فيلم "The Upside".. سيناريو يهدر طاقته الدرامية ويقيّد ممثليه
أحداث فيلم "The Upside" تدور حول رجلين مختلفي الطباع والثقافة والسلوك إلى حد التناقض أحياناً، تجمعهما الظروف ليغير كل منهما حياة الآخر.
يقدم "براين كرانستون" و"كيفن هارت" في فيلمهما الجديد "The Upside" نسخة أمريكية من الفيلم الفرنسي"Intouchables" الذي أدى دور البطولة فيه كل من "فرانسوا كلوزيه" و"عمر سي" عن قصة حقيقية، ولكن فيلمهما يبدو بلا بريق كافٍ، ليس لكونه نسخة طبق الأصل من الفيلم الفرنسي الذي عرض في عام 2011 وحصد أرقاماً كبيرة في شباك التذاكر، وإنما لأنه افتقد القدرة على استثمار ما في حكايته من طاقة درامية عالية، ولا سيما في الجانب الميلودرامي في حياة بطليه "فيليب" (براين كرانستون) و"ديل" (كيفن هارت).
تدور أحداث فيلم "The Upside" حول رجلين مختلفي الطباع والثقافة والسلوك إلى حد التناقض أحياناً، تجمعهما الظروف ليغير كل منهما حياة الآخر، فالملياردير "فيليب" أصيب بحالة من الشلل الرباعي إثر حادث أقعده وأفقده القدرة على تحريك جسده، ويبحث عن مساعد له ليرعاه ويؤدي جميع واجباته الشخصية، أما "ديل" فهو من أصحاب السوابق الجرمية، وتطلب من الشرطة توقيعات أصحاب العمل كدليل على محاولته البحث عن العمل، فيجد في إعلان "فيليب" فرصة للحصول على التوقيع المطلوب، ولكنه سرعان ما ينال الوظيفة، ليبدأ الاثنان مرحلة جديدة من حكاية الفيلم، لا أعتقد أن أيا منا سيبذل جهداً في تخيل تفاصيلها، فالتناقض بين الشخصيتين، لا بد أن يوفر أرضية للكوميديا، والعلاقة المباشرة بين الاثنين لا بد أن تترك آثار كل منهما في سلوك الثاني بعد أن تتعمق العلاقة بينهما وتتحول إلى صداقة، ويحاول كل منهما شد الآخر إلى عالمه، وتغيير منظوره للحياة.
ذلك المسار المتوقع لحبكة الحكاية، هو بالضبط الجزء الأكبر من الفيلم، وفيه تنشغل الحكاية بالعوالم المتناقضة لكل من "فيليب" و"ديل"؛ فالأول يدفع "ديل" لدخول عوالمه الخاصة مثل حضور حفلات الأوبرا وزيارة معارض الفن الحديث، فيما يعرّفه ديل بالمقابل على موسيقى "آر آند بي" ويأخذه إلى مطاعم الوجبات السريعة ويشجعه على تناول الأيس كريم والطعام بعيداً عن الإتيكيت المعهود.. وعلى هذا النحو نجد أن فيليب يدفع شريكه نحو عوالم روحانية مشبعة بالجمال، فيما يدفعه ديل بدوره إلى فضاء حياتي أكثر حرية وانعتاقاً من النظام الحياتي الصارم الذي يعيش فيه.
ورغم أننا في كل مرة نجد ضمن تفاصيل العلاقة بين فيليب وديل ما يميزها، عما قدم من قبل في معالجات سينمائية لعلاقة بين اثنين من عوالم متناقضة يحاول كل منهما جذب الآخر إلى عوالمه الخاصة، وكان آخرها في فيلم "الكتاب الأخضر"، إلا أن هذا التمايز لم يستثمر كما يجب.
بالعموم أهدرت الفيلم الطاقة الدرامية العالية. فلم يتم، على سبيل المثال، التركيز على معنى أن يفقد المرء جزءاً من جسده رغم أنه لم يزل مكانه، وكيف يعيش هذا المرء من دون جسده، ويعرف قيمة الأشياء حوله من دون أن يستطيع لمسها والتفاعل معها، ولعل السؤال الأهم الذي كان على الفيلم أن ينشغل به ويكون محور رسالته؛ هو: ماذا يريد هذا المرء من العالم حوله..؟
المثير أن الفيلم يلتقط أول خيط من هذا السؤال المهم، حين يقول "فيليب" إنه يحب "ديل" لأنه الشخص الوحيد الذي لا ينظر إليه بحزن، ولكن مسار الحكاية سرعان ما يُفلت ذلك الخيط.
تلك الأسئلة برمزيتها العالية، لم تكن الجانب المهدور في الفيلم فقط، فثمة عوالم ميلودرامية في الفيلم، وأفكار إنسانية عميقة، نادراً ما استطاع الفيلم التعبير عنها.
في الفيلم ستفترض طبيعة شخصية "فيليب" افتقاد الفنان "براين كرانستون" تقييد طاقته التمثيلية العالية وسيزيد من تضييع هذه الطاقة قصور السيناريو على استثمار أفكاره كما يجب، حتى الجانب الكوميدي في أداء "كيفن هارت" لم يستثمر كما يجب، أما حالة الاستلاب الحقيقية في الفيلم فكانت للفنانة "نيكول كيدمان" الذي بدا حضورها في الفيلم بقوة دفع إمكانياتها الشخصية كممثلة فقط، لا بسبب ما وفره السيناريو لها، وللأسف كان من شأن المقترح التمثيلي لشخصية مديرة الأعمال التنفيذية "إيفون" للملياردير فيليب أن يأخذنا نحو مسارات درامية غنية للشخصية وللعالم حولها، ولكن سيناريو الفيلم أجهض ذلك المقترح التمثيلي، ولم يستطع مخرج الفيلم "نيل بيرغر" أن يظهره كما يجب.
بكل الأحوال، يَعِد فيلم "The Upside"جمهوره بكثير من المواقف الطريفة، وهو يتجاوز سريعاً المواقف الحزينة فيها لتبقى أجواء المرح الجزء الأساسي فيه.
يعرض الفيلم حالياً في الصالات السينمائية الإماراتية هو مخصص للفئة العمرية "PG-13".