الفيضانات "تفترس" الاقتصاد الباكستاني.. ابتلاع 10 مليارات دولار
وسط تجاهل العالم المتقدم للتغيرات المناخية والاستمرار في استثماراته الأحفوية، تفيض التداعيات على العالم النامي لتبتلع اقتصاداته.
فما يحدث اليوم في باكستان، هو غضب للمناخ والطبيعة من السلوك الملوث للدول المتقدمة، إلى أن بلغ حد الفيضانات الكارثية؛ حيث تسببت في خسائر بمليارات الدولارات.
أضرار اقتصادية بـ10 مليارات دولار
من جانبه، أفاد وزير التخطيط والتنمية الباكستاني إحسان إقبال، بأن الأضرار الناجمة عن الفيضانات في باكستان أكبر بكثير من 10 مليارات دولار، بعد أن فقد ملايين المواطنين منازلهم وسبل عيشهم بينما جرفت المياه الطرق والجسور الرئيسية في البلاد.
بينما لا يزال المسؤولون في البلاد يحسبون تكلفة الخسائر الناجمة عن الفيضانات الغزيرة التي أودت بحياة أكثر من 1300 شخص، يُظهر أحدث تقييم أن الأضرار ستكون أسوأ من التوقعات الأولية. في هذا الإطار، أشار إقبال إلى أن تحديد القيمة النهائية سيستغرق من ستة إلى ثمانية أسابيع، مضيفاً أن هذه الكارثة المناخية ناجمة عن تصرفات العالم المتقدم، كما أوردت وكالة "بلومبرج".
وقال إقبال الذي يقود جهود الإغاثة من الفيضانات في باكستان، إن "جميع الدول التي أسهمت في ظاهرة الاحتباس الحراري تتحمّل مسؤولية مساعدتنا الآن وأن تكون شريكة في إعادة تأهيل وبناء البلاد". وأضاف: "هذه المأساة ليست من صنعنا. بل بسبب الاحتباس الحراري".
أزمة خانقة في باكستان
وتواجه الدولة الواقعة في جنوب آسيا، التي كانت تعاني بالفعل من تضاؤل احتياطيات العملة وتشهد مستويات تضخم مرتفعة منذ عقود، خسائر ناجمة عن كارثة طبيعية رهيبة؛ حيث أغرقت المياه أكثر من ثلث البلاد وأُجبر نحو نصف مليون شخص على دخول مخيمات الإغاثة. ومع اكتساح المحاصيل والماشية، حذّرت الحكومة من أزمة غذائية تلوح في الأفق.
وقد تسببت الفيضانات الراهنة في القضاء على نحو 45% من إنتاج القطن، وهو أحد أهم المحاصيل النقدية في باكستان وعادةً ما يُشار إليها بالـ"الذهب الأبيض". ما يعني أنه سيتعيّن على البلاد إنفاق 3 مليارات دولار لاستيراد المواد الخام الضرورية لصناعة النسيج، التي تُعدّ أكبر مصدر للنقد الأجنبي في البلاد، مستشهداً بالتقديرات الأولية.
كما سيضيف ارتفاع تكاليف الغذاء وتضخم فواتير الاستيراد ضغطاً على الاقتصاد الباكستاني. وتجدر الإشارة إلى أن البلاد حصلت مؤخرًا على قرض بقيمة 1.16 مليار دولار من صندوق النقد الدولي لتتجنب التخلف الوشيك عن سداد ديونها.
وقد دخلت باكستان فى دوامة الاحتضار الاقتصادى التى يمكن أن تدفعها من فوق الجرف مثلما حدث مع سريلانكا.
بعض المشاكل الاقتصادية فى باكستان داخلية بل إنها من صنع الذات، حيث فشلت الحكومات المتعاقبة فى تعزيز الصادرات التى من شأنها أن تفيد الطبقة العاملة لتحقيق التوازن مع الواردات عالية الجودة للنخبة العسكرية والسياسية.
أما عن الأسباب الخارجية؛ فقد تسببت الأزمة الروسية الأوكرانية فى إضعاف الإمدادات الغذائية العالمية، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار، كما أدى إلى اختناق إمدادات الطاقة، مثل الغاز الطبيعى والنفط. وذلك إلى جانب الزيادات الأخيرة فى أسعار الفائدة، التى أضافها مجلس الاحتياطى الفيدرالى الأمريكي، والتى تسببت فى مزيد من الضغط على باكستان.
كما سجلت الروبية الباكستانية أدنى مستوى لها على الإطلاق مقابل الدولار مطلع أغسطس الماضي بعد أن رفع بنك الاحتياطى الفيدرالى سعر الفائدة الرئيسى بمقدار 75 نقطة أخرى، وهى خطوة تهدف لترويض التضخم المحلي. لكن بالنسبة لباكستان والاقتصادات النامية الأخرى، فإن المعدلات المرتفعة تخفض قيمة العملة وترفع تكلفة خدمة الدين وتؤدى إلى الغضب العام.
فالغضب يتصاعد بين مواطنى باكستان بوتيرة سريعة حيث يتجاوز التضخم 38 % سنويا، ويتجاوز الدين السيادى الآن 250 مليار دولار، كما أعلن البنك المركزى الباكستانى أن الديون الخارجية والمدفوعات الأخرى خفضت احتياطيات النقد الأجنبى إلى أقل من 9 مليارات دولار، وهو ما يكفى لستة أسابيع فقط من الواردات، كما خفضت إحدى وكالات التصنيف الائتمانى الكبرى التوقعات طويلة الأجل لباكستان إلى «سلبية».