روايات إيزابيل الليندي.. مائدة عامرة بالأطعمة والثقافات
الروائية التشيلية إيزابيل الليندي تحظى بشهرة واسعة في العالم العربي بعد أن ترجمت أغلب رواياتها المكتوبة بالإسبانية إلى العربية.
تعتبر الروائية التشيلية إيزابيل الليندي، واحدة من أشهر المبدعات اللواتي أولين اهتماما خاصا بالطعام في أعمالها المختلفة، إذ تعمقت إيزابيل في ثقافات الشعوب وعاداتهم في الطعام والشراب، ويعتبر كتابها "أفروديت" مرجعا لثقافة الطعام بين الشرق والغرب، فضلًا عن احتوائه على وصفات طعام كثيرة ومجربة.
وتحظى إيزابيل الليندي بشهرة واسعة في عالمنا العربي، حيث ترجمت أغلب رواياتها المكتوبة بالإسبانية إلى العربية عبر مترجمين بارزين مثل صالح علماني ورفعت عطفة.
والليندي روائية تشيلية وُلدت في أغسطس/آب 1942، ولا تزال واحدة من المرشحات البارزات لنيل جائزة نوبل للأدب، وتنتمي لكتاب الجيل الثاني من كتاب الواقعية السحرية الذين جاؤوا بعد جيل جابرييل جارسيا ماركيز.
وكان والدها توماس الليندي سفيرًا، وبفضل مهنته انتقلت للعيش في مناطق كثيرة من العالم منها بوليفيا، ولبنان، وتشيلي، وخلال الفترة منذ 1959 حتى 1965 عملت الليندي في منظمة الغذاء والزراعة التابعة للأمم المتحدة في سانتياجو، وفيما بعد في بروكسل، وأماكن أخرى في أوروبا ثم عادت إلى بلادها.
وفي سبتمبر/أيلول من عام 1973 حصل الانقلاب الشهير على عمها سلفادور الليندي الذي قُتل خلال الاستيلاء الدموي على (القصر الرئاسي التشيلي)، وبسبب انتمائها العائلي نفيت عام 1975 إلى فنزويلا حيث عملت في جريدة كاراكاس إل ناسيونال، كما عملت معلمة بمدرسة ثانوية، وبدأ نشاطها في مجال الدفاع عن حقوق المرأة والأطفال وحازت سمعة عالمية في المجال.
في عام 1981 رافقت جدها الذي كان يبلغ من العمر 99 عاماً، وعاشت معه لحظات ما قبل موته وبدأت خلال تلك الفترة كتابة روايتها الأولى "بيت الأرواح" التي جلبت لها شهرة كبيرة ووضعت اسمها إلى جوار كبار كتاب أمريكا اللاتينية.
وخلال زيارة إلى كاليفورنيا عام 1988 قابلت الليندي زوجها الحالي المحامي الأمريكي ويليام جوردون، وأقامت في سان رافاييل مُنذ ذلك الوقت، وكانت الصدمة الأكبر في حياتها وفاة ابنتها باولا في 1993 عن عمر 28 عاماً بعد دخولها في غيبوبة بسبب مضاعفات مرض البورفيريا.
كانت تأثيرات وفاة باولا على أمها شديدة، لكن الليندي كانت طوال حياتها امرأة قوية، فحولت ألمها إلى كتاب جميل استعادت فيه طفولتها وذكرياتها، سمته (باولا) على اسم ابنتها، وخصصت ريعه لدعم مراكز علاج السرطان.
وتبدو روايتها "أفروديت" أقرب إلى مائدة طعام، حيث إن أفروديت وفقًا للأساطير اليونانية القديمة هي إلهة الحب والجمال والشهوة، والأفروديتي هو أي نشاط يثير الرغبة بالحب.
وفي تلك الرواية تُكن إيزابيل الليندي احترامًا خاصًا للثوم والبصل في كتاباتها، على الرغم من الروائح غير الطيبة المنبعثة منهما عقب التهام أحدهم لأكلة تحتفي بهما أو أي منهما، فضلًا عن الرائحة النفاذة للبصل والثوم أيضًا.
وتشير الليندي إلى أن بعض الثقافات تنصح بالامتناع عن تناول أطعمة دسمة، حتى يتحقق الوصول إلى الصفاء والإلهام، بدعوى أن الطعام الثقيل على البدن يضفي بدوره ثقلًا على الروح أيضًا، ما يقف حائلًا بين من يسعى للوصول إلى حالة من التجلي تستلزم خفة في الروح بالأساس، إذ اكتشفت الليندي أن النهم هو طريق مستقيم نحو الشبق، وإذا ما جرى التقدم فيه أكثر قاد إلى ضياع الروح، ولذلك فإن الرهبان والمتصوفين ورجال الدين من كل الثقافات المختلفة الذين يتطلعون إلى الكمال الديني لا يهتمون كثيرا بالطعام، فهذا من وجهة نظرهم يحمي أرواحهم من الذهاب بعيدًا، ويجعلهم يسيطرون على شهواتهم.
وتشكل رواية "أفروديت "استراحة روائية بين أعمال أخرى كتبتها أكثر تعقيدا وتكمن أهمية هذه الرواية بالتحديد، ليس لموضوعها عن علاقة الحب بالطعام، ولكن بالطريقة الساحرة التي تكتب بها إيزابيل الليندي التي تقول: "نجح معي التداوي بالكتابة حول الحب والغذاء".
وتمدنا الرواية بقوائم ووصفات للأطعمة التي لجأت إليها الشعوب المختلفة لتأجيج المحبة إلا أنها تؤكد أن "الشيء المثير الوحيد هو الحب ذاته، عندما يحل الحب لا يهم العمر، أو فقر الفرص، أو بطء الجسد.. والحب مثل الحظ يصل حينما لا يستدعيه أحد، يجعلنا مشوشين، ثم يتبخر كالضباب حين نحاول الإمساك به".