العلم.. صراع فلسطيني إسرائيلي عند أسوار القدس
تحول العلم إلى عنوان صراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين على السيادة في مدينة القدس الشرقية في ذكرى مرور 55 عاما على احتلالها.
وسعت إسرائيل إلى إثبات سيادتها في المدينة برفع آلاف الأعلام الإسرائيلية فيما اشتبك الفلسطينيون وقوات الشرطة الإسرائيلية في أحياء المدينة مع كل رفع لعلم فلسطيني.
وفي حين نشطت الشرطة الإسرائيلية لمنع بروز أي علم فلسطيني من وسط مسيرة الأعلام التي شارك فيها آلاف اليمينيين الإسرائيليين في ساحة باب العامود بالقدس الشرقية فقد نجح فلسطينيون برفع العلم الفلسطيني في طائرة صغيرة بدون طيار في سماء المكان.
واشتبك عشرات الفلسطينيين الذين رفعوا الأعلام الفلسطينية في شارع صلاح الدين مع الشرطة الإسرائيلية التي انتشرت في الوقت ذاته بكثافة في محيط باب العامود حيث تجمع آلاف الإسرائيليين وهم يلوحون ويرقصون بالأعلام الإسرائيلية.
وصادف اليوم الأحد، الذكرى السنوية لاحتلال إسرائيل للقدس الشرقية، وفق التقويم العبري، وهو اليوم ذاته الذي تنظم فيه مسيرة الأعلام الإسرائيلية التي تمر من باب العامود إلى البلدة القديمة.
وأعلنت الشرطة الإسرائيلية نشر أكثر من 3000 شرطي في القدس الشرقية خلال ساعات نهار اليوم لحماية مسيرة الأعلام.
ولكن الفلسطينيين، الذي عارضوا المسيرة من أساسها، اشتكوا من أنها تضمنت شعارات مثل "الموت للعرب" وتخللها اعتداء من قبل أنصار منظمة "لا فاميليا" اليمينية الإسرائيلية على ممتلكات الفلسطينيين بالبلدة القديمة.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان: "أوعز رئيس الوزراء، نفتالي بينيت، إلى أجهزة الأمن، وبشكل خاص إلى شرطة إسرائيل، بعدم التسامح إطلاقا مع أحداث عنف أو استفزازات من قبل جهات متطرفة في القدس، ومنها منظمة لا فاميليا".
وأضاف: "أن الغالبية العظمى من المشاركين قد جاؤوا للاحتفال ولكن وللأسف هناك قلة قليلة من الناس الذين جاؤوا بهدف تأجيج الأوضاع الميدانية".
وأظهرت مقاطع فيديو أنصار هذه المجموعة وهم يهتفون بشعارات مسيئة للإسلام في البلدة القديمة بالقدس الشرقية ما أثار انتقادات واسعة حتى في إسرائيل.
وفي هذا الصدد قالت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان تلقته "العين الإخبارية": "تدين وزارة الخارجية والمغتربين بأشد العبارات مسيرة الأعلام التهويدية وما رافقها من اعتداءات وعمليات قمع وتنكيل وحشية بحق المواطنين المقدسيين وعشرات الفلسطينيين الذين رفعوا الأعلام الفلسطينية في كل مكان في القدس بمن فيهم النساء والأطفال والفتية واعتقال العشرات منهم على سمع وبصر العالم".
وأضافت: "كما تدين الوزارة بشدة أعمال العربدة والاعتداء على المواطنين وممتلكاتهم في القدس وبلداتها وأحيائها وبلدتها القديمة، بما في ذلك حي الشيخ جراح وباب العامود، والتي نفذها آلاف المستوطنين المتطرفين بحراسة شرطة الاحتلال".
وتابعت: "كما تدين الوزارة بشدة إقدام عناصر المنظمات الاستيطانية الإرهابية المتطرفة بشتم النبي محمد عليه السلام، ورفع شعارات عنصرية أبرزها "الموت للعرب والفلسطينيين" وقاموا برفع أعلام حركة كاخ الإرهابية المتطرفة ومنظمة لاهافا الإجرامية".
وكان الهلال الأحمر الفلسطيني قال في بيان تلقته "العين الإخبارية" إن طواقمه تعاملت مع 79 إصابة في محيط وداخل البلدة القديمة في القدس.
وأضاف: "تم نقل 28 إصابة للمستشفى لتلقي العلاج وباقي الإصابات تم علاجها ميدانيا، حيث كانت الإصابات بالرصاص المطاط والضرب وغاز الفلفل وسقوط مصاب واحد بالرصاص الحي".
وكانت الشرطة الإسرائيلية أطلقت قنابل الصوت والرصاص المعدني على عشرات الفلسطينيين الذين نظموا مسيرة أعلام فلسطينية في شارع صلاح الدين.
كما أطلقت الشرطة الإسرائيلية قنابل الغاز المسيل للدموع في حي الشيخ جراح، بعد أن تصدى المواطنون لهجوم نفذه مستوطنون بغاز الفلفل.
اعتقال 50 فلسطينيا
أما الشرطة الإسرائيلية فقد أعلنت عن اعتقال 50 فلسطينيا خلال الأحداث بمدينة القدس الشرقية اليوم.
وقالت في بيان تلقته "العين الإخبارية": "منذ بداية استعدادات الشرطة في الصباح وحتى المساء، تم إلقاء القبض على أكثر من 50 مشتبهاً بهم".
وأضافت الشرطة الإسرائيلية: "عالجت الطواقم الطبية في لواء القدس وطواقم نجمة داود الحمراء 5 أفراد شرطة أصيبوا بجروح طفيفة في الحوادث المختلفة، وكانوا بحاجة إلى تلقي العلاج الطبي".
أكبر اقتحام للأقصى منذ 1967
وكانت الأحداث بدأت في وقت مبكر اليوم مع اقتحام 1044 متطرفا المسجد في الساعات الصباحية و643 في ساعات ما بعد صلاة الظهر.
ولكن وسائل إعلام إسرائيلية قالت إن 2626 يمينيا إسرائيليا اقتحموا المسجد، اليوم الأحد، وهو عدد غير مسبوق منذ احتلال المدينة عام 1967.
وكان من بين المقتحمين عضو الكنيست اليميني ايتمار بن غفير.
وقال وزير شؤون القدس الفلسطيني فادي الهدمي في بيان تلقته "العين الإخبارية": "ما جرى في المسجد الأقصى اليوم غير مسبوق في بشاعته منذ الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 من حيث كثافة أعداد المقتحمين وأيضا الانتهاكات بأداء طقوس تلمودية ورفع أعلام إسرائيلية كبيرة".
غير أنه أضاف: "لقد دحض المقدسيون مرة أخرى فرية "القدس الموحدة"، وأكدوا أنها مدينة محتلة والشاهد على ذلك نشر آلاف عناصر شرطة الاحتلال لحماية مسيرة عنصرية".
وشهدت العديد من الأحياء في مدينة القدس الشرقية ومحيطها اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية وفلسطينيين كانوا يرفعون الأعلام الفلسطينية.
إدانات عربية
وتوالت الإدانات العربية لاقتحام المستوطنين المسجد الأقصى.
وأعربت وزارة الخارجية المصرية، اليوم الأحد، عن إدانتها لسماح السلطات الإسرائيلية باقتحام جماعات من المتطرفين باحات المسجد الأقصى المبارك، وذلك تحت حماية الشرطة الإسرائيلية، مُحذرةً من مغبة هذه التطورات التي تُنبئ بمزيد من الاحتقان والتصعيد على استقرار الأوضاع في الأراضي الفلسطينية.
وأكد السفير أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أن المسجد الأقصى هو وقف إسلامي خالص للمسلمين، وعلى ضرورة وقف أية انتهاكات تستهدف الهوية العربية الإسلامية والمسيحية لمدينة القدس وكافة مقدساتها وكذلك تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم، مُطالبًا السلطات الإسرائيلية بتحمل مسؤوليتها وفق قواعد القانون الدولي والتدخل الفوري لوقف تلك الممارسات الاستفزازية التي تؤجج مشاعر المسلمين.
الموقف نفسه أعلنته منظمة التعاون الإسلامي التي أدانت بدورها اقتحام آلاف المستوطنين المسجد الأقصى وتنظيمهم ما يسمى "مسيرة الأعلام" العنصرية والاستفزازية في القدس.
ومن جانبه، شدد أمين عام مجلس التعاون الخليجي نايف فلاح مبارك الحجرف على إدانة المجلس السماح لمتطرفين وأحد أعضاء الكنيست الإسرائيلي باقتحام المسجد الأقصى.