كأس العالم تحكم.. 10 مشاهد تبرز كيف تطورت كرة القدم في 2022
شهد عام 2022 الكثير من الأحداث الرياضية والمشاهد المثيرة على صعيد كرة القدم، والتي تبرز بشكل كبير التطور الذي طرأ على اللعبة والنمو الذي شهدته خلال الفترة الأخيرة.
ولعل بطولة كأس العالم 2022 التي انتهت منافساتها منذ أيام قليلة خير دليل على ذلك النمو والتطور الذي تشهده كرة القدم، بعد المفاجآت الكبيرة والإثارة الشديدة التي شهدتها منافساتها على مدار ما يقرب من شهر.
وشهدت مباريات مونديال قطر 2022 إرهاصات مثيرة تمهد لتغييرات كبيرة في خريطة الكرة العالمية، تستعرضها "العين الرياضية" خلال السطور التالية.
توقيت كأس العالم الجديد
أدى تغيير موعد إقامة بطولة كأس العالم 2022 لتقام في الشتاء في منتصف موسم الكرة الأوروبية بدلا من موعدها المعتاد في الصيف إلى ربكة في جداول البطولات الأوروبية التي اضطرت إلى وقف مسابقاتها المحلية من أجل المونديال.
ورغم الانزعاج الذي أبداه بعض مسؤولي الكرة الأوروبية من هذا الأمر فإن المستوى الفني المثير الذي ظهر في بطولة كأس العالم 2022 أثبت للبعض أن توقيت الشتاء (الذي تم اختياره دون تخطيط مسبق لتجنب الأجواء الحارة صيفا في قطر) ربما يبدو مستقبلا أفضل من الصيف، وهو ما يفتح الباب امام تكرار التجربة.
ورغم توجيه انتقادات للتوقيت والتأكيد أن إقامة كأس العالم في الشتاء أدت لفقدان العديد من المنتخبات لعدد من لاعبيها بسبب الإصابات التي لحقت بهم نتيجة ضغط المباريات قبل المونديال فإن نظرة منصفة إلى الأوضاع في بطولات كأس العالم التي أقيمت من قبل في الصيف تثبت أن هذا الأمر غير جديد.
وكانت إصابات اللاعبين تحدث بشكل كبير أيضا قبل بطولات العالم التي تقام في الصيف، نظرا لأنها كانت تقام بعد مواسم طويلة ومرهقة، ورغم حصول اللاعبين على راحات سلبية لمدة أسبوعين في المعتاد فإن تلك الراحة لم تكن تكفي من أجل استعادة مخزون طاقتهم قبل خوض غمار المونديال.
وكان الإرهاق الذي يبدو على اللاعبين في مباريات كأس العالم الصيفية أمرا معتادا، وكذلك الإصابات التي تلحق بهم، وهو على العكس مما حدث في مباريات مونديال قطر التي تمتعت بالقوة والإثارة المتعة حتى دقائقها الأخيرة نتيجة عدم معاناة اللاعبين من الإرهاق بشكل كبير كما كان يحدث في نهاية المواسم.
سحر ميسي وإبداع الأرجنتين
توج ليونيل ميسي قائد منتخب الأرجنتين مسيرته الحافلة مع راقصي التانجو بتحقيق الحلم الذي طال انتظاره، عبر حصد لقب مونديال قطر 2022 للمرة الأولى في تاريخه رغم ظهوره في البطولة للمرة الخامسة مع الأرجنتين.
وفشلت محاولات ميسي السابقة في كأس العالم لأسباب تركز أغلبها في اعتماد لاعبي منتخب الأرجنتين على سحره في أغلب الأوقات، وهو ما كان يؤثر في كثير من الأحيان على الأداء الجماعي لراقصي التانجو، وينعكس كليا على نتائج الفريق الذي غاب طويلا عن منصة البطولات.
لكن الفترة الأخيرة شهدت الانتباه لتلك النقطة، وبدأ المدرب الشاب ليونيل سكالوني في معالجتها، ليتحول أداء الأرجنتين من الاعتماد كلية على ميسي إلى محاولة التعاون معه بشكل والعمل على تخفيف الضغط عنه، وهو ما أثمر أولا عن العودة للبطولات عبر حصد لقب كوبا أمريكا 2021.
وفي 2022 تطورت الأمور بشكل أكبر في منتخب الأرجنتين وتغيرت عقلية اللاعبين ليصبح الهدف هوه العمل من أجل ميسي وليس الاعتماد عليه، وهو ما حرر البرغوث بشكل كامل من الضغط الواقع عليه وجعله يلعب من أجل نثر سحره وإبداعاته في الملعب، مطمئنا إلى أن هناك لاعبين يقاتلون معه من أجل تحقيق الهدف.
وأدى تغير عقلية لاعبي الأرجنتين بذلك الشكل إلى إعادة كأس العالم إلى أرض التانجو بعد غياب 36 عاما، كما تمكن ميسي من استعادة رونقه محطما العديد من الأرقام القياسية رغم أنه تجاوز عامه الـ35، ليخرج أخيرا من ظل مواطنه الأسطوري دييجو مارادونا ويعود إلى الساحة الجدل مجددا عن الأعظم في تاريخ كرة القدم.
فوز السعودية على الأرجنتين
رغم تتويج منتخب الأرجنتين بكأس العالم في نهاية المطاف فإنه تلقى في بداية مشواره درسا يبرز بشكل كبير قدر التطور والنمو الذي شهدته كرة القدم في كل القارات، وذلك عندما خسر أمام المنتخب السعودي 1-2 في مستهل مبارياتهما بالمجموعات.
واعتبرت شركة نيلسن جريسنوت للإحصاءات تلك النتيجة تمثل أكبر مفاجأة في تاريخ كأس العالم، نظرا للأداء التاريخي الذي قدمه نجوم المنتخب السعودي، وإصرارهم على اقتناص الفوز من أحد عمالقة كرة القدم في العالم، والذي توج لاحقا بالمونديال، وهو الإصرار الذي جعل الأخضر يحقق هدفه وينهي اللقاء فائزا.
صفعات اليابان.. ووداع ألمانيا
مثل منتخب اليابان كذلك إحدى أبرز المفاجآت في كأس العالم 2022، وأبدى عدة أدلة واضحة على مدى التطور الذي شهدته كرة القدم مؤخرا، بعدما تصدر مجموعته التي ضمت معه العملاقين الإسباني والألماني، ملحقا الهزيمة بهما، في مشهدين يثبتان أن اللعبة باتت لا تبتسم إلا لمن يحترمها ويبذل الجهد من أجلها.
وتمكن الساموراي من إلحاق الهزيمة أولا بمنتخب ألمانيا بنتيجة 2-1، ليمهد له طريق الخروج من البطولة مبكرا للمرة الثانية على التوالي، قبل أن يثبت أن الأمر لم يأت صدفة، بعدما فاز مجددا على إسبانيا 2-1 وجعلها مهددة بالوداع حتى اللحظات الأخيرة، قبل أن تتأهل بشق الأنفس.
فوز تونس على فرنسا
رغم أن منتخب تونس لم يتمكن من إكمال مشواره في كأس العالم 2022 بنجاح، فإنه قد قبل رحيله دليلا على مدى تطور كرة القدم بعدما ألحق الهزيمة بمنتخب فرنسا حامل اللقب في آخر جولات المجموعات، متمسكا بآماله في التأهل حتى اللحظات الأخيرة.
ووضع منتخب تونس نفسه في موقف حرج، بخسارته في الجولة الثانية للمجموعات أمام أستراليا، بعد تعادله في الأولى أمام الدنمارك، ليبقى طريق التأهل مرهونا أولا بفوزه على فرنسا في المباراة الثالثة، مع عدم فوز أستراليا على الدنمارك، وهو ما رآه الكثيرون ضربا من المستحيل في شقه الأول.
لكن إصرار نسور قرطاج على التمسك بالحلم جعلهم يكسرون المستحيل ويفوزون على بطل العالم في مباراة ملحمية، غير أن الشق الثاني من المعادلة لم يتحقق حيث فازت أستراليا على الدنمارك، ليتأهل الكنغر مع فرنسا إلى الدور الثاني.
سقوط البرازيل
تلقى منتخب البرازيل هزيمة تاريخية رغم أنها لم تكن مؤثرة في دور المجموعات، عندما خسر أمام الكاميرون 0-1 بهدف قاتل في ثالث جولات المجموعات، وهي الهزيمة الاولى له في هذا الدور منذ 24 عاما، عندما خسر أمام النرويج في مونديال فرنسا 1998.
وأثبتت تلك المباراة التي دخلها الكاميرونيين بأمل ضئيل للتأهل لكن برغبة كبيرة في الثأر، أن كرة القدم لا تعطي إلا من يحترمها ويعطيها، وتبتسم في النهاية لمن يبذل من أجلها الجهد، حيث تمكن المنتخب الأفريقي من استغلال تراخي راقصي السامبا في خطف الفوز في الوقت القاتل، مصرا على التمسك بأمل التأهل للحظة الأخيرة.
إنجازات المغرب
سبب منتخب المغرب الانقلاب الأكبر في خريطة الكرة العالمية خلال مونديال قطر، بتحقيقه إنجازه التاريخي بالتأهل لنصف النهائي دون تلقي أي هزيمة، كأول منتخب عربي وأفريقي يبلغ هذا الدور.
وضرب أسود الأطلس كل التوقعات والتكهنات في مقتل، راسمين خريطة جديدة للكرة العالمية، حيث تعادلوا مع كرواتيا وصيف مونديال 2018، وفاوزا على بلجيكا ثالث البطولة ذاتها وكذلك منتخب كندا في دور المجموعات، ليتأهلوا في صدارة المجموعة.
وفي ثمن النهائي أطاح منتخب المغرب بالماتادور الإسباني الهادئ بركلات الترجيح، في مفاجأة كبرى، قبل أن يلحق به نظيره البرتغالي المتعجرف بالفوز عليه 1-0، لكن خبرة الفرنسيين في نصف النهائي تمكنت من إيقاف الإنجاز العربي، لكنه يبقى الأهم في النهاية أنه فتح الباب أمام كل المنتخبات من أجل الحلم مستقبلا.
دور 16 متكامل
تأهلت 3 منتخبات آسيوية إلى ثمن نهائي كأس العالم للمرة الأولى في التاريخ (اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا)، ومعها منتخبا المغرب والسنغال من أفريقيا، والولايا المتحدة من أمريكا الشمالية، والبرازيل والأرجنتين من أمريكا الجنوبية، بجانب 8 منتخبات أوروبية.
وأدى ذلك إلى تمثيل مميز لكل القارات في دور الـ16 وهو ما أدى لأن تكون مراحل خروج المغلوب في مونديال قطر هي الأكثر تنوعا في تاريخ البطولة، وانعكس ذلك على المستوى الفني للمباريات التي شهدت الكثير من الإثارة.
بكاء رونالدو وسقوط الأساطير
تصدّر مشهد بكاء الأسطورة كريستيانو رونالدو، قائد منتخب البرتغالي، عناوين الصحف ووسائل الإعلام العالمية، بعد توديع كأس العالم من ربع النهائي أمام المغرب، في مشهد أثبت للبعض أن الزمن الحالي لكرة القدم لم يعد فيه مكان للتابوهات والثوابت وتخليد الأساطير دون أن يكون بإمكانهم منح المزيد.
وبعد أيام من تخلي نادي مانشستر يونايتد عن رونالدو بسبب خلافاته مع الإدارة والمدرب إيريك تين هاج، الذي بات يعتمد عليه كلاعب بديل، تكرر الأمر مع رونالدو في منتخب البرتغال، حيث وضعه المدرب فرناندو سانتوس على مقاعد البدلاء في أحيان كثيرة، بعدما انتقدت الجماهير اعتماده عليه أساسيا رغم عدم إفادته للفريق.
وجاء مشهد وداعه المر للبطولة ليؤكد أن البقاء في ملاعب كرة القدم حاليا للأقوى والأجهز ومن يستطيع أن يواصل العطاء حتى النهاية، وأنه تطور اللعبة لم يعد يسمح ببقاء لاعب لم يعد قادرا على العطاء، حتى لو كان ذلك اللاعب يحسب في عداد الأساطير الذين مروا على تاريخها.
تفاؤل ديشامب
كان ديدييه ديشامب، مدرب منتخب فرنسا، واحدا من الخبراء الذين أدركوا أن التطور الذي شهدته كرة القدم كان أكبر من يقف أمامه أحد، وهو ما جعله يفتح باب الأمل أمام جماهير بلاده ولاعبيه رغم خسارة لقب كأس العالم 2022 في الخطوة الأخيرة.
وبينما كان الفرنسيون يصرخون من الألم، عقب الخسارة بركلات الترجيح من الأرجنتين، قال ديشامب إن فريقه بات زاخرا بمخزون كبير من المواهب، يعد بمستقبل مشرق للديوك خلال النسخ المقبلة من كأس العالم، متوقعا من الآن أنه سينافس بقوة على البطولة المقبلة.
يورو السيدات
وبعيدا عن بطولة كأس العالم 2022، وكرة القدم الخاصة بالرجال، حظيت منافسات السيدات هي الأخرى بلحظات لا تنسى في 2022، لا سيما في كأس أمم أوروبا التي تمكنت إنجلترا من الفوز بها عن جدارة واستحقاق.
وأحرج منتخب سيدات إنجلترا منتخب الرجال الذي ودع كأس العالم من ربع النهائي بالخسارة 1-2 من فرنسا، حيث توجن باليورو تحت أعين رقم قياسي من الجماهير الحاضرة بملعب ويمبلي، بالفوز على ألمانيا في النهائي.
وجاء هذا اللقب بعد 56 عاما من فوز رجال إنجلترا على ألمانيا في نهائي كأس العالم 1966، والتي ظلت الكأس الكبيرة الوحيدة التي فازت بها منتخبا إنجلترا للكبار رجالا أو سيدات حتى ذلك التاريخ.
وكشفت البطولة مدى التطور الهائل الذي تحققت في الكرة النسائية بإنجلترا، التي حظر اتحادها منافسات السيدات لما يقرب من 50 عاما منذ عام 1921.
وسجلت يورو السيدات رقما قياسيا في عدد المشاهدات، حيث أصبحت النسخة الأكثر مشاهدة في تاريخ البطولة، وسجلت اللعبة انتشارا أكبر وحظيت بجماهير أكثر بين الجماهير الإنجليزية بعدما ظلت في الجانب المظلم من الاهتمام لوقت طويل.
وكان من ثمار البطولة زيادة الجماهير في الدوري الإنجليزي الممتاز للسيدات بنسبة 200% عن الموسم الماضي، مع وجود جيل جديد من المشجعين للعبة، بما مثل تطورا آخر لكرة القدم في هذا الصدد.