ترحيل قسري ومواجهة المتطرفين.. خياران للسوريين بتركيا "أحلاهما مر"
الأمن التركي بدأ حملة أمنية لاعتقال آلاف السوريين وترحيلهم إلى معسكرات في المناطق الحدودية أو إلى بلدهم رغم الصعوبات الأمنية هناك.
يعيش مئات السوريين في تركيا، حالياً، رحلة مأساوية تبدأ باعتقال مرير، ثم ترحيل قسري إلى استجواب على يد متطرفين في مقاطعة لا تزال تشهد غارات وأوضاع أمنية صعبة.
ومنذ منتصف يوليو/تموز الماضي، يشن الأمن التركي حملة أمنية لاعتقال الآلاف من السوريين وترحيلهم إلى معسكرات في المناطق الحدودية أو إلى بلدهم رغم الصعوبات الأمنية هناك، وتحديداً إلى محافظة إدلب.
تلك الحملة، مدفوعة بالأساس بخسائر النظام التركي في الانتخابات البلدية بالمدن الكبرى وخاصة إسطنبول، ومحاولة الرئيس رجب طيب أردوغان استمالة الناخبين الرافضين لوجود اللاجئين.
والشهر الماضي، كان المواطن السوري محمد، يستعد للذهاب لعمله في إسطنبول في الثامنة صباحا، حينما داهمته الشرطة التركية.
حاول محمد إظهار أوراقه وجواز سفره، لكن الشرطة لم تترك له وقتا وقيدت يديه، ودفعته لحافلة تنتظر أمام منزله.
وفي الحافلة، كان يجلس 35 سوريا آخرون، بلا طعام أو مياه نظيفة، كما أبلغ محمد صحيفة دي تسايت الألمانية الخاصة من إدلب، في اتصال عبر تطبيقات التواصل على الإنترنت.
وبعد 18 ساعة على متن الحافلة، ترك المسؤولون الأتراك، المرحلين وبينهم محمد، في موقع يقع تحت سيطرة متطرفين في إدلب.
ووفق دي تسايت، تثير عمليات الترحيل الرعب في صفوف ٣.٦ مليون سوري متواجدين في تركيا.
ونقلت الصحيفة عن شاب سوري لم تذكر اسمه قوله: "كل السوريين هنا يعلمون أن هذه الحملة الأمنية هي مجرد بداية".
وتابع: "الوثائق والإقامات الشرعية لم تعد تحمي أحداً".
وبحسب "دي تسايت"، فإن عمليات الترحيل لسوريا لا تتطلب سوى اعتقال المرحلين، وتقييد أيديهم، وحملهم في حافلات عبر الحدود.
وتحدث الناشط السوري خالد خوجة للصحيفة، قائلا: "في الأسبوع الثالث من يوليو/تموز الماضي فقط، أحصينا 400 حالة ترحيل قسري لإدلب".
وأضاف: "عقب وصول المرحلين لإدلب، يجري استجوابهم من قبل متطرفين متحالفين مع النظام التركي".
وتمزق عمليات الترحيل القسرية للسوريين العائلات، وتترك العديد من النساء والأطفال بلا عوائل في تركيا، بسبب اعتقال الرجال.
وتنفي تركيا بشكل رسمي قيامها بأي عمليات ترحيل قسري للسوريين إلى بلدهم، وتصر على أنها تعيد اللاجئين غير المسجلين في إسطنبول إلى المقاطعات التركية المسجلين فيها.
ويبلغ عدد السوريين المسجلين في تركيا ٣.٦ مليون شخص منذ عام 2011، بينهم ٥٤٧ ألفا في إسطنبول وحدها، غير أن نحو ٣٠٠ ألف شخص إضافيين يعيشون في المدينة التي تعد العاصمة الاقتصادية، بدون تسجيل.
ووفق صحيفة دي تسايت السياسية المرموقة، فإن الاتحاد الأوروبي وقع مع تركيا في ٢٠١٦، اتفاقا يهدف للحد من تدفق اللاجئين إلى القارة العجوز بشكل غير شرعي، مقابل منح أنقرة ٦ مليارات يورو لتوفير الحاجات الأساسية لهم على أراضيها؛ لكن أنقرة لا تلتزم بهذا الاتفاق بشكل واضح.
وأشارت الصحيفة الألمانية إلى أن أنقرة تسلمت بالفعل 2.3 مليار يورو من أصل 6 مليارات من الاتحاد الأوروبي، لكنها استخدمت هذه الأموال في بناء ١٨ مدرسة في عموم البلاد.
الصحيفة ذكرت أنه إذا حاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الضغط على التكتل الأوروبي عبر فتح الطريق إلى أوروبا أمام اللاجئين، ستكون بلاده أكبر الخاسرين.
وأوضحت أن "تركيا ستتحول في هذه الحالة إلى دولة ممر أو ترانزيت، وستشهد موجة من اللاجئين القادمين من الشرق الأوسط وأفريقيا ويمنون النفس بالعبور إلى أوروبا".
وأضافت: "تركيا، بوضع اقتصادها الحالي، لن تتحمل هذه الموجة من اللاجئين".
وقبل أيام، ذكر موقع "تي ايه تست" الإخباري الألماني أن الحملة الأمنية التركية ضد اللاجئين بما تشمله من مداهمات للمنازل "غير قانونية"، مضيفا أنها "انتهاك صارخ للقانونين الدولي والتركي".
ونقلت عن الخبير القانوني غزوان كورونوف قوله "مداهمات الشرطة التركية لمنازل السوريين انتهاك واضح للقانون".
ومضى قائلا: "القيام بمداهمات للمنازل لفحص الإقامة أو جوازات السفر أمر غير قانوني على الإطلاق"، متابعا: "كما أن عمليات ترحيل اللاجئين لمناطق غير مستقرة أمنيا، يعد انتهاكا للقوانين الدولية".
ولفت الموقع في التقرير الذي أعده مراسلوه في إسطنبول إلى أن الشرطة التركية نقلت آلاف السوريين المعتقلين إلى معسكرات في مناطق حدودية لا تتوفر فيها خدمات أو فرص عمل أو الحد الأدنى من الحياة الآدمية.
وتابع أن المحتجزين في هذه المعسكرات لا يحصلون سوى على كميات محدودة من الغذاء، ولا يعاملون بشكل إنساني، مضيفا: "كما أن كثيرين منهم يجرى ترحيلهم بشكل قسري لسوريا".
ونبه إلى أن السلطات التركية تجبر المرحلين على توقيع وثيقتين، الأولى تفيد بأنهم عادوا طواعية لسوريا، والثانية تشمل تعهدا بعدم العودة لتركيا خلال الخمس سنوات المقبلة.
وذكر تقرير سابق للقناة الأولى بالتلفزيون الألماني نشر الشهر الماضي أن حقوقيين أتراكًا رصدوا استعمال الشرطة للعنف ضد اللاجئين السوريين بشكل متزايد.
aXA6IDE4LjExOS4xMDUuMTU1IA==
جزيرة ام اند امز