في أي مكان من العالم ومنذ القدم يُعرف العَلَم أو الراية على أنه رمز للوطن وترابه بل أصبح هناك ارتباط رمزي وثيق بينهما بحيث أخذ العَلَمْ مكانته من أنه غالٍ لأنه يمثل وطنا ولا يمكن الاستعاضة عنه بل يتم افتداؤه بأسمى ما يملكه المواطن وهي روحه.
الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني هو يوم العَلَم في دولة الإمارات وتم إقراره في عام 2012، ويوافق التاريخ أيضاً مناسبة تقلد المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان مقاليد الرئاسة في دولة الإمارات في 2004. أما الهدف من الاحتفال بيوم العَلَم فهو بلا شك من أجل تعزيز الشعور بالانتماء للوطن وترسيخ لصورة دولة الإمارات لدى الأجيال بالإضافة إلى تقديم نموذج على مظاهر التلاحم بين أبناء الإمارات.
قد يبدو موضوع الاحتفال بيوم العَلَم في دولة الإمارات أمراً لافتاً بعض الشيء؛ لأن الناس لم تعتد هكذا نوع من الاحتفالات ولكن سيكون الأمر طبيعياً وعادياً عندما ندرك أن الإمارات هي الدولة العربية التي أخذت على نفسها منذ تأسيس اتحادها في الثاني من ديسمبر/كانون الأول من عام 1971، إعادة صياغة العديد من المفاهيم المهمة في خانة انتماء الإنسان العربي لوطنه خلال بناء وعي سياسي يجذر العلاقة بين الإنسان العربي ووطنه من خلال الافتخار بكل رموز الوطن ومنها العَلَم.
فالإمارات على سبيل المثال هي الدولة العربية الأولى صاحبة رؤية أن الاستثمار الحقيقي يكمن في الإنسان وعملت على هذا الفهم حتى أصبحت رائدة في المجال التنموي عربياً، وهي كذلك من ابتدعت أن الاستقرار والأمن أساس التنمية وبدون ذلك لا يمكن الحديث عن كرامة الإنسان وعن سعادته لهذا هي قبلة العالم وأيقونة عربية في كل المجالات الإنسانية، وصار كل عربي يتباهى بإنجازات الإمارات باعتبار أن تلك الإنجازات تمثله هو.
الإماراتيون يتفاخرون بالأيام الوطنية الخالدة لديهم. فكما هو معروف أن الثاني من ديسمبر/كانون الأول هو عيد اتحادنا الذي قام في عام 1971 الذي حرك قاطرة النمو والتنمية الشاملة، وحفز أبناءه على الخوض في كل المجالات العلمية بعضها كانت نوعا من الخيال في فكر الإنسان العربي إلا أن الإماراتيين برؤية قادتهم استطاعوا إلغاء كلمة مستحيل في القاموس الإماراتي كما استطاعوا أن يلهموا باقي الشعوب العربية على أن يبنوا قصص نجاحهم الوطنية.
فالاتحاد هو لب الفلسفة التنموية والتحولات الكبرى في الإمارات، وبهذا الاتحاد أصبح لدى الإمارات ذخيرة كبيرة لمفهوم الحديث عن المستقبل والعمل ضمن الدول المتقدمة ورأينا أن هناك حالة متبادلة بشأن قصص التنمية بين الإمارات والعالم بما فيها الدول الكبرى.
أذكر في هذه النقطة أنني كنت ضمن وفد بحثي إماراتي إلى الصين وكان المطلوب مني أن أتداخل في العلاقة الإماراتية-الصينية؛ فما كان مني إلا أن وضحت بأن الإمارات كدولة صغيرة جغرافياً تحتاج إلى الصين كقوة صاعدة في النظام العالمي ولكن في المقابل الصين الدولة الكبرى بحاجة لدولة الإمارات وربما حاجتها أكبر في وقتنا الحاضر من ناحية أن الإمارات دولة فاعل في النظام العالمي وتمتلك العديد من القدرات الاقتصادية واللوجستية التي تحتاجها الصين في تنفيذ مبادرتها العالمية "الحزام والطريق".
إن الوعي بمفهوم الدولة وما تمثله رموزها واحترامها هي البداية الحقيقية أو البداية الجذرية لانتماء الفرد للوطن؛ وهذا الفهم عادة ما يتم من خلال السرديات الوطنية والثقافية والاجتماعية والسياسية. فيوم العَلَم واحدة من تلك السرديات وهي البداية التكوينية للمواطنة الإماراتية لأنها مرتبطة بإعلان دولة الاتحاد في الثاني من ديسمبر/كانون الأول 1971 حيث ارتفع هذا العَلَم ليعلن دولتنا للعالم.
يوم العَلَم علامة جديدة في مسيرة ترسيخ مفاهيم وطنية للإنسان العربي؛ وبالتالي ضرورة استراتيجية كعلامة وطنية لبناء المواطنة والانتماء، لأن مثل هذه المناسبات تبرز قوة تمسك الإنسان الإماراتي برموز الاتحاد وتصنع المعنى لوطني الذي يجتمع فيه كل أبناء الإمارات في وقت واحد لرفع العَلَم ليشهد العالم أن دولة متفردة في كل شيء.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة