كل ما في هذا العالم يدور مع ساعة الزمن؛ تتبدّل فيه أحوال ومتطلبات البشر والأمم، وتتغير الخطط والأهداف، وتُسجَّل الأحداث وتُخلَّد المواقف في ذاكرة الشعوب.
وفي الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، تتوقف عقارب الزمن لحظة إجلال في يوم العَلَم الإماراتي؛ اليوم الذي يرمز إلى وحدة البيت الإماراتي وسموّ قيمه، كما يحمل رزنامة مليئة بالإنجازات والعلاقات في مختلف الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية، يوم نرفع فيه عَلَمنا عاليًا ليبقى شاهدًا على مسيرة وطنٍ لا يعرف التوقف عن التطور والعطاء والتواصل بين الأمم.
بروح الانتماء ومع عهد التجدد، إنني، كغيري من أبناء الإمارات، أستشعر في هذا اليوم فخر الانتماء واعتزاز الهوية؛ فالعَلَم الذي يرفرف فوق تراب الوطن ليس مجرد قطعة قماشٍ بألوانٍ أربعة، بل هو تاريخٌ وإنجازٌ وعهدٌ متجدّد بين القيادة والشعب على المضي قُدُمًا نحو مستقبلٍ أكثر إشراقًا واستدامة.
ومع دوران عقارب الزمن، وصلنا إلى الريادة في جودة الحياة والتنمية المستدامة، حيث تواصل دولة الإمارات كتابة فصولٍ جديدة من القوة والتنمية والتوازن، بسياساتها الحكيمة في الداخل والخارج. فهي تنافس الزمن في سباق التحوّل نحو المستقبل؛ ففي عام 2025 الذي أعلنه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ليكون «عام المجتمع» تحت شعار «يدًا بيد»، تجلّت رؤية الدولة في جعل التنمية الاجتماعية محورًا للتقدم والاستقرار.
فقد حققت الإمارات مستويات عالمية في جودة الحياة بمختلف أبعادها المادية والاجتماعية والنفسية، وفق معايير دولية معتمدة تشمل: الدخل والثروة، والعمل والأجور، والسكن، والصحة، والتعليم والمهارات، والبيئة، والأمان الشخصي، والتوازن بين العمل والحياة، والمشاركة المدنية والحوكمة، والعلاقات الاجتماعية، والرضا عن الحياة.
سفينتنا الإمارات تبحر بثقةٍ، وتُدار دفتها برؤيةٍ بعيدة المدى، إذ تعد الإمارات نموذجًا رائداً في التنمية المستدامة؛ والتي من خلالها تحفظ الإمارات مواردها الطبيعية وتحوّلها إلى اقتصادٍ متجددٍ وموردٍ دائمٍ للأجيال المعاصرة مع الاهتمام والتخطيط للأجيال القادمة.
وفي هذا الإطار تبرز مشاريع الطاقة النووية السلمية، والطاقة الشمسية، والصناديق السيادية، والبنية التحتية، والتشريعات العادلة والممكنة لكافة فئات وشؤون المجتمع إلى جانب تحقيق المجتمع المعرفي، ناهيك عن بناء القواعد الأساسية لاستخدام الذكاء الاصطناعي، فكل ذلك، يجعل من الدولة محورًا عالميًا لتمكين المجتمع والابتكار والتعاون والاتصال والتبادل المتعدد بين مختلف الدول والأمم.
فمع كون الإمارات نموذجًا للتنمية المستدامة، تمتلك قوة ناعمة واستشرافية ومواقف إنسانية نبيلة، إذ تتميز وتنفرد الإمارات بقدرتها العالية على إدراك المتغيرات الدولية عبر علاقاتها المتوازنة ومراكزها البحثية المتخصصة، التي تتابع المؤشرات الاقتصادية والصناعية والعلمية والاجتماعية والأمنية، مما يمكّنها من وضع سياسات داخلية وخارجية ناجحة ومنيعة أمام تحولات العالم.
وحين تشير ساعة العالم إلى وجود بعض الأزمات، تبقى الإمارات في الطليعة تمدّ يد العون دون تردد في حالات المحن والأزمات والكوارث في بقاعٍ مختلفة من العالم، فمازالت دولتنا الإمارات تقدم العون وتغيث الملهوفين في مواقف إنسانية نبيلة، حيث جعلت من علمها رمزًا للسلام والعطاء بلا حدود. فهي بذلك تتمتع بقوة ناعمة وصادقة مؤثرة بين الأمم تستمدها من سياساتها الحكيمة وإنسانيتها وثقافتها الأصيلة.
وعلى الصعيد الداخلي، تُقدّم الإمارات نموذجا متفرّدا في الديمقراطية المباشرة من خلال مبادرات وسياسات عامة تستجيب بسرعةٍ ومرونةٍ لمطالب المواطنين والمقيمين، وتقيس أثرها ورضا الناس عنها. وقد انعكست هذه المرونة في القدرة على تجديد الكفاءات القيادية وتطوير المؤسسات الحكومية والتشريعات والإجراءات بما يعزّز من كفاءة الأداء وتماسك المجتمع، في ظل القيادة الحكيمة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وحكام الإمارات.
قطعاً تتبدل احتياجاتنا وتتغير تطلعاتنا وتحدياتنا، لكن تبقى الإمارات ثابتة في مرونتها واتصالها الدائم بشعبها وسكانها مع تحقيق العدالة والحياة الكريمة لكافة فئات المجتمع. إلى جانب كل ذلك، سخّرت الدولة التكنولوجيا والمعرفة الرقمية لتكون جسورًا تربط العالم، وتعزّز من حضورها الدولي كدولةٍ ذكيةٍ متقدمةٍ توظف العلم والابتكار والحلول والتعاون لخدمة الإنسان.
حقًا، جواز السفر الإماراتي الذي يمثل رمزاً للفخر والانتماء والمكانة الدولية، أضحى يفتح له بكل اعتزاز وترحيب أبواب الدول والأمم كافة، معبراً عن المكانة الرفيعة للإمارات على الساحة الدولية، كما يُجسد طموح شعبها وتطلعاتهِ إلى التقدم والتميز والتواصل.
وفي يوم العَلَم، نبض الزمن وراية العزّ، نستحضر بقلوبٍ مفعمةٍ بالولاء أسماء خالدة، من القائد والزعيم والمؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، إلى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيّب الله ثراه، ومن رفاقهما المؤسسين إلى شهداء الوطن الأبرار الذين ارتقوا لتبقى راية الإمارات خفّاقةً بالعزّ والشموخ.
إن قوة الإمارات لا تُقاس بعدد السنين، بل بما تسجله من إنجازات وتطور ومناعة ومواقف خالدة، ومن خلال ما تجسده من قيم الاتحاد، وروح العروبة، والعطاء، والكرامة. ومع كل ثالث من نوفمبر/تشرين الثاني، تتجدّد فينا العزيمة، ويعلو صوت الولاء، ونردد جميعًا من القلب: دام العَلَم… دام الوطن… ودامت الإمارات عالية بين الأمم..
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة