بعد انتهاء فترة الصوم الكبير.
وأحيت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية مظاهر الاحتفال بعيد القيامة المجيد وسط إجراءات احترازية مشددة وأعداد قليلة لمنع انتشار "كوفيد-19"، بعد تحذيرات أطلقها قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، من تفشي الموجة الثالثة لجائحة كورونا، مشدداً على المصلين المشاركين فى صلوات الجمعة العظيمة بضرورة الالتزام بكافة الإجراءات الصحية.
وشهد الاحتفال تلاوة القداس وإضاءة الشموع تخليداً لذكرى قيامة يسوع المسيح مع الترانيم المختلفة، وسط عرض التلاوات على شاشات عرض داخل الكنيسة.
وقال البابا تواضروس، في كلمته احتفالا بالعيد: "نشكر الله أنه أعطانا هذه النعمة أن نحتفل بعيد القيامة في هذه الكاتدرائية المباركة، نحن نحتفل بعيد القيامة الذي هو عيد الأعياد وفرح الأفراح، وهو أساس إيماننا وأساس حياتنا وبدون القيامة لم توجد الكنيسة المسيحية ولم توجد المسيحية أصلًا".
واعتبر أن "الحضور لعيد القيامة هو الذي يعطي لحياتنا المسيحية ولكنيستنا ولكل العالم المسيحي طعم الإيمان المسيحي والحياة المسيحية".
aXA6IDMuMTM1LjIxOS4xNTMg
جزيرة ام اند امز