نيران تلتهم مكتبة أشهر مشرّد في لبنان.. قلب "المغربي" يحترق
ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان بخبر اشتعال النيران في مكتبة محمد المغربي، ما أثار استياء كبيرا.
علامات استفهام طرحها الناشطون عن الأسباب التي تدفع شخصا إلى الإقدام على جريمة إحراق مكتب رجل في العقد الثامن من عمره يتخذ من جسر في بيروت مأوى له، اشتهر بثقافته وحبه للكتب.
وكان وزير الثقافة اللبناني، محمد المرتضى، قد أجرى زيارة ميدانية إلى مكان إقامة المغربي قبل مدة قصيرة، وقدّم إليه مجموعة من الكتب.
بعد الحريق، اختفى "المغربي" من الموقع، ما أثار العديد من علامات الاستفهام، بين من قال إنه توجّه إلى المخفر لتقديم دعوى ضد من أشعل الحريق، وبين من أشار إلى أنه في المستشفى لتلقي العلاج جراء الحروق التي أصابته.
وظهر "المغربي" في مقطع فيديو أثناء الحريق جالساً على كرسي يراقب ضياع كتب كانت بالنسبة إليه كل شيء.
وتعمل وزارة الثقافة اللبنانية بالتنسيق مع محافظ جبل لبنان محمّد مكّاوي والأمن العام اللبناني والمراجع القضائيّة المختصّة للوقوف على ملابسات حادثة الحريق، على أن تستكمل بعد ذلك العمل على معالجة أوضاع صاحب المكتبة، بحسب بيان للوزارة.
وقبل وقوع الحادث، كان "المرتضى" قد زار "المغربي"، وأعلن البدء في وضع الآليات الممكنة لمساعدته اجتماعياً وحياتياً بعد التأكّد من أوراقه الثبوتيّة وبعض المعطيات الأخرى.
الممثل والكاتب المسرحي زياد عيتاني نشر صورة لكتاب بعد حريق المكتبة عبر صفحته على "تويتر" معلقاً: "ما تبقى من مكتبة محمد المغربي تحت جسر الفيات".
كذلك نشر الإعلامي سلمان العنداري فيديو الحريق وعلّق على الحادث بالقول: "يعيش تحت جسر الفيات في بيروت في تشرّد وقهر ومعه مئات ومئات الكتب يجمعها ويقرأها ويبنيها كمنزل لعله يشعر بالدفء.. قام مجهولون بإحراق الكتب برمتها وإحراق بقعته الوحيدة حيث يعيش في العراء.. من أين لهم كل هذه الأذية وكل هذا الكره؟.. ألا يكفي هذا الرجل مأساة وقهر وتشرد؟".
أما الصحفي اللبناني عمر حرقوص فكتب: "بائع الكتب محمد المغربي يقف محروق القلب بعد اشتعال النيران بالكتب التي يحاول بيعها في بيروت.. المدينة الجميلة تكتب سيناريو نهايتها بأشكال مختلفة".
وفي حوار سابق أجرته "العين الإخبارية" مع "المغربي" لمعرفة الأسباب التي أوصلته إلى هذه الحال، بدأ بالتعريف عن نفسه قائلاً: "أنا مهندس خريج جامعة القاهرة، أبلغ من العمر 78 عاماً، منذ سنة و7 أشهر أعيش في هذا المكان، ومع ذلك أحمد الله على نعمته، أمارس حياتي كما بقية الناس، آكل وأشرب".
وأضاف: "كان لدي غاز لكن للأسف سرق، ولأن الحاجة أم الاختراع أدبر أمري بموقد على الحطب، وفي المحطة المجاورة أستحم"، وتابع: "بت مقصداً للعديد من الشبان الذين يزورونني لتبادل الحديث معي والاستفادة من خبرتي".
وعن مكان معيشته قبل ذلك قال: "في منزل يعود لصديقي في منطقة ميرنا الشالوحي، إلى أن انتهى به الحال بهدمه، ليعاكسني الزمن وأصبح بلا مأوى".
وحول ما إذا كانت لديه عائلة أوضح "المغربي": "توفيت زوجتي منذ زمن تاركة لي ثلاثة أولاد، شابان يعيشان الآن في الغربة وبالتحديد في أفريقيا وشابة متزوجة، لا أدخلهم في همومي ومشاكلي، فقد ربيتهم بدموع العين وأتمنى لهم حياة سعيدة".
وعن كتبه شرح: "أنا أعشق الكتب، فالعلم نور، أفتح عيني في الصباح أمسك الكتاب وأبدأ القراءة، فمن خلاله أنسى الواقع وأسافر إلى المكان الذي يأخذني إليه، أستمتع بكل كلمة، ويمر الوقت من دون أن أشعر".
وعن الكتب المفضلة لديه، قال: "جميعها فلكل منها أسلوبه ونكهته الخاصة، لكن أحب كثيرا عميد الأدب العربي طه حسين، فهو من أعلام الحركة الأدبية العربية في العصر الحديث".
وفيما إن كان يبيع الكتب أجاب: "لا يهمني المال، فمن يطلب كتاباً ولا يحمل نقوداً أقدمه إليه بكل سرور، ما يهمني ألا تندثر القراءة، وألا ينقطع حبل الثقافة".
وعما إذا كان سيستمر في العيش تحت الجسر من دون جدران أجاب: "لا بد أن يأتي اليوم الذي تتغير فيه حياتي".
بائع الكتب محمد المغربي يقف "محروق القلب" بعد اشتعال النيران بالكتب التي يحاول بيعها في بيروت..
— O m a r H a r k o u s (@oharkous) January 21, 2022
المدينة "الجميلة" تكتب سيناريو نهايتها بأشكال مختلفة pic.twitter.com/LH63pyT5ck