ماكرون يرفض تشكيل "حكومة وحدة".. 4 سيناريوهات على الطاولة
في أول تصريحات له على نتائج الانتخابات التي مني فيها بخسارة "قاسية"، رفض الرئيس الفرنسي، الأربعاء، فكرة تشكيل حكومة وحدة وطنية.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في خطاب أذاعه التلفزيون اليوم الأربعاء، إن فكرة تشكيل حكومة وحدة وطنية "غير مبررة حتى الآن" للخروج من الأزمة الناجمة عن الانتخابات التشريعية، مؤكدًا أنه سيعمل على تشكيل أغلبية خلال الأسابيع المقبلة.
وفيما قال ماكرون، إن جميع قادة الأحزاب في البرلمان الفرنسي متفقون على ضرورة تجنب الجمود السياسي، أكد أن جماعات المعارضة أشارت إلى استعدادها للعمل مع حكومته بشأن "مواضيع رئيسية"، مثل كلفة المعيشة والوظائف والطاقة والمناخ والصحة.
وأكد الرئيس ماكرون، أنه يجب إبرام اتفاقات جديدة بين الأحزاب، مشيرًا إلى أن صناع القرار السياسي بحاجة الآن إلى التوصل إلى حلول وسط.
مشكلات اجتماعية
وأقر ماكرون بأن الانتخابات البرلمانية أظهرت المشكلات الاجتماعية في فرنسا، لكنه دعا أحزاب المعارضة إلى "التخلي عن الاقتتال الداخلي وتجاوز الشؤون السياسة"، ما يعني -وفق الرئيس الفرنسي- أنه "سيتعين علينا معا إيجاد طريقة جديدة للحكم والتشريع".
ودعا الرئيس الفرنسي أحزاب المعارضة إلى "التوضيح بشفافية تامة خلال الأيام المقبلة، إلى أي مدى هم على استعداد للذهاب" في دعمهم إجراءات قال إنها لن تمول بضرائب أعلى.
وأكد أنه "تحدّث أمس واليوم مع قادة كل الأحزاب السياسية" و"أعرب الجميع عن احترامهم لمؤسساتنا ورغبتهم في تجنب العرقلة".
وشهدت الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي أجريت يوم الأحد الماضي، اختراقا غير مسبوق للتجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان منافسة ماكرون، بعد حصوله على 89 نائبا، فيما حصل الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد (ائتلاف يساري) بقيادة زعيم اليسار الراديكالي جان-لوك ميلانشون على 131 نائبا.
4 سيناريوهات
وحول السيناريوهات المتاحة أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي حرم من الغالبية المطلقة في الانتخابات التشريعية، قالت "فرانس برس"، إن اتفاقًا برلمانيًا مع المعارضة لا سيما حزب الجمهوريين اليميني الذي فاز بـ61 مقعدا، من شأنه أن يؤهله لتجاوز عتبة الـ289 نائبا الضرورية للتمتع بالغالبية المطلقة لتمرير نصوص القوانين.
وأكدت الخبيرة الدستورية آن-شارلين بيزينا لإذاعة "آر إم سي"، أن "هذا حل على الطريقة الألمانية"، مشددة على أن هذا الحل يقوم على "إعطاء ضمانات للحزب الآخر".
ويمكن في هذا الإطار لأعضاء في حزب الجمهوريين الانضمام إلى الحكومة. لكن رئيس هذا الحزب كريستيان جاكوب أكد الأحد أن حزبه سيبقى "في صفوف المعارضة"، فيما أوضح الخبير السياسي باسكال بيرينو لوكالة فرانس برس "في الوقت الراهن يغلقون الباب لكن الوضع قد يشهد تطورات".
اتفاقات ظرفية
أحد السيناريوهات المحتملة، الذي يقوم على إدارة الحكم من دون غالبية ثابتة ومستقرة والسعي إلى تحقيقها كلما طرح مشروع قانون جديد.
وأكد دومينيك روسو أستاذ القانون الدستوري في جامعة "بانتيون-سوربون" لوكالة فرانس برس: "بشأن إصلاح نظام التقاعد، قد يسعى إيمانويل ماكرون إلى دعم من الجمهوريين الذين يؤيدون هذا الإصلاح".
وأضاف هذا الخبير الدستوري "على صعيد التحول البيئي قد يعتمد على اليساريين بشكل متفرق ويكسر تاليا الائتلاف اليساري" من خلال السعي إلى استقطاب أصوات المدافعين عن البيئة الذين ينضوون تحت لواء هذا التحالف اليساري.
وشدد بيرينو في المقابل على أن "الاتفاق على كل ملف على حدة أمر ممكن، لكنه ليس سهلا"، معتبرا أن الحركة الوسطية الليبرالية التي يتزعمها ماكرون والتي حكمت بغالبية مطلقة خلال الولاية الأولى "لا تتميز بميلها إلى التسويات".
حل الجمعية الوطنية
حلّ الجمعية الوطنية سيف ذو حدين أيضا، قال عنه الخبير الدستوري، إن ماكرون يمكنه اللجوء إلى هذا الحل متى شاء، إلا أنه حذر من أن "حل الجمعية الوطنية لا يمكن أن يحلها مرة جديدة خلال سنة كاملة".
وأكد "من الناحية الدستورية يمكنه أن يحل الجمعية في الأيام المقبلة لكن سياسيا اللعبة خطيرة جدا".
وأكد بيرينو "سيكون ذلك بمثابة انتحار سياسي نظرا إلى الموجة المناهضة لماكرون في البلاد"، متوقعا في حال اللجوء إلى هذا الحل، حصول نتائج عكسية شبيهة بتلك التي سجلت العام 1997 عندما عمد الرئيس اليميني جاك شيراك إلى حل الجمعية الوطنية لكنه اضطر إلى تشكيل حكومة تعايش مع اليسار.
ورأى روسو "من الناحية السياسية من مصلحة ماكرون الانتظار ليكون لديه تبرير موضوعي لحل" الجمعية مثل حصول تعطيل فيها.
استفتاء
يشكل الاستفتاء حلا آخر للالتفاف على البرلمان. وشدد روسو على أن "المادة 11 من الدستور تسمح بتنظيم استفتاء بشأن كل المسائل المتعلقة بالسياسة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في البلاد".
وأضاف "من الممكن تصور إيمانويل ماكرون يمرر القانون حول القدرة الشرائية عبر استفتاء"، مشددا في الوقت ذاته على أنه هو أيضا "سيف ذو حدين"، إذ إن الناخبين لا يحبذون عادة الالتفاف بهذه الطريقة على النواب.
الاستقالة
السيناريو الأقل ترجيحا هو الاستقالة، لكنه وارد؛ استقالة ماكرون الذي أعيد انتخابه في 24 نيسان/أبريل لولاية ثانية من خمس سنوات والدعوة إلى انتخابات رئاسية جديدة.
وقال روسو محذرا "سيشكل ذلك مقامرة" خصوصا أن مسألة تمكن الرئيس من الترشح مجددا ستطرح.
وأوضح الخبير الدستوري "يحظر الدستور تولي أكثر من ولايتين، لكن هل سيتمكن من الترشح بقوله إنه لم ينجز ولايتين كاملتين"، متوقعا حدوث نقاش لا نهاية له حول هذه المسألة.