أوروبا تحت رحمة كورونا.. حظر التجول لمواجهة الموجة الثانية
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يقول إن حظر التجول سيُفرض في منطقة باريس الكبرى ومرسيليا وتولوز ومونبلييه و5 مدن أخرى.
فرضت فرنسا حظر التجول ليلا في حين عمدت دول أوروبية أخرى إلى إغلاق المدارس وإلغاء عمليات جراحية واستدعاء جيوش من طلاب الطب للعمل وسط ضغوط هائلة على السلطات التي تواجه أسوأ سيناريو لارتفاع حالات كوفيد-19 مع دخول فصل الشتاء.
ومع وصول حالات الإصابة الجديدة فيها إلى حوالي 100 ألف يوميا، تجاوزت أوروبا، بفارق كبير، الولايات المتحدة التي تشهد تسجيل أكثر من 51 ألف إصابة بكوفيد-19 في المتوسط يوميا.
وخففت أغلب الحكومات الأوروبية إجراءات العزل العام في الصيف للبدء في إنعاش اقتصاداتها المتجهة بالفعل نحو تراجع لم يسبق له مثيل وفقدان للوظائف بسبب الموجة الأولى من تفشي فيروس كورونا.
لكن العودة للأنشطة الطبيعية- من المطاعم المزدحمة إلى بداية العام الجامعي الجديد- تسببت في زيادة حادة في حالات الإصابة في مختلف أرجاء القارة.
وكانت الحانات من أول ضحايا إجراءات العزل العام الجديدة، إذ أصدرت السلطات أوامر بإغلاقها أو تقليص مدة عملها. ولكن ارتفاع الحالات حاليا يختبر عزم الحكومات على إبقاء المدارس ومنشآت الرعاية الصحية لغير مرضى كوفيد-19 مفتوحة.
بل إن البابا فرنسيس خضع لقواعد فيروس كورونا الجديدة، وظل على مسافة آمنة من الحشود في عظته الأسبوعية، الأربعاء.
وفي لشبونة، لم يُفاجأ مشجعو كرة القدم بعد أن ثبتت إصابة قائد منتخب البرتغال كريستيانو رونالدو بالفيروس، قائلين إن الجائحة أظهرت ببساطة أن الجميع معرض لخطر الإصابة وإن الرياضيين المشهورين ليسوا استثناء.
وحولت جمهورية التشيك، أعلى دول أوروبا إصابة بالفيروس بالنسبة لعدد السكان، المدارس إلى نظام التعليم عن بعد وتخطط لاستدعاء آلاف من طلبة الطب. وتخفض المستشفيات حالات التدخل الطبي غير العاجل لإخلاء أسرة للمرضى.
وقالت لينكا كيرياكوفا كبيرة الممرضات في مستشفى سلاني قرب براج حيث يعكف البناؤون على تحويل العنبر العام إلى وحدة لعلاج كوفيد-19 "أحيانا نكون على وشك البكاء".
وتكثف بولندا تدريب العاملين بالتمريض وتدرس إقامة مستشفيات ميدانية عسكرية وستحول موسكو العديد من الطلبة إلى نظام التعليم عن بعد في حين تغلق أيرلندا الشمالية المدارس لمدة أسبوعين.
وقال باول جريزسيوسكي خبير المناعة في بولندا التي سجلت 6526 حالة إصابة و116 حالة وفاة اليوم الأربعاء "ليس لدي أي معلومات طيبة. نحن على شفا كارثة".
في غضون ذلك، منحت روسيا، التي سجلت زيادة يومية قياسية في الحالات، موافقة الجهات التنظيمية على لقاح ثان.
وتقاوم القوى الأوروبية الكبرى مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا حتى الآن الضغوط لإغلاق المدارس وهي الخطوة التي أوجدت صعوبات أثناء إجراءات العزل العام في الربيع إذ تناوب أولياء الأمور على العمل من المنزل ورعاية الأطفال.
وفي ألمانيا يبحث الساسة ما إذا كانوا سيمدون العطلة المدرسية في عيد الميلاد والعام الجديد للحد من انتقال العدوى، غير أن منتقدي الفكرة يقولون إنه ليس هناك دليل على أن المدارس كانت بؤر انتشار للمرض.
وعاودت هولندا فرض عزل عام جزئي اليوم الأربعاء فأغلقت الحانات والمطاعم وأبقت على المدارس مفتوحة.
وبلغ معدل الإصابة اليومي في أوروبا مئة ألف حالة- أي نحو ثلث الإصابات العالمية- مما أجبر الحكومات على تشديد القيود مع محاولة لوضع معايير لها بحيث تحمي الصحة دون أن تدمر سبل كسب الرزق.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن بريطانيا وفرنسا وروسيا وإسبانيا مثلت أكثر من نصف حالات الإصابة الجديدة في أوروبا في الأسبوع المنتهي في 11 أكتوبر/ تشرين الأول.
وفي الولايات المتحدة، حيث يوجد أكبر عدد من الإصابات المؤكدة في العالم، سجلت 22 ولاية منذ بداية أكتوبر/ تشرين الأول أرقاما قياسية للزيادات في الحالات الجديدة. لكن الوفيات تتجه نحو الانخفاض وبلغت في المتوسط 700 يوميا خلال الأسبوع الماضي.
ويواجه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون دعوات من المعارضة لإعلان إجراءات العزل العام من جديد في البلاد لكنه يقاوم حتى الآن. ومع ذلك، فإن دخول المستشفيات يتصاعد، وأصبحت المنشآت الطبية الميدانية التي شُيدت في الربيع جاهزة مرة أخرى.
وذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" الأمريكية أن لندن ستواجه قيودا أكثر صرامة في غضون أيام.
وفي إسبانيا، من المقرر أن تعلن السلطات في إقليم قطالونيا إما إغلاق الحانات والمطاعم لمدة أسبوعين أو تخفيض كبير في ساعات العمل فيها.
وفي بلجيكا، ثاني أعلى دول أوروبا إصابة بالنسبة لعدد السكان، يتعين على المستشفيات الآن حجز ربع أسرتها لمرضى كوفيد-19.
وقال رينو مازي، العضو المنتدب لعيادات جامعة سانت لوك في بروكسل لراديو لا برويميير "لا يمكننا رؤية نهاية النفق اليوم".
وفي أستراليا، وهي واحدة من أنجح الدول في مكافحة الفيروس، ظهرت بؤر تفش في أكبر ولايتين من حيث عدد السكان، مما دفع نيو ساوث ويلز إلى تأجيل تخفيف بعض القيود.
وفرضت ماليزيا قيودا جديدة، إذ أرجأ القصر الملكي جميع الاجتماعات لمدة أسبوعين.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأربعاء، إن فرنسا ستفرض حظر التجول ليلا على نحو ثُلُث سكان البلاد الذين يقدر عددهم بنحو 67 مليون نسمة للتصدي لفيروس كورونا المستجد، لكن من غير المُتصور فرض إجراءات العزل العام من جديد في أنحاء البلاد.
وجاء إعلان ماكرون، الذي سيدخل حيز التنفيذ اعتبارا من يوم السبت ويطبق كل ليلة اعتبارا من الساعة التاسعة مساء وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، بعد وقت قصير من إعلان الحكومة حالة طوارئ في مجال الصحة العامة.
وسوف تستمر هذه القيود لمدة 4 أسابيع على الأقل.
وقال الرئيس الفرنسي إن حظر التجول سيُفرض في منطقة باريس الكبرى ومرسيليا وتولوز ومونبلييه وخمس مدن أخرى.
وأضاف في مقابلة مع التلفزيون الفرنسي "نشهد موجة ثانية وعلينا أن نتحرك".
وتكافح فرنسا، مثل الدول الأوروبية الأخرى، بخصوص كيفية إبطاء انتشار الفيروس وتخفيف الضغط على نظام الرعاية الصحية مع الحفاظ على اقتصادها الذي تبلغ قيمته 2.3 تريليون يورو (2.71 تريليون دولار) مفتوحا وتحمي الوظائف.
وسجلت فرنسا 22591 إصابة جديدة بفيروس كورونا اليوم الأربعاء، وهي المرة الثالثة في 6 أيام التي يتجاوز فيها العدد اليومي عتبة 20 ألفا. وأودى الفيروس بحياة أكثر من 32 ألف شخص في البلاد.
وأشار ماكرون إلى أن فرنسا لم تفقد السيطرة على الفيروس، لكنه قال "نحن في وضع مقلق".
وقال إن على المواطنين في ظل حظر التجول عدم ارتياد المطاعم أو زيارة الأصدقاء. لكن سيظل مسموحا بالخروج للضرورة.
وذكر أن أي شخص ينتهك حظر التجول سيتعرض لغرامة قدرها 135 يورو (159 دولارا).
وقال إنه لن تكون هناك قيود على النقل العام وسيظل بإمكان الناس السفر بين المناطق الفرنسية دون قيود. أما التجمعات العائلية فيجب ألا تزيد عن 6 أشخاص.
وأوضح ماكرون أن الهدف هو خفض المعدل الحالي للإصابات البالغ 20 ألف حالة جديدة في اليوم إلى نحو 3000 وتقليل العبء بشكل كبير عن كاهل وحدات العناية الفائقة في المستشفيات.
وقال "سنتجاوز ذلك" الوضع.
وسبق أن أعلنت الحكومة الفرنسية حالة الطوارئ في مجال الصحة العامة في مارس/ آذار الماضي، عندما اقترب معدل دخول المستشفيات بسبب الجائحة من ذروته.
وفي ذلك الوقت، استخدمت الأجهزة المعنية سلطاتها الإضافية لإجبار الناس على البقاء في المنزل باستثناء العمل الأساسي أو شراء الطعام أو ممارسة الرياضة لمدة ساعة واحدة يوميا.
ورُفعت حالة الطوارئ في البر الرئيسي لفرنسا في يوليو/ تموز بعد انحسار عدد حالات مرض كوفيد-19. لكن منذ ذلك الحين عاد المرض للانتشار مجددا.
aXA6IDUyLjE0LjEwMC4xMDEg جزيرة ام اند امز