عبرت دولة الإمارات خلال الأيام القليلة الماضية رحلة الخمسين الأولى وبدأت الخمسين الجديدة وسط مظاهر احتفال غير مسبوقة.
وجسدت الاحتفالات بعضا مما يُكنّه أبناء الإمارات، والمقيمون على أرضها، من مشاعر حب وانتماء وولاء للدولة وقيادتها الرشيدة تفوق الوصف، وتدل على مدى الفخر بما حققته الإمارات من ريادة وتقدم خلال العقود الخمسة الماضية.
وربما أكثر ما عكس تاريخية هذه اللحظة وأثلج الصدور، الرسالتان اللتان وجّههما كل من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وصاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لشعب الإمارات بهذه المناسبة التاريخية، إذ تضمنت الرسالتان الكثير من النقاط والأمور بالغة الأهمية، التي يتعين الوقوف عندها قليلاً.
الأمر الأول، الذي أكدته القيادة الرشيدة في الرسالتين، هو أن مسيرة الدولة نحو الريادة والتميز خلال العقود الخمسة الماضية لم تكن سهلة، بل واجهت الكثير من التحديات الصعبة، لكن بالعزيمة والإصرار اللذين أظهرهما القادة المؤسسون الأوائل، ومن خلفهم أبناء الشعب الإماراتي العظيم، استطاعت دولة الإمارات أن تصنع المستحيل، وتتجاوزه مع جميع التحديات والعقبات التي واجهتها، وأن تؤسس لدولة واتحاد نموذجي قوي البنيان وراسخ الجذور، نما وتطور في الوقت الذي تكسرت فيه كثير من مشروعات الوحدة الأخرى على أرض الواقع، كما أشار إلى ذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في رسالته.
وهكذا كانت صفتا العزيمة والوحدة هما الأداتين الرئيسيتين اللتين مكَّنتا الإمارات من تجاوز التحديات الصعبة في خمسينية التأسيس، كما أشار إلى ذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وهما الأداتان اللتان تساعدان الإمارات لتحقيق ريادتها في الخمسين عاما المقبلة أيضاً.
الأمر الثاني أن الإنسان الإماراتي كان منذ البداية هو موضع الرهان الرئيسي للقيادة الرشيدة.. فقد راهنت عليه واستثمرت فيه بكل مواردها وإمكانياتها، وكسبت الرهان بكل جدارة، حيث كان ابن الإمارات هو أداة التنمية وهدفها، وهو الذي التف حول قيادته في مسيرة البناء والتطوير ليخلق هذه الوصفة السحرية من تجربة النجاح الإماراتية.
هنا يكفي أن أشير إلى كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في رسالته، حيث قال: "إذا كان من مقوِّم رئيس للمعادلة الكيميائية السحرية الإماراتية، فهي الإنسان الإماراتي، أصْل دولتنا الأغلى، وثروتها الأبقى، حياة المواطن امتداد لحياة الوطن، استقراره وأمنه وأمانه أساس استقرار الوطن وأمنه وأمانه، وعزته ومَنَعته جزء من عزة الوطن ومَنَعته".
الأمر الثالث هو التركيز على المستقبل، فقيادتنا الرشيدة لم تركن إلى ما تحقق من إنجازات عظيمة في العقود الخمسة الماضية، بل كان تركيزها الأكبر في رسائل الخمسين على المستقبل، من خلال جعل هذه اللحظة التاريخية نقطة انطلاق نحو طموح جديد، وبداية خمسين عاما جديدة شعارها "الإمارات أفضل دولة في العالم".
ومثلما كان الآباء المؤسسون على وعي بالتحديات التي تواجههم، فإن قيادتنا الرشيدة الحالية على وعي أيضاً بأن التحديات في المستقبل ربما تكون أكبر، ما يتطلب مزيدا من الجهد والعمل والاستثمار في التعليم والتكنولوجيا الحديثة وبناء الإنسان الإماراتي القادر على الابتكار وخلق المعرفة والتعامل مع عصر الذكاء الاصطناعي.
وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان واضحا في هذا الصدد عندما قال في رسالته: "تحديات الخمسين عاماً المقبلة أكبر، والمنافسة أشد، ما يتطلب منا جميعاً، شعباً وحكومة، جهداً مضاعفاً، واستعداداً واعياً للتعامل مع مستقبل سريع التغير والتحول".
لا يخالجنا أي شك بأن قيادتنا وشعبنا العظيم سيكسبان معركة المستقبل وسيحققان الطموح، الذي ننشده لوطننا في الخمسين عاما المقبلة، لأن من يقرأ بتمعُّن رسائل هذه القيادة في احتفال الخمسين سيدرك جيدا عمق الرؤية الحكيمة، التي توجّه مسيرتها نحو المستقبل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة