هل تنجح القروض الخارجية في "فك نحس" الاقتصاد التونسي؟
أزمات اقتصادية متوالية تواجهها تونس منذ أواخر عام 2010، ما دفع حكومة الشاهد للقروض الخارجية كحل عاجل فهل تنجح في إنعاشه؟
أزمات اقتصادية متوالية تواجهها تونس منذ أواخر عام 2010 وحتى الآن عقب الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي، حيث تجلت تراكمات ونتائج تلك السنوات التي شهدت صراعات سياسية على الأوضاع الاقتصادية الحالية.
الحلول التقليدية من جانب الحكومة التونسية لم تختلف عن مثيلاتها في الدول المجاورة، ما بين تقشف وزيادة في الضرائب والجباية في مشروع الموازنة الجديد لعام 2017 وتقليص الدعم الحكومي على خدمات الكهرباء والمياه والغاز، ثم الاتجاه للاقتراض الخارجي على طريقة جارتها "مصر".
وكانت حكومة يوسف الشاهد التي تسلمت السلطة في أغسطس/آب الماضي قد فوجئت بتراجع كبير في القطاعات الاقتصادية كافة في البلاد على رأسها السياحة والقطاع الزراعي والمصرفي والضرائب، وهو ما وضعها أمام مواجهة حتمية مع الواقع الجديد ودفعها لتجميد الزيادة في الأجور بالقطاع العام حتى عام 2019 ثم التراجع عن القرار هذا العام بعد ضغط شعبي وعمالي.
توقعات الخبراء حذرت من عام صعب على التونسيين نتيجة إجراءات التقشف في الموازنة الجديدة، لافتين إلى أن ذلك سيظهر في القوة الشرائية للتونسيين وسط مخاوف ارتفاع الأسعار مع تنفيذ الحكومة لقرار الحد من زيادة الأجور في العام المقبل وفق اتفاق مبرم مع الاتحاد التونسي للشغل.
ولم تتوقف الحكومة عن إجراءات التقشف فقط، بل اتجهت لسياسة الاقتراض الخارجي، وهو ما أثار حفيظة المحللين الاقتصاديين الذين حذروا من انهيار الاقتصاد ككل وتفشي الاضطراب الاجتماعي في البلاد.
وقالت وزيرة المالية التونسية لمياء الزريبي، الخميس الماضي، إن متطلبات تونس من القروض الخارجية سترتفع الى 3.71 مليار دولار في 2017 أي نحو مليار دولار إضافية عن التقديرات السابقة بسبب تراجع الموارد وتزايد الإنفاق.
وتحتاج تونس إلى تمويل أجنبي متزايد لتغطية عجز ميزانية العام المقبل المتوقع أن يصل الى 5.4%.
وفي حديث مطول للمحلل السياسي فريد العليبي أستاذ الفلسفة السياسية بجامعة تونس لوكالة أنباء الشرق الأوسط، قال "إن الحل في الأزمة الاقتصادية ليس في الحلول الخارجية مثل القروض والهبات والاستثمارات وإنما في القضاء على الفساد والتوزيع العادل للثروات والتركيز على التنمية في قطاعات إستراتيجية خاصة الزراعة".
وأكد العليبى أن الأزمة المالية والاقتصادية في تونس تعود إلى سنوات طويلة انتشر خلالها الفساد والاستغلال، معتبراً أن حل الأزمة ليس في الحلول الخارجية مثل القروض والهبات والاستثمارات التي عبر عنها المنتدى الدولي للاستثمار تونس 2020 وإنما بحلول داخلية.
وشكك العليبي في تحول بعض وعود تقديم تلك المبالغ الضخمة المعلن عنها خلال المنتدى الاستثماري إلى واقع فعلي على الأرض، لافتاً إلى حصول تونس على وعود شبيهة في السابق مثل تلك التي حصلت عليها خلال مؤتمر الثمانية الكبار.
وفي وقت سابق هذا العام قالت الحكومة، إنها ستحتاج إلى قروض بقيمة 2.78 مليار دولار في 2017 أي نحو مثلي 2016.
ووفق دراسة أعدها المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية (ITCEQ)، أكدت أن تونس قادرة على تحمل ديونها رغم الهشاشة الناجمة عن تنامي حجم الدين الخارجي، فهي تمثل مستوى معتدلاً من المخاطر، فيما يظل دينها الخارجي ممكن السداد على المدى المتوسط، في الوقت الذي لم تحدد فيه الدراسة مدى قدرة تونس على مزيد من الاقتراض.